«أم محمد».. أرملة محاصرة بالمرض والظروف القاسية

> تقرير/ فردوس العلمي

> تعيش في شقة مهدمة السقف ومتشققة الجدران
تخنقك العبرة وأنت تشاهد الدموع وهي تنحدر من مأقي أرملة بينما تتحدث عن مأساتها وطفليها اللذين يعانيان من أمراض مستعصية بالقول: «ليس لشقتنا سقف يقينا من حرارة الشمس والأمطار في حال تساقطها، والسقف الذي تحت أقدامنا آيل للسقوط؛ بل إن جزءاً منه قد انهار، وبتنا على إثره نسير فيها على أطراف أصابعنا خوفاً من السقوط للأسفل».

بهذه العبارة وصفت أم محمد حالة منزلها حينما كانت ترشدني إلى طريق الصعود إليه حتى لا تزل قدمي إلى مكان الخطر وأهوي إلى أسفل الشقة الكائنة في منطقة الكسارات في مديرية صيرة.
وعلى من يرد الوصول للشقة عليه أن يصعد على درجات مصعد (سلّم) هو الآخر على وشك السقوط، وعلى المدخل الرئيسي للمنزل تقابله أسلاك كهرباء متناثرة تنذر بخطر محدق، وما إن يدخل المرء إلى وسطها حتى تكتمل أمامه صورة المأساة التي تعاني منها هذه الأسرة، وأبرز ما يتبادر إلى ذهنه هو كيف لها أن تعيش وأطفالها في منزل بات السكن فيه أشبه بالمجازفة؟..
فتحة في أرضية المنزل
فتحة في أرضية المنزل

تسكن أم محمد، وهي أرملة، بمعية ثلاثة أطفال أحدهم ابن زوجها، يعاني الصغير منهم من إعاقة خلقية في القدم، فيما يشكو الكبير من ارتخاء في صمامات القلب أصبحت حياته كلها مرتكزة على أخذ الحقن بشكل دائم، بحسب إفادة الأم.
وتضيف في حديثها لـ «الأيام»: «كنا نعيش فيما مضى مستوري الحال، ولكن بعد وفاة زوجي قبل عامين ونصف أضحت حياتنا تسير من سيء إلى أسوأ، وما نتحصل عليه من مرتب زوجي، والذي لا يتجاوز 34 ألفاً، لا يساوي شيئاً من المتطلبات المعيشة والدواء وغير ذلك من الحاجيات الضرورية، وفوق هذا نسكن في هذا المنزل والظاهر للعيان لكِ شقة سقفها من (الأسبستوس) ومهدد بالسقوط بالكامل، كما أن جميع الجدران متصدعة ومليئة بالشروخ».

مغادرة المنزل
وتتابع بينما تشير إلى السقف: «عمره الافتراضي قد انتهى، وحالياً قتلنا الحر والرياح، وحينما يسقط المطر لا نجد مكاناً يحمينا».
أنهت كلامها بشكل مفاجئ وذهبت إلى القرب من الباب ثم استدارت نحوي بعد أن رفعت كومة من الكراتين وقالت وهي تشير إلى فتحة كبيرة: «هذا مدخل المنزل وأخاف أن يسقط منها أحد أبنائي إلى الأسفل»، مضيفة: «هذا الجزء من المنزل انهار في 17 يوليو من العام الجاري، وهو ما جعلني أغادر المنزلي خوفاً على سلامة وحياة أبنائي لاسيما بعد أن وجدنا أن الألواح الخاصة بالسقف الذي تحتنا مسكرة وتنذر بسقوط ما تبقى منه، غادرت وقتها إلى بيت أهلي في الرزميت خلال فترة الإجازة المدرسية، ولكن صادفتني عقبة وهي بُعد المدرسة التي يدرس فيها الأبناء، في الوقت الذي يعاني أحدهم من مرض بالقلب، والآخر عنده إعاقة في القدم، وفي محاولة مني لحل المشكلة قدمت طلب نقل إلى مدير التربية في مديرية صيرة، وتكرم بدوره مشكوراً باستكمال كل الأختام على شهادات أبنائي الدراسية وإجراءات النقل، ولم يمنحني رسالة تحويل لكون التحويل داخلياً في المديرية، غير أن مدير مدرسة عقبة بن نافع رفض توجيه النقل وأصر على رسالة التحويل من مدير التربية في مديرية صيرة، وهو ما رفضه الآخر قائلاً: التحويل داخلي والرسالة تكفي، أما رسالة التحويل فيتم في حال الانتقال من مديرية إلى مديرية أخرى».

وبصوت تخنقه العبرة تتابع بالقول: «خوفي على مستقبل أبنائي دفعني أن أترجى  مدير المدرسة عقبة بن نافع وشرحت له حالتي ولكن رفض طلبي، وهو ما أجبرني على الرجوع لمنزلي المهدد بالسقوط فضلاً عن وجود الثعابين والحشرات فيه.. لقد عدت إليه ونحن متوقعون بأنه في أي حالة سيسقط؛ ولكن تحملت هذا حتى لا يحرم أبنائي من دراستهم، خصوصاً أنهم من الأوائل في دراستهم، فالكبير الآن في الصف الثامن، والصغير في الرابع ابتدائي».

حرمان
أم محمد كغيرها الكثير حُرمت من المعونات المقدمة في المدينة من قِبل العديد من المنظمات المحلية والدولية.
وتؤكد في حديثها لـ «الأيام» أنها حتى الآن لم يتم تسجيلها في أي منظمة، ولم تحصل على أي دعم من شأنه أن يساعدها في تخفيف معاناتها المعيشية والمادية.

وتضيف: «من معاش المرحوم أشتري جزءاً من احتياجات البيت الضرورية والحقن العلاجية لابني المصاب بالقلب، أما الدجاج والأسماك فلم نعد نتناولهما أبداً، فكل همنا هو الاستمرار في الحياة وأن يتمكن أبنائي من مواصلة تعليمهم».
وتتابع: «كثير من الجيران يساعدوننا كما طالبوا مني أن أقدم ملف الأسرة أسوة بهم للجهات المعنية، وأوضحت لهم وضع المنزل الذي نعيش فيه، ولكن مع الأسف لم نلقًَ أي استجابة أو رد حتى الآن؛ بل إنني قدمت بهذا الخصوص ملفاً إلى المحافظة مزوداً بصور للمنزل، وأملت فيه خيراً، ومؤخراً تم الرد بعد ثلاثة أشهر بأنه لم يتم قبول الملف».

أسرة أم محمد واحدة من الأسر التي تعاني وتواجه ظروف الحياة القاسية بصبر جميل، في انتظار فرج قريب يخفف عنها قليلاً مما تواجهه وأطفالها الأيتام.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى