اللبنانيون الغاضبون من الطبقة السياسية قي الشارع لليوم الرابع على التوالي

> بيروت «الأيام» بشير الخوري:

>  تضيق شوارع وسط بيروت ومدن أخرى في لبنان الأحد برجال ونساء وشباب ناقمين على الطبقة السياسية التي يحملون عليها فسادها وسوء إدارتها لأزمة اقتصادية دفعت اللبنانيين الى تخطي انتماءاتهم الحزبية والتظاهر لتحصيل حقوقهم.
وتأخذ التحركات منحى تصاعدياً منذ الخميس مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعاً وخروج عشرات الآلاف من مختلف المناطق والاتجاهات السياسية إلى الشوارع، مكررين شعار "ثورة" و"الشعب يريد إسقاط النظام".

وتجمع المتظاهرون في وسط بيروت، ونزل آخرون إلى الشارع في صور والنبطية وصيدا جنوباً، وطرابلس وعكار شمالاً وصولاً إلى بعلبك شرقاً.
على جدران وسط بيروت حيث المحال التجارية الفاخرة والمصارف، ترك المتظاهرون شعاراتهم، وبينها "لبنان للشعب" و"الوطن للأغنياء الوطنية للفقراء".

على مصرف تعرضت إحدى واجهاته للكسر، كتب بالأسود "كلاب الدولار"، في وقت أعلنت جمعية المصارف أنها ستبقي أبوابها مقفلة الإثنين.
وتأججت النقمة الشعبية ضد السلطات مؤخراً بعد ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق السوداء مقابل الدولار للمرة الأولى منذ 22 عاماً، من دون أن تقدّم السلطات تفسيراً واضحاً لذلك.

ويتوقع أن يكون تجمع الأحد الأكبر من حيث الحشود منذ بدء التحرك كونه يوم عطلة.
في بيروت، انهمكت زلفا أبو قيس (27 عاماً) بتعليق أسماء النواب والوزراء على الأسلاك الشائكة التي تفصل المتظاهرين عن القوى الأمنية وخلفهم السراي الحكومي.

وقالت لوكالة فرانس برس "جميعهم يسببون الأذى أكثر من الأسلاك الشائكة"، مضيفة "انتهى الأمر، 30 عاماً في الحكم، وجميعهم سراقون، أتظاهر من أجل نفسي ومن أجل الناس".
وفي وسط العاصمة، ابتكر المتظاهرون شعارات لكل زعيم سياسي، وغالبيتها تتضمن كلمات بذيئة، حتى أن البعض حوّلها إلى مقطوعات موسيقية.

وتطال الهتافات كل المسؤولين والنواب، رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وصولاً إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وغيرهم كثر.
وحمل المتظاهرون شعار "كلهم يعني كلهم".

- "لا رجوع عن الشارع" -
وعقد متظاهرون حلقات رقص ودبكة، وارتفع صوت الأغاني المسجلة والأناشيد الوطنية في عدد من أماكن التجمع. وأحضر البعض معهم آلات موسيقية استخدموها لمواكبة المتظاهرين في الهتافات.
في بعض زوايا التجمع، حمل آخرون معهم النراجيل وورق اللعب.

وحضر متطوعون صباحاً إلى وسط العاصمة لتنظيف ساحات التظاهر والشوارع، تحضيراً للحشود التي بدأت تتوافد باكراً.
وعلى عكس الأيام الماضية، لم يشهد مساء السبت أي مواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين، كما لم تحدث أعمال شغب.

وفي مؤشر على حجم النقمة الشعبية، بدا لافتاً خروج تظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على أحزاب سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صوراً لزعماء وقادة سياسيين، في مشهد غير مألوف خصوصاً في معاقل حزب الله وحليفته حركة أمل.
في طرابلس (شمال)، تحولت ساحة تجمع فيها المتظاهرون ليلاً إلى حفلة كبيرة على وقع موسيقى صاخبة بحضور منسق موسيقي ومغن ألهب حماسة أهالي المدينة الذين تمايلوا ولوحوا بهواتفهم المحمولة وهي مضاءة.

وصباح الأحد، عادت ساحة النور في طرابلس لتضيق بالمتظاهرين الذين رفعوا علماً لبنانياً بطول مئات الأمتار، وفق الوكالة الوطنية للأنباء.
وقال نزيه سراج (50 عاماً) الذي خسر عمله بعد قرار من السلطات بإزالة البسطات من الطرق، "لا أملك مالًا كي استأجر محلًا، بسبب الغلاء الفاحش والضرائب غير العادلة".

وأضاف الوالد لأربع بنات يدرسن في الجامعة "نزلت إلى الشارع من أجل مستقبل بناتي لقد حان وقت التغيير، ولا رجوع عن الشارع بعد اليوم"، مضيفاً "بسبب قرارات الحكومة الظالمة بحقّ الشعب أصبحنا نعيش في أوضاع اقتصادية مزرية".
في مدينة صور (جنوب) حيث تعرض متظاهرون قبل يومين للضرب على أيدي مؤيدين لحركة أمل، خرج الناس مجدداً إلى الشارع هاتفين ضد السرقة وداعين إلى إسقاط الحكومة. في البحر قبالتهم، تظاهر صيادو المدينة في مراكبهم وزوارقهم رافعين العلم اللبناني وسط الأغاني الوطنية.

- "فليستقيل الجميع" -
وعلى وقع غضب الشارع، تبادلت القوى السياسية الاتهامات محملة بعضها البعض المسؤولية لما آلت إليه الأمور. وأكد سياسيون أنهم يشعرون بـ"وجع" الناس، الأمر الذي أثار سخرية المتظاهرين.
وتحت ضغط الشارع، أعلن حزب القوات اللبنانية ليل السبت الأحد استقالة وزرائه الأربعة، في خطوة قلل المعتصمون من شأنها.

وقال علي (24 عاماً) لفرانس برس "آمل أن يستقيل الجميع من الحكومة".
وتنتهي مساء الإثنين مهلة 72 ساعة منحها رئيس الحكومة سعد الحريري لـ"شركائه" في الحكومة، في إشارة الى التيار الوطني الحر بزعامة عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في إصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار.

وتدرس مكونات الحكومة ورقة اقتصادية اقترحها الحريري للحدّ من الأزمة.
وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0,2 بالمئة، وفشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد.

ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

أ.ف.ب​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى