اهتمام بحقوق التعليم وإهمال لحقوق المعلم

> صدق الشاعر في قوله: لقد أسمعت لو ناديت حياً.. ولكن لا حياة لمن تنادي.

ينتهي عام دراسي ويدخل عام آخر ثم ينتهي وهكذا. وحدها معاناة المعلمون لا تنتهي، يتجهز الجميع لاستقبال العام الدراسي بدءاً باعتماد التقويم السنوي وانتهاءً بالتجهيزات المدرسية للأبناء في كل بيت، حتى المعلم يتهيأ لاستقبال العام الدراسي فيحضر ملابسه الجديدة وحقيبته ومراجعه وكراسته لتحضير الدروس ووسائله التعليمية الورقية والإلكترونية ويجهز أقلامه وجهازه اللوحي والمراجع والدروس الإلكترونية. وينهي كل البرامج التي كانت تشغله في الإجازة الصيفية ويستعد للجد والبذل والعطاء، طبعاً هذا عن حال المعلم الطبيعي وليس المعلم المتأزم نفسياً ومعنوياً فيتهيأ لخوض غمار الاحتجاجات والمناشدات والتوسلات من بداية العام الدراسي فيتساءل مع بداية كل عام دراسي: هل التفتت الحكومة لمطالبي واستعدت مع بداية العام الدراسي لإنصافي وتحسين وضعي المعيشي أم لا زالت تهتم فقط بحقوق التعليم وليس بحقوق المعلم؟.

إن محور ارتكاز العملية التعليمية وعمودها الفقري هو المعلم، ولا يريد للإجازة أن تنتهي ليس لأنه في المصيف ومستمتع بالأجواء الرائعة في شواطئ ميامي وبالي، أو يلهو مع أولاده في ديزني لاند، ليس ذلك؛ بل هو خائف من قدوم العام الدراسي الجديد وبداية رحلة المعاناة والتكاليف المالية المزلزلة للأسرة فأمامه تجهيز أولاده وتجهيز نفسه لاستقبال العام الدراسي، ولأنه من الفئات الأشد فقراً في المجتمع فإنه يصاب بالاكتئاب كلما اقترب العام الدراسي الجديد.

ماذا بعد؟.. أيها الإخوة غير المعلمين هذا هو العام الرابع الذي لا زال المعلم فيه ينتظر التفاتة كريمة من الحكومة علّها تتجاوب معه وتنظر لوضعه المعيشي المتأزم، فما كان معه بالأمس لم يعد يكفيه اليوم، وراتبه الجامد بأمر الحكومة لا يسمح له بالعيش الكريم والعمل المستقر في السلك التربوي والتعليمي، فهل لديكم رؤية لمعالجة وضعه.. فالوضع المعيشي السيئ والمتدهور للشعب بكامله لا يعني أن المعلم يتحمل تبعات ذلك مع الجميع، فهو معلم له وضعه الخاص، فما يليق بغيره قد لا يليق به، فهو لا يستطيع أن ينحت في الصخر أو يشق طريقه بما يسد به رمقه، كلا إنه المعلم!. والدولة هي من تكفله وتتحمل نفقاته وتلبي مطالبه، هو ليس موظفاً عادياً؛ بل هو مربٍّ ومؤتمن على تنمية قدرات أبنائكم العقلية والسلوكية، فلابد من الاهتمام بحقوقه حتى ينعكس أثر ذلك في تربية وتعليم أبنائكم، فمثله مثل القاضي الذي لا يجلس في كرسي القضاء وهو متعكر المزاج ومتكدر النفس.

لن يتحسن التعليم وتتطور نوعيته في البلد دون النظر للمعلم بعين الاعتبار، وتحسين وتطوير وضعه المعيشي والعملي، فالمعلم المستقرة حالته النفسية والمعنوية انتظر منه الإبداع والابتكار والجودة، فسيستغل وضعه المعيشي الراقي في تشجيع وجذب المتعلمين بكل الأساليب والطرق وسيدعم القدرات والمهارات التعليمية ويصنع الوسائل حال الاحتياج إليها، فلن يعجز عن توفير ما يحتاج إليه، ولن يبخل في الإنفاق على تطوير أدائه كمعلم.

ماذا بعد؟..

أيها الإخوة غير المعلمين.. أتقبلون أن يمضي حق المعلم في ثنايا العام الدراسي الجديد ويخوض رحلة المعاناة والمرارة عاماً آخر؟ فكيف سيستقبل أبناءكم الطلاب في المدرسة وهو عابس غضوب؟ والسبب هو الاهتمام بحقوق التعليم وليس بحقوق المعلم والتعامل معه كموظف وليس معلماً، ولا تقبلون منه أن يتعامل معكم في حقوقه كموظف يحتج ويعترض ويصرخ لينتزع حقوقه المهملة والتي فرط فيها الجميع.. فصبراً أيها المعلم، فلم يحن الوقت بعد للالتفات إليك ومنحك حقوقك، فتحمل هذا العام أيضاً، وإياك أن تغضب فقد أعذر من أنذر!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى