وترجَّلَ عميد الحراس

> محمد فيصل باحميش

>
محمد باحميش
محمد باحميش
* بعد معركة حامية الوطيس ، بين قوى فكري التقليدية ، وقوى الحداثة والمعاصرة ، انبثقت أخيراً فكرة الموضوع ، كما ينبثق ضوء النهار من جلباب الليل البهيم فشقّت طريقها لتصل مراكز التشكل الجيوفيزيائي ، فجلستُ القرفصاء كعادتي ، وأمسكت بيراعي لأشرع في بناء الفكرة منطقياً لتستقيم على عودها ، إلا أنه تمنّع وأبى أن يخطّ ولو كلمة واحدة!.

* لا أدري ما الذي حمله على إعلان تمرده؟ إلا عندما تدخلت قوى استغلال الأحداث الفكرية ، لتلفت نظري إلى خبر ، تحرك معها اليراع طواعية ، تتبعت مساره ، فإذا هو قد نقش عبارة بحبر الدموع "وترجّل عميد الحراس" ، عندها تشتت فكري ، وفقدت خاصية التوازن الانفعالي ، حاولت السيطرة على كياني ثم قلتُ : أيُعقل أن يمر هذا الحدث المؤسف دون أن أدليَ بدلوي ، فقمتُ بضبط موجة الاستقطاب على قناة فقيدنا الاستثنائية.

* لقد شيّد فقيدنا أسوار قلعته الاسماعيلية بأدوات بناء من تصميمه الخاص ، وإن ولادتي المتأخرة ، لم تمكنني من التطاول ، لأرى ذلك التاريخ وهو يُكتب بحبر الإبداع ، فَقَدَتْ عيني قدرتها على التحليل الجمالي ، بحكم أنها لم تشاهد ذلك الطائر وهو يحلق بجناحيه ، والذي ما إن تلج الكرة محيطه الجيوغرافي إلا وتطوع لخدمة أجنداته ، فتتكسر كرات المهاجمين كتكسر الموج ويبطل مفعولها حتى قبل ملامسة قفازه الذهبي.

* ترجَّل عادل عن صهوة جواد الحياة بعد أن عدّل أوتار كرة القدم وأضاف لقاموسها الجمالي الكثير من مفردات الألق الرياضي ، ترجّل بعد أن كتب أروع السيناريوهات الفنية بيديه ، والتي لو ترجمت إلى أعمال درامية لتصدرت الدراما الهوليودية العالمية ، ودخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية.

* رحل العندليب عن دنيانا باكراً مستقلاً قطار الحب الجماهيري ، وخلف إرثاً كروياً وموروثاً أخلاقياً يصعب محاكاته، ولو استخدمت في سبيل ذلك ريشة الفنان الشهير (بيكاسو) ، رحل ولكن ذكراه لا تزال حاضرة ، توارى عن الأنظار ، ولكن انجازاته لا زالت ماثلة ، غادر المشهد ولكن لا يزال سحره الكروي ساري المفعول حتى بعد فك طلاسم تعويذاته وانسحابه الدرامي من صفحة الحياة الديناميكية.

* دعوة إلى كل فيزيائي يبحث في قوانين الطبيعة ، ونظرياتها العلمية ، إلى قراءة تفاصيل هذه الأسطورة الكروية ، وتحليل كل تصدياته بأبعادها وزواياها الاحترافية فلا يزال في خفاياها الكثير من تلك القوانين لم يُكشف عنها النقاب بعد، ولم تصل إليها عقول فطاحلة هذا العلم كنيوتن وغيره.

* ترجّل العميد عادل اسماعيل بعد أن أعاد مركز الحراسة إلى صفحة كتاب الرياضة الأولى وقد كان يقبع في هامشه الأسفل ، ولا تسلط عليه سوى عدسات المحللين الجانبية ، هذا الظهور النوعي فتح باب مركز الحراسة على مصراعيه لتعلن خارطة اليمن الكروية عن ولادة نجوم تلألأت في هذا المركز على غرار المرحوم عارف عبدربه وابراهيم عبدالرحمن ووليد عبدالإله والإعلامي المتألق مختار مشرقي.

* عادل ظاهرة كروية فلكية تشكّلت في عالم مثالي فلهذا يعكف علماء الفلك الرياضي ، لدراسة خصائصها لبحث آليات استنساخها ، وهو عملة نادرة يجب أن تعرض في متحف الموروثات الثقافية ، وتحاط بسياج من الشرح السيميائي ، فقد عجز الشعراء عن وصفه ، واحتار الكتاب في نعته ، وقصر الفنان عن رسم إبداعه.
* وداعاً عميد حراسنا إن كان جسدك قد غادرنا ، فابتسامتك قد رسمت في مآقينا، وإن كانت صفحتك قد طويت فلا تزال صفحات تاريخك الإبداعي مفتوحة .. برحيلك يا عادل خسرت الحركة الرياضية مهندس عملياتها وضابط إحداثياتها، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا صقر لمحزونون).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى