اللاجئون السوريون «عبء» يرهق دول الجوار بعد ثماني سنوات من الحرب
> بيروت «الأيام» ليال ابو رحال مع غوكان غونيش في اسطنبول وموسى حتر في عمان:
> قبل أكثر من أسبوعين، وصل نضال حسين إلى سوريا بعدما رحّلته السلطات التركية بشكل مفاجئ إثر توقيفه، على غرار كثيرين من اللاجئين السوريين الذين يتعرضون لضغوط متزايدة من دول الجوار المضيفة الراغبة بإعادتهم إلى بلدهم.
ويقول نضال (48 عاماً) لوكالة فرانس برس بعد وصوله إلى شمال غرب سوريا "تركت زوجتي وثلاثة أولاد في اسطنبول".
وتسبّبت الحرب السورية بتشريد ملايين السكان. وتستقبل تركيا العدد الأكبر منهم ويقدر بـ بنحو 3,6 ملايين شخص. ويستضيف لبنان، وفق السلطات، 1,5 مليون سوري، بينما تفيد الأمم المتحدة عن وجود نحو مليون مسجلين لديها.
وفيما تحذر منظمات دولية وباحثون مواكبون لملف اللجوء، من تداعيات التضييق على السوريين خصوصاً في لبنان وتركيا، لا يشهد الأردن حملات منظمة، لكن الخطاب السياسي لا يختلف عما هو عليه في البلدين الآخرين لناحية تحميل اللاجئين مسؤولية الجمود الاقتصادي وتراجع فرص العمل.
وتقول إن "البيئة العدائية تجاه السوريين التي ساءت مؤخراً في ظل توافق الأحزاب السياسية والإعلام على أن السوريين هم أساس المشاكل" في البلاد، من شأنه أن "يفتح الطريق أمام إجراءات مُعدة لجعل حياة المهاجرين أكثر صعوبة".
ويرجّح مراقبون أن تكون الإجراءات التركية مرتبطة بمساهمة وجود اللاجئين في خسارة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في الانتخابات البلدية الأخيرة، ما جعله تحت ضغوط سياسية داخلية يسعى لتجاوزها.
في لبنان، ينظم الأمن العام رحلات عودة جماعية، يصفها بالـ"طوعية"، تمّت بموجبها إعادة أكثر من 325 ألف لاجئ إلى سوريا، وفق بياناته. لكن منظمات إنسانية ترجّح أن عدد العائدين أقل بكثير، وتتحدث عن توثيق حالات ترحيل "قسرية"، الأمر الذي تنفيه السلطات بالمطلق.
في الأردن، لا يزال السوريون بمنأى نسبياً عن حملات الضغط الذي تصفه "هيومن رايتس ووتش" بـأنه "غير شرعي".
وتقدر السلطات كلفة الأزمة السورية حتى نهاية العام 2018، بـ12 مليار دولار.
وتجمع منظمات دولية وحقوقية على أن البيئة في سوريا غير مهيئة لاستقبال الهاربين العائدين، في ظل تقارير عن اعتقالات وسوق للتجنيد الإلزامي، عدا عن الوضع الاقتصادي المتدهور ودمار البنى التحتية.
ويضاف إلى ذلك تحدي إعادة الإعمار، إذ إن "أكثر من نصف اللاجئين السوريين في المنطقة يقولون إن منازلهم مدمرة أو غير قابلة للسكن".
أ.ف.ب
في لبنان وتركيا والأردن، البلدان التي تستضيف 5,2 مليون لاجئ سوري، تقارب السلطات ملف اللاجئين بوصفه "عبئاً"، مع إتمام النزاع السوري عامه الثامن، من دون أي بوادر لحل سياسي قريب.
ونضال واحد من مئات اللاجئين الذين رحّلتهم سلطات المدينة لعدم حيازتهم مستندات إقامة، إلا أنّه سيحاول "بعد فترة الدخول مجدداً إلى تركيا" غير آبه بمخاطر أمنية محتملة.
وتقول السلطات الأردنية إن هناك نحو 1,3 مليون سوري على أراضيها، بينما تفيد سجلات الأمم المتحدة بوجود أكثر من 661 ألفاً.
ويقول مدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في بيروت ناصر ياسين المشرف على أبحاث تتعلق باللاجئين السوريين في المنطقة لوكالة فرانس برس، "في غياب حلول واضحة المعالم لعودة اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة الى سوريا، تزداد الحملات ضدهم لخلق ضغوط عليهم أكثر وأكثر حتى يعودوا أدراجهم".
ويرد هذه الحملات في جزء منها إلى أنّ "الأزمة طالت، إذ مرّ على اللجوء السوري ثماني سنوات (...) وباتت البلدان المجاورة لسوريا تعاني من إنهاك".
█ "بيئة عدائية"
وقالت منظمات إن تركيا رحّلت مئات اللاجئين السوريين مؤخراً في إطار حملة بدأتها ضد الهجرة غير الشرعية في اسطنبول. وتشدد يلديز أونين من حملة "كلنا لاجئون" في تركيا لفرانس برس على أن "إرسال السوريين إلى بلد لا يزال في حالة حرب.. يضع هؤلاء أمام خطر مميت".
وأفادت دراسة نشرتها جامعة قادر هاس في اسطنبول الشهر الماضي الماضي أن نسبة الأتراك المستائين من وجود السوريين ارتفعت من 54,5 بالمئة إلى 67,7 بالمئة عام 2019.
وتنفي الحكومة التركية قيامها بعمليات ترحيل. وتقول إن اسطنبول التي تؤوي 547 ألف سوري مسجلين لم تعد تستوعب عدداً أكبر، مؤكدة أن عودة نحو 338 ألفاً منذ بدء الحرب تمت "طوعاً".
في منطقة عكار شمالاً، أقدم عناصر من الجيش قبل فترة على هدم جدران إسمنتية لأكثر من 350 خيمة خلال مداهمة تجمعات عشوائية للاجئين، وأوقف عشرات الأشخاص لعدم حيازتهم أوراق إقامة قانونية، وفق منظمات إنسانية.
قبل ذلك، أرغمت السلطات اللاجئين في بلدة عرسال (شرق) منذ مطلع حزيران/يونيو على هدم أكثر من 3600 غرفة إسمنتية بنوها لتحلّ مكان الخيم. في الوقت ذاته، تلاحق وزارة العمل منذ أسابيع العمالة الأجنبية غير القانونية، في حملة تقول إن هدفها حماية اليد العاملة المحلية، لكن ناشطين يدرجونها في خانة الضغوط على السوريين لطردهم.
█ "كبش محرقة"
ويتزامن ذلك كلّه مع خطاب سياسي يحمّل اللاجئين المسؤولية عن المشكلات الاقتصادية في لبنان.ويقول ياسين "من السهل توجيه أصابع الاتهام إليهم واستخدامهم ككبش محرقة" إن في تأزم الوضع الاقتصادي أو ارتفاع معدلات البطالة والتدهور البيئي وغيرها، "لكن هذه كلها مبالغات هائلة".
إلا أن عمان على لسان المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الدولي عصام المجالي، تعتبر أن أزمة اللجوء تسبّبت "بالعديد من الأعباء والتحديات" وأدت إلى "زيادة الضغط على أمن المملكة وتماسكها الاجتماعي".
ومنذ افتتاح معبر نصيب مع جنوب سوريا صيف العام الماضي، عاد نحو 25 ألف لاجئ مسجلين، وفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن.
ويقول ياسين "لا تزال شروط العودة غير حاضرة" مع الخشية من "الاضطهاد والهواجس الأمنية".
أ.ف.ب