لنا كلمه.. عن خطباء مساجدنا في (يوم الجمعة)

>
كلما أديت صلاة الجمعة خرجت على الأغلب من المسجد وأنا منفعل أتأمل عباقرة آخر الزمان ممن يستثمرون تقاليد الخطابة فيجلدوك باستماع إجباري صامت لما يتفوهون به، باعتبارهم من حجج العلماء، وهم ربهم أعلم بهم من ضحالة التكفير وسطحية الرؤية، ولا أعمم بالطبع، ولابد هنا من استثناء كي لا تصيب "سهامنا" من نجوا من موجة الشطط التي تجتاح مساجدنا، بعد أن سيطر عليها أو كاد نوع واحد من الناس ممن يسمون أنفسهم أو يسميهم الناس "سلفيّون" وبعد إقصاء كثير من أهل العلم المتّزنين من على منابر الخطابة..

على التسمية من حيث المبدأ أكثر من تحفظ، فكان أصحابها يحتكرون اتباعهم لرسولنا صلوات الله عليه، وكأن غيرهم ليسوا من أتباع السلف الصالح، وبين هذا وذاك تقف أمامنا جملة مسائل تخطر بالبال.
يوم الجمعة الأخيرة استمعت إلى خطبة أحدهم وهو يكفر من يستهزئ بالثوب القصير واللحية والسواك باعتباره مستهزئاً بـ الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد أورد الخطيب الهمام نص فتوى بهذا الخصوص لأحد علماء "السلف" من الجزيرة العربية، والحقيقة أنني لم استسغ السهولة التي يلجأ لها هؤلاء وأولئك من فقهاء الصحراء لتكفير الناس واحتكار العلم والتقوى والجنة أيضا، حيث يشعرونك أن مفاتيح النار والجنة تقبع في جيوبهم فيهبون من يشاؤون مغفرة ومن يشاؤون تجريماً وتكفيراً، بل يكيفون نصوص الفقه لتحويل الناس إلى خراف أو ذئاب حسب مقتضى الحال، فهم بين قاطع رأس أو مطأطئ لرأسه.. ما بين سلفية "جهاديه" وسلفية "علمية"، وديننا وسط بين هذا وذاك، ويعجبني هنا فقهاء بلادنا في إحدى المحافظات حين يقول نحن أهل اليمن أبناء هذه المنطقة أو (البقعة) بتنويراتها وتوجيهاتها الدينية والمذهبية والوطنية والعرقية لا تحتاج لفقهاء البوادي والقرى والقفار البعيدة لتعليمنا أمور ديننا، نحن أصحاب الدين الوسطى المتسامح المعتدل الصحيح.. نحن أبناء الشعب الواحد كلنا مسلمون سوف نظل أوفيا لإرثنا المشرقي الوارث والمديد، سنبقى مخلصين لإرث الرواد الأوائل من الآباء والأجداد الذين لم يعرف التمييز طريقاً إليه. ولعل هذا يقود إلى تلك الفتاوى التي يتم تداولها بكثرة هذه الأيام (كل من أجاء خطب، وهات يا وعض ممل لا يستفيد منه المستمع. للأسف! إن الساحة الإسلامية امتلأت بأصحاب الفتاوى المضللة الذين ينطبق عليهم قول سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم: "اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا فضلوا وأضلوا..".

لماذا لم يعد هناك خطباء بالمساجد تستمع لهم في صلاة الجمعة تهزك كلماتهم كما كان الحال بالنسبة للرجل العالم علي محمد باحميش، محمد سالم البيحاني، والرجل الديني العالم عبدالله حاتم، وغيرهم من علماء بلادنا بصراحة شديدة أشعر وأنا أجلس في أي مسجد أحضر فيه لتأدية صلاة الجمعة أن معظم الخطباء لا طعم ولا معنى لخطبهم، فهم يرددون قصصاً وكلمات عادية وبسيطة لا ترقى أبداً لمستوى خطبة جمعة.. وشيء جيد أن يتضاعف أعداد خطباء المساجد الأجلاء، بس بصراحة كلهم مدربون بشكل جيد متقن على ما يقولونه، ولا يوجد بينهم موهوبون قادرون على التأثير فينا كما كان بالنسبة للعلماء الأجلاء الذين سبق وأن ذكرت أسمائهم آنفاً. إذا جاز لي القول: إن المستمع لبعض خطباء مساجدنا يصاب بالملل تارة وبالضيق تارة أخرى وذلك راجع إلى التكرار الممل في بعض الخطب، والطامة الكبرى أن بعض الخطباء سواء عن قصد أو بغير قصد يستشهد بالأحاديث والآيات دون التأكد من رد فعلها على النشء (الجيل الصاعد) إذا لم يفعلوا كذا وكذا بالويل والثبور وعظائم الأمور، يا فقهاء بلادنا الأجلاء خطبة الجمعة شيء مقدس في حياتنا الدينية والدنيوية، يجب أن تكون خطبة الجمعة تعيش مع أحداث الأسبوع التي تلقى في نهايته، لا يعني أن تكون تلك بالضرورة خطبة سياسية، بل تتناول الجوانب الاجتماعية والتربوية والاقتصادية.. أن تكون نتيجة تفاعل الخطيب مع مجتمعة، وأن يدركوا أن للمسجد رسالة سامية عظيمة تتمثل في تهذيب النفوس بالقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية الرفيعة، وفي الدعوة إلى الفضيلة والخير والتسامح والوحدة الوطنية والتكافل والتعاضد بين أبناء الوطن الواحد وبقية كل المسلمين في العالم الإسلامي.

كلمة أخيرة، ما أحوجنا إلى المزيد من الحديث عن الدين لله والوطن للجميع، وعن حقوق المواطنة، بحيث تركز على المساواة المطلقة بين المواطنين بصرف النظر عن معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
إن الذي دعاني إلى كتابة هذا الموضوع ما يبعث على الكثير من الخير.. مظاهر التدين الشديدة التي يمتاز بها شعبنا، وخاصة في يوم صلاة الجمعة في المساجد والتي تبدو في امتلاء المساجد لتأدية صلاة الجمعة (الجماعية) في ذلك اليوم العظيم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى