التحدي.. أن نواجه ذاتنا!!

>
​مرت ساحتنا الجنوبية بأحداث مؤسفة، إلا أنها أظهرت معها قدراً من عقلانية كافة الأطراف التي كانت وفق كافة المعطيات حريصة على عدم إنكاء جراح الماضي بجراح جديدة نحن في غنى عنها، ذلك ما يوحي فعلاً أن كافة الأطراف الجنوبية استوعبت دروس الماضي، وهو ما يجعل فكرة تغليب الحكمة والعقل والمنطق مساراً ينبغي أن يعمل عليه الجميع وألا ننساق وراء دورات عبثية داخلية لسفك الدماء، ما يجعل عمق تلك الجراحات أكثر تأثيراً في جسدنا الجنوبي الذي انهكته المعاناة على مدى عقود مضت.

نعم حدث ما حدث، ولا نذهب بعيداً في نبش الأسباب التي أدت إلى ما حصل.
ما يلح على الذهن في هذه الأثناء التي تمر بها قضيتنا الجنوبية في أهم وأخطر المنعطفات هو العمل وبكافة الطرق على خلق حالة تلاحم داخلي وتجاوز مفصليات الصراعات التي لا يمكنها أن تخدم أي من تلك الأطراف التي في الأصل يجمعها أهداف مشتركة تتعلق بالحق الجنوبي، ومن غير المعقول في مثل هذه الحالة أن لا يضع الجميع مصلحة الجنوب فوق كافة الاعتبارات.

وفق معطيات الماضي القريب والبعيد نتائج الصراعات الداخلية كارثية ولا يوجد فيها طرف منتصر إذا ما نظرنا إلى عمق تأثيرها الشديد على النسيج المجتمعي، ما يجعل البناء على نتائجها أمراً في غاية الصعوبة.
ولعل أحداث الأيام الماضية مثلت إيلاماً حقيقيا للذاكرة الجنوبية بصورة عامة التي لم تزل في اللحظة تدفع تبعيات صراعات الماضي.

وكما أسلفنا، أظهرت الأطراف الجنوبية تروياً وتعقلاً إلى حد ما في عدم الذهاب بدورات الصراع إلى ما هو أبعد من ذلك، وهذا أمر يحسب لكافة الأطراف التي انتهجت الحكمة والعقلانية، إلا أن الذي حدث بعد يتطلب جهوداً وطنية مخلصة في سبيل خلق معالجات يسهم فيها الجميع وتستوعب كافة الأطراف بعيداً عن المآخذ والحسابات الضيقة أو الانفعالات اللحظية التي قد لا يدرك البعض نتائجها. فمن عمق آلامنا تولد الآمال، وهذا ما أخذ يتجسّد في الواقع بحالة تقارب كافة الأطياف الجنوبية باتجاه تحقيق آمال وتطلعات شعبها، ذلك ما يقتضي أن نظهر على صعيد العمل السياسي قدراً من التسامي والنظرة البعيدة باتجاه لملمة الجراح وقبول بعضنا، والمضي بمسيرة شعبنا إلى غاياتها المرجوة.. فالانتصار الحقيقي لشعبنا هو في ثمرات نضالاته الشاقة وتضحياته الجسام على مدى عقود مضت، ذلك ما ينبغي أن يستشعره الجميع وتعكسه الأطراف السياسية في إطار سياسي شعاره “الوطن للجميع”.. آملين أن يستشف عمق تلاحم شعبنا العظيم من تلك السيول البشرية التي توافدت إلى ساحة الحرية بعدن تأييداً للحق الجنوبي وأملاً في إشراقة عهد جديد يستوعب تطلعات شعبنا الصامد الصابر تحت وبال المعاناة على مدى عقود مضت.. فهل نحن فاعلون؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى