> طرطوس «الأيام» مكسيم بوبوف:
بعد أربع سنوات على بدء روسيا تدخلها العسكري في سوريا، يتمتع الجنود الروس بحياة مرفهة في قاعدتهم الرئيسية في مدينة طرطوس الساحلية، ولا شيء يوحي بأن هذه الإقامة لن تكون طويلة.
ويشير ضابط روسي إلى نباتات صغيرة مزروعة داخل حديقة في القاعدة البحرية، ويقول بثقة "سيكون أمامها الوقت الكافي لتنمو".
ويتوالى تدريجياً الاعلان عن سحب روسيا لقوات وخفض ملحوظ لعملياتها، من دون أن يؤثر ذلك على وجودها على المدى الطويل في سوريا، والذي يبدو أساسياً لمستقبل البلاد.
ويمكن للجنود الروس ارتياد قاعات الرياضة وحمام الساونا والمخابز ومصبغة الملابس، وكذلك كنيسة صغيرة أرثوذكسية. ويقول ضابط روسي فضّل عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح للصحافيين، إن لدى الجنود "كل وسائل الراحة اللازمة".
وبات الجنود الروس يظهرون علناً، على غرار دوريات الشرطة العسكرية التي تجوب شوارع المدن السورية، وكذلك "المستشارين" الذين يتجولون أمام عدسات وسائل الاعلام أثناء تدريبهم لكتيبة النخبة التابعة للجيش السوري قرب دمشق.
-"البقاء لوقت أطول"-
وفق احصاءات رسمية، ينتشر ثلاثة آلاف جندي روسي في سوريا، بالإضافة إلى طائرات ومروحيات وسفن حربية وغواصات أخرى. وتوفر أنظمة دفاع جوي حديثة من طراز "أس 400" الحماية لمنشآتهم.وباتت قاعدة حميميم الروسية، التي أقيمت على عجل على أطراف مطار مدني، قاعدة دائمة بدءاً من العام 2017. وحدث الأمر عينه في طرطوس، حيث تحولت هذه المنشأة التابعة للبحرية الروسية والواقعة على المرفأ إلى "قاعدة بحرية دائمة".
ويقول مدير الأبحاث في معهد حوار الحضارات في موسكو أليكسي ملاشينكو لفرانس برس "مع هذه القواعد، عززت روسيا مكانتها، ولكن طالما أنّ لديها (الرئيس السوري) بشار" الأسد في سدة الرئاسة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحاً بقوله في يونيو 2018 إن الروس سيبقون في سوريا طالما أن موسكو "ترى مصلحة في ذلك". وأعاد نجاحه في سوريا وتقاربه مع إيران إلى تموضع روسيا بشكل واضح كلاعب رئيسي في المنطقة.
وعبر تنفيذ نحو 100 طلعة جوية يومياً في أحلك ظروف الحرب، تمكن نحو تسعين في المئة من طياري الجيش الروسي من اكتساب خبرة قتالية.
-"لا مخرج"-
ولتحقيق استقرار النظام السوري وضمان استمرار وجوده، يتوجب على روسيا أن تواجه ملف إعادة الاعمار الشائك والذي قدرت الأمم المتحدة العام الماضي كلفته بأكثر من 400 مليار دولار. ولا تؤتي الجهود المبذولة في العديد من المدن ثمارها في الوقت الحالي، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على دمشق وإحجام المجتمع الدولي عن تمويل فترة ما بعد الحرب بسبب عدم إحراز تقدم حقيقي نحو حل سياسي للنزاع المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت العملية السياسية التي بدأت مع تشكيل لجنة دستورية مؤخراً، قادرة على حسم مسألة مستقبل بقاء الأسد، الذي تطالب أطراف محلية ودولية برحيله.
في المحصلة، يعتبر مالاشينكو "أنه ما من مخرج أمام روسيا. لديها تكتيك جيد ولكن من دون أي استراتيجية" معرباً عن اعتقاده أنها تعرف ما ستكون عليه "الخطوة المقبلة ولكن لا أحد يعلم ما سيحصل بعد ذلك".