الحديدة بلا وسائل إعلام وصحافيوها وناشطوها بين قتيل ومعتقل ومطارد

> تقرير/ خاص:

> صحافيون: الميليشيات أغلقت وسائلنا الإعلامية ونهبت محتوياتها
يمر الواقع الصحفي والإعلامي في البلاد بأصعب مرحلة، إذ بات الصحافيون وغيرهم ممن ينشطون في هذا المجال عرضة لمخاطر الملاحقة والاعتقال والتهديد والإعاقة والقتل من قِبل جماعة الحوثي الانقلابية في عموم المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وبحسب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، فقد شهدت البلاد، خلال النصف الأول من العام 2018م، 53 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية تصدرت الميليشيات الحوثي النسبة الأعلى في ارتكابها.

فيما أشارت نقابة الصحافيين اليمنيين، في تقرير لها، إلى أن عدد الشهداء من الصحفيين منذ عام 2014م حتى منتصف العام 2018م بلغ 27 صحفياً ومصوراً وعاملاً في مجال الإعلام.

واقع مر
واقع الصحافة والصحفيين في محافظة الحديدة منذ 2015م كغيره مصادر من قِبل قوات الحوثي، وأصبح العاملون في هذا المجال متهمين بـ "الدواعش" وعملاء لدول العدوان، بحسب وصف الانقلابيين، ففر منهم من سلم من الاعتقال، ومن لم يغادروا واستمروا في مزاولة مهنتهم تم مداهمة منازلهم وتهديد أسرهم وتشريدها في حال لم تفصح عن أماكنهم.

وقال العديد من الصحافيين في الحديدة، في أحاديث لـ «الأيام» إن عبارات كثيرة كانت تصلهم إلى جوالاتهم من الميليشيات تهددهم بالقتل أبرزها: "أنا الموت الأحمر، بس نحصلك بنرجعك شمة يا عميل آل سعود، الأصابع اللي تكتب علينا بنقصها أصبع أصبع".

سجناء كثر
يقبع في معتقلات الجماعة الانقلابية الكثير من الناشطين الشباب من أبناء المحافظة أغلبهم من طلاب الإعلام وخريجين لم يقتحموا المهنة بعد، اعتُقل بعضهم لكونه ينتمي لتخصص الصحافة والإعلام، وآخرون بسبب منشورات في "الفيس بوك" تُعبّر عن آرائهم، والقليل جداً ممن مارسوا المهنة واعتقلوا من ساحات عملهم.
القلعة الأثرية المعروفة بـ "قلعة الكورنيش" حولتها الميليشيا إلى سجن كبير في المدينة يقبع داخلها الآلاف، وأغلبهم أبرياء تم اعتقالهم من أمام منازلهم ومن الشوارع دون أي سبب.

الأمن السياسي هو الآخر يُعد ثاني أكبر سجن داخل المدينة، ويحتوي على كثير من الناشطين وطلاب تخصص الإعلام والفنون في جامعة الحديدة تم نقل بعضهم إلى صنعاء بعد تعرض مبنى الأمن لضرب الطيران في العام الماضي.. وحتى الأن لم يعرف أحد مصيرهم ووضعهم الصحي نتيجة لمنع الحوثيين أهاليهم من زيارتهم.
السجون التابعة لأقسام الشرط إضافة إلى منازل هي أيضاً باتت تعج بالآلاف من الأبرياء.

انتهاكات
يقول صحافيون لـ«الأيام»: إن ميليشيات الحوثي واصلت انتهاكاتها على أسرهم ومنازلهم، حتى بعد أن أُجبروا على مغادرتها، وفي أوقات متأخرة من الليل في مخالفة واضحة لسلوكيات المجتمع وثقافته.
شقيق صحفي تعرض للضرب مرات عدة بتهمة إخفاء مكان أخيه، وآخر أُغلقت بقالته لنفس السبب، وهي مصدر رزقه الوحيد، وصحفي يوضح أن صهره تعرض لاعتداء بأعقاب البنادق عندما رفض إبلاغ زوجة الصحفي الإفصاح عن مكان زوجها، وآخرون نُهبت منازلهم ودمرت، وهناك ممتلكات تم مصادرتها من قِبل الميليشيات، فضلاً عن توقيفها لرواتب كل صحفي معارض لها منذ سيطرتها على المحافظة، فيما يتعرض المعتقلون منهم إلى شتى أنواع العذاب وحرمانهم حتى من زيارة أهاليهم.

مدينة بلا مؤسسات إعلامية
كثير من المؤسسات الإعلامية، من صحف وإذاعات ومكاتب إعلامية، لعديد من القنوات والمواقع الإخبارية أغلقت بالقوة وبدون سبب مقنع.
إذاعة "وديان" تعرضت للإغلاق من قبل جماعة الحوثي بعد شهور من انطلاقها.

وأوضح موظفون فيها لـ«الأيام» أن عناصر من الميليشيات قامت قبل إغلاقها بأسابيع بتكرار اقتحام مبناها ليلاً بدون سبب، لتفتيش مكاتب الموظفين وكل محتوياتها، في انتهاك صارخ لحق حرية الرأي والتعبير لم يسبق أن عرفته مهنة الصحافة في البلاد من قبل.
يضيف أحد الموظفين، طلب عدم ذكر اسمه: "حينما كان مسؤولو الإذاعة يسألون قادة الانقلابيين عن السبب وراء تلك الاقتحامات، دايماً يبررون فعلهم الشنيع بأنهم تلقوا بلاغاً بوجود أسلحة في الإذاعة، وكان هذا قبل أن يقوموا في المرة الأخيرة بنهب كل محتوياتها من أجهزة ومكاتب ومحتويات المبنى، وما صعب عليهم أخذه من الأشياء عمدوا إلى تكسيره في أماكنه، ولم يكتفوا بذلك، بل اعتقلوا مدير الإذاعة بشير البكالي، وبعد الإفراج عنه بوساطة اعتقلوا المدير العام وظل أسابيع هو الآخر معتقلاً لديهم، وبعد ثلاثة أشهر عاد عناصر من هذه الجماعة على متن عدة أطقم للمبنى بعد إغلاقه وصعدوا إلى السطح وأخذوا جهاز الإرسال".

إذاعة الحديدة الحكومية هي الأخرى تم اقتحامها وإجبار العاملين فيها على إعادة صياغة البرامج وتغير الخطط البرامجية لما فيه مصلحة الجماعة، مع تغيير مسؤولي الإدارات والموظفين، وحتى ماتزال تطلق بثها ولكن من مكان غير معلوم.
مكتب "أثير ميديا" الإعلامي تعرض كذلك للمداهمة والنهب والإغلاق، وهناك الكثير من المواقع الإخبارية تم حجبها، وصحف أغلقت مقراتها، حتى المجموعات الإخبارية في "الواتس آب" عملت الميليشيات على إيقاف أرقام المراسلين فيها، وهو ما أدى إلى توقفها في نشر أخبار المحافظة، منها مجموعة الحطامي الإخبارية التابعة لصحفي عبدالحفيظ الحطامي.
بعض محتويات إذاعة وديان بعد العبث بها
بعض محتويات إذاعة وديان بعد العبث بها

لا حرية للرأي
لم يبق في الحديدة سوى المؤسسات التابعة للحوثيين، والحرية الصحفية محصورة لدى أنصارهم فقط.
تقول مصورة أعراس: "أصبحنا في هذه المحافظة لا يستطيع أحد أن يصور ولو شجرة حتى بواسطة الجوال، فمن يقم بذلك يتهم أنه يعمل لمصالح العدوان"، بحسب عناصر الميليشيات.

وتضيف في حديثها لـ«الأيام»: "أخاف من إخراج الكاميرا بطريقة اعتيادية، بل اضطر لوضعها في الشنطة وكأني سأقوم بجريمة، رغم أني مصورة أعراس مالي أي علاقة بالسياسة.. حلمي أخذ الكاميرا وأخرج بدون خوف".

قطع الإنترنت
رغم الانتهاكات بحق الصحافة والصحافيين وفرارهم من المدينة بعد تعرض حياتهم للخطر، إلا أن الجرائم والانتهاكات والظلم الذي يتعرض له أبناء الحديدة أصبح واضحاً ومرئياً للجميع.
غادر بسيم الجناني الحديدة والوطن مجبراً بعد أن تعرض للعديد من المخاطر بسبب نشاطه الصحفي لكنه في متابعة مستمرة لأحداث المحافظة، ويعمل على نشر الأخبار بشكل شبه يومي والتي تصله من مواطنين في المدينة (معلومات وصور وفيديوهات) وهو ما جعله مصدراً لبعض القنوات العربية نتيجة لصعوبة تواجد المراسلين التابعين لها، ورفض كثير من الشباب في الحديدة العمل معه خوفاً على أنفسهم.

الصحفي عبد الحفيظ الحطامي، هو الآخر غادر المحافظة مرغماً وواصل نشر أخبارها التي ترده من موظفين بشكل يومي.

وبهذا استطاعوا تجاوز مشكلة قطع خدمة الإنترنت التي لجأت إليها الميليشيات في شهر يونيو من العام الماضي، بهدف منع إيصال الجرائم التي ترتكبها إلى العالم، قبل أن تضطر مؤخراً إلى إعادتها بعد أن فشلت في تحقيق هدفها بعزل المحافظة إعلامياً، فضلاً عن كونها هي المسيطرة على شركة الاتصالات والإنترنت، وما لها من عوائد كبيرة تصب في مصلحتها، كما يقول العديد من الصحافيين والناشطين.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى