صراخ في وجه الأقمار!

> ربما افتقدنا الأقمار التي تضيء سماءنا الملبدة بالغيوم وتشق ظلمة الليل، وحينما تظهر تلك الأقمار سرعان ما نسمع صراخا يشبه العواء وهو يتجه نحو السماء قاصداً تلك الأقمار، وتقفز بصورة هستيرية لتساعد صراخها وعواءها لكي يخدش تلك الأقمار.

وبعد محاولات يائسة تنهار وتسقط شبه مغمى عليها من أثر تلك الحركات البهلوانية.

بلا شك فإن الأقمار حينما تلوح لنا بين فينة وأخرى تسعد الكثير الكثير، وبرغم وجود صرخات نشاز تنطلق في وجه وضياء الأقمار إلا إنها لن تضر غير نفسها فقط.

الصارخون والمصرخون تذكرني حالتهم بحالة الفأرة والناسك الهندي (من قصص كليلة ودمنة) ترجمة عبدالله ابن المقفع. وسأحكيها بتصرف سرداً، ولكن محتفظاً بجوهرها كما هو.

تقول القصة: إنه في زمنٍ ما وبينما كان الناسك يسير في الغابة إذ سقطت فأرة صغيرة من بين مخالب الحدأة، فأخذها الناسك وعطف عليها وكانت إحدى ساقيها مكسورة ففكر وهو في طريقهِ إلى البيت ماذا يقول للجيران والناس، وطلب من الله أن يحوّلها إلى فتاة.

تحولت الفأرة إلى فتاة صغيرة فعالجها واعتنى بها.

ولما كبرت وشبت وأصبحت في سن الزواج أراد الناسك أن يزوجها فسألها عن رغبتها، فقالت أريد الزواج من الأقوى والمهاب فقال الناس: الشمس هي الأقوى.

توجهوا للشمس لتقبل بالفتاة كزوجة، فقالت الشمس الأقوى مني السحاب، فهو يحجبني وقت ما يشاء.

فتوجهوا بالطلب للغيوم فردت عليهم: إنني ضعيفة ولست الأقوى، فالرياح تلعب بي كيفما شاءت.

فتوجه الناسك والفتاة وسألوا الرياح بقبول الفتاة فقالت الرياح إن الجبل يقهرني ولا أستطيع فعل شيء أمامه.

ومن ثم توجهوا نحو الجبل فتبسم لهم وقال: إن الفأر يثقبني ويقضم مني متى شاء محدثاً لي الندبات والحفر.

وفي النهاية قال الناسك للفتاة أما زلت مصرة على الأقوى فقالت نعم ولن أقبل بغيره، عندها طلب الناسك من الله إن يعيدها صورتها الأولى فعادة فأرة كما كانت!

من يصرخون بوجه الأقمار ربما تكون نتائج صراخهم تشبه في المحصلة الأخيرة إنهم سيحصلون على نفس المسار الذي سلكته فأرة الناسك.

أحبوا الأقمار كما هي، فلعل فيها بعض النور الذي تفتقدونه!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى