هل منصب الوزير وظيفة إدارية (تنفيذية) أم سياسية؟

> ابعت كغيري ما يكتب عن الفساد الإداري وما أسهل تدبيج المقالات وإطلاق المقولات عن الفساد الإداري والاجتماعي الذي يضرب بمخالبه في أحشاء وطننا، وخاصة في الجهاز الوظيفي للدولة. وحسب اعتقادنا، إن السلطة والمناصب ليست حكراً على أحد ولا ملكاً لأحد.. وللحقيقة نعترف بصراحة القول: إنه في بلادنا الطيب، سواء قبل الوحدة أو بعدها، لا أحد يترك منصبه ولا يقال من منصبه إلا على أسنة الرماح والمدافع ولا شيء يستطيع أن يزحزحه من مكانه إلا السيد (عزرائيل)، أو بصحيح العبارة، لا يترك منصبة حتى لو انتشر الخراب والدمار في كل مكان، ولدينا الكثير من الأمثلة على ما نقوله، ونود أن نكتبه هنا ولكن ليس هناك لزوم لتوضيحه، ونرى أن (ما خفي كان أعظم)، فهناك أحداث كثيرة حدثت في بلادنا منذ رحيل المستعمر البريطاني 1967م وحتى الآن ونحن نعيش في دوامة المصارعة على (كرسي الحكم) لا لشيء إلا لغرض المصالح والمنافع الشخصية تخطط لها نفس الحفنة من الجهلة البيرواطيين ضيقي الأفق والضمير، وإذا كنا جادين ونريد أن نصلح مسار الجهاز الإداري والمالي للدولة في كافة قطاعاته فإنه يتطلب منا وضع الكفاءات المؤهلة العلمية والخبرات العملية والعمل الدؤوب بدون هوادة ضد البعض من كبار موظفي الدولة والبعض من الوزراء الذين (تحجروا ) في مناصبهم وكأنه لم يوجد أو يخلق غيرهم، وأنهم هم الوحيدون العارفون.

لا ننكر أن عالم الوزراء أو الوزارة عالم مثير، ظاهرة الرحمة وباطنه العذاب، لا يعرف الكثيرون عنه شيئاً، بما معناه ( لا يعرف الشوق إلا من يكابده ) لا بد أن نعترف بصراحة القول بأنه لا يوجد مواطن واحد يجهل أن بلادنا تعاني من الفساد بكل أنواعه المختلفة، كما تمر بلادنا بأزمة اقتصادية واختلالات وإرباكات أمنيه حادة، حتى لو كان المرء أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ولا يتصور المرء أن تمر بنا أزمات ومشكلات تضاهي ما نواجهه اليوم، سببها الحروب على كرسي الحكم (وسنينه) خلف لنا الشر والنكد والدمار والخراب والضياع والهروب والمعاناة والمكابدة طول هذه الفترة الماضية منذ 30 نوفمبر 1967 وحتى يومنا هذا، ونحن نواصل الهروب إلى الخارج لا يغيب في ذهن كل منا بأن أمامنا لا تزال خطوات لابد أن نخطوها لضمان حاضرنا ومستقبلنا هذه الأيام العجاف المرة، وأن نكون واقعيين في مناقشتها، ولا هروب من الواقع خاصة بعد ان سقطت أقنعة الزيف والخداع عن وجوه الدعاة المتلونين الموتورين.

ونرى من يومنا هذا يجب أن نتوجّه جميعاً بروح واحدة وعقلية واحدة للمصالحة والاتفاق على ما هو صالح للبلاد والعباد.. حان الوقت للمناداة بمعالجة وطنية مع العناصر الوطنية الشريفة في بلادنا وليس مع ناس معيّنين يفتقرون للكثير من المواصفات الشخصية. مطلوب كوادر نظافة اليد وعفة اللسان والمقدرة على إدارة أي مهمة تسعى للمصلحة العامة للوطن والمواطن وليس للهث والجري من أجل المصالح والمنافع الشخصية، وهم كثيرون. كما لا نريد أن تتكرر نفس الوجوه التي زهقنا من تكرار رؤيتها.

نريد من الجهات المعنية المسؤولة موقفاً صريحاً وواضحاً من صلاحية الوزراء وحسن الاختيار وتجاوز مقولة (وضع أهل الثقة قبل أهل الكفاءة والخبرة)، لأن المرحلة الحالية والقادمة تتطلب الاحتياج لوزراء ومن في حكمهم ينتمون لمصلحة الشعب وليس لمصالحهم وأقربائهم والشلة.

كفى.. كفى اختلاساً وفساداً.. نريد أشخاصاً نظيفين نزيهين مؤهلين، سمعتهم طيبة، يعرفون أن الشعب يعاني من أشياء كثيرة، في مقدمة ذلك إعادة تعمير ما خربته ودمرته الحروب المتتالية، الذي لحق بالبنية الأساسية للمؤسسات وبناء الإنسان من جدير وإعادة الطمأنينة والسكينة والأمن والأمان والاستقرار إلى حياة المواطن حتى تعود إليه روحه. لقد خربنا بلانا بأيدينا.. صراع بين المواطن المخلص الذي يحب الخير والصلاح لوطنه وبين المرتزق الممتهن مهنة الخيانة والعمالة التي لا تخدم المصلحة العليا للوطن.

لقد سكتنا طويلاً على الضلال والظلم حتى لا ننكأ الجراح وحتى نتحدث عن الحاضر والمستقبل، ولكن البعض لا يريد ذلك، وكانت مساهمتنا في التوجّه للمستقبل إلى الصبر والصمت، ولكن البعض منا ظنوا أن تكرار التضليل يغير الحقائق.

لا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت عن الفساد وغلاء الأسعار الجنوني الذي قصم ظهورنا، وصعوبة المعيشة وتطبيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الوساطة والمحسوبية لأن بلادنا تعاني من هذه الأمراض الخطيرة التي تفشت بحلول تعيين هؤلاء الأقارب والمعارف والمناطقية بدون مراعاة ومعنى. اعتذر سلفاً لكل من يتصور خطأ أنني أعنيه وأقصده بهذا الكلام، ولكنني من منطق حرصي وإخلاصي لوطني أولاً وأخيراً رأيت أن أتحدث به حتى لو كان حديثي هذا قد جانبه الصواب من وجهة نظر الآخرين.

للأسف إن من المآخذ والعيوب فينا أسلوبنا الفريد هو أن نتمسك بالوزير أو الموظف الكبير حتى لو فقد النظر أو مشهور بالفساد والسمعة غير الحسنة. إذ للأسف إن التجارب أثبتت أن الوزير أو المسؤول من العيار الثقيل كلما زاد سنه زاد فضله، كالقطن كلما طولت مدته وبقاؤه أكثر زاد بياضة (Water PRoof).

لنتساءل: هل منصب الوزير في بلادنا منصب تشريفي أم تكليفي؟

حيث لا شك أن هناك خلافاً فقهياً سياسياً حول تكليف منصب الوزير، هل هي وظيفة إدارية (تنفيذية) أم سياسية؟ لأننا نعرف أن الوزير في الدول المتقدمة رجل سياسة، والسبب أن الخط هناك واضح ومستمر مهما تغيرت أشخاص الوزراء، وأن السياسة هي سياسة وزارة وليست سياسة وزير. في بلادنا وفي العالم الثالث تتم التعيينات على أساس أنهم من أجل الثقة وليس من أهل الخبرة والكفاءة.

للإفادة إن هناك صفة ضرورية يجب توافرها في الوزير أو المحافظ وهي: أن يكونا مقبولين من الناس، ولا يكون أي منهما شخصية استفزازية، كما يجب عليهما أن يضيفا ويبدعا ويبتكرا حتى تكون لهما بصمة واضحة. كما ينبغي على كل واحد منهما أن يتحلى بصفات أهمها القدرة على الاستفادة من كل شخص من أجل الانفتاح على الأفكار الجيدة بدلاً من ادعاء معرفة كل شيء

إن المرحلة القادمة تستلزم اختياراً دقيقاً للوزراء والقيادات الإدارية العليا، وخاصة في المجال الاقتصادي والخدمة المدنية والتأمينات، وزيراً مؤهلاً ذا خبرة وكفاءة عالية، يملك أفكاراً جديدة في الإصلاح الإداري حتى يتم القضاء على مشكلة البطالة أو على الأقل التخفيف من حدتها.

أخيراً نطلب من كل وزير جديد الشجاعة في اتخاد القرار والرأي وأن يكون وزيراً جاداً يبتعد عن الجري واللهث وراء المزايا والمكاسب والفساد والمحسوبية، بالإضافة إلى ابتعاده عن التهريج السياسي والوعود الفارغة، يراعي الله في تحمل المسؤولية بأمانة، وأن يعرف أن المنصب ليس مغنماً ولكنه مسؤولية كبرى أمام الله والشعب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى