مباراة كرة قدم ستتحول إلى ثورة للمتظاهرين العراقيين ضد إيران

> بغداد «الأيام» أ.ف.ب:

> إذا كانت أنظار عشرات الآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير بقلب بغداد تتجه إلى معاقل الطبقة السياسية العراقية للمطالبة بتغييرها، ستكون العيون شاخصة صوب الأردن الخميس، حيث يلاقي أسود الرافدين منتخب إيران في مباراة تتعدى رمزيتها منافسات كرة القدم.
في حسابات كرة القدم، يأتي اللقاء ضمن التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة الى كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023. ويبحث العراق عن تعزيز صدارته للمجموعة الثالثة بسبع نقاط بفارق الأهداف عن البحرين، وإيران الثالثة (ست نقاط)، بينما تبتعد هونغ كونغ وكمبوديا (نقطة واحدة).

لكن أبعد من المستديرة، تضمر المباراة حساسية المحتجين العراقيين من جارة يعتبرون أنها حولت أرضهم الى ميدان لألعابها السياسية في التصفيات المفتوحة لإقليم مضطرب.
ويقول المتظاهر حسين ضياء (24 عاماً) إن "أي انتصار كروي عراقي يحققه منتخبنا الوطني على حساب إيران في هذه المباراة يساهم في إدامة زخم ومعنويات المتظاهرين".

ويضيف ضياء "أطلب من لاعبي منتخبنا أن يقدموا أداء قوياً لتحقيق النصر لأن ذلك سيرفع رؤوسنا ضد إيران" التي يتهمها المحتجون بهندسة النظام السياسي الذي ينخره الفساد والمحسوبيات منذ 16 عاماً.
وتعد مباراة الغد "بيتية" بالنسبة الى المنتخب العراقي، وكان من المقرر أن يستضيفها في ملعب البصرة الدولي. لكن الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثاني وتخللتها أعمال عنف دامية أودت بالمئات، دفعت الى نقلها الى الأردن، كما المباراة ضد البحرين المقررة الثلاثاء المقبل.

"أقوى رسالة للعالم"
وعلى وقع المباراة المرتقبة غدا، حوّل عدد من المتظاهرين مدخل جسر الجمهورية الواصل بين ساحة التحرير والمنطقة الخضراء، والذي يحتله المتظاهرون منذ انطلاق الموجة الثانية من الاحتجاجات في 24 أكتوبر، إلى ملعب كرة قدم مصغر.
هناك، يمارس المتظاهرون هوايتهم قريباً من خط المواجهة الفاصل بينهم وبين القوات الأمنية التي تمطرهم بين الفينة والأخرى بقنابل الغاز المسيل للدموع.

ويعتبر الناشط المدني أحمد آل وشاح أن "كرة القدم أقوى رسالة للعالم، ونحن نستثمر هذه المباراة ونطالب الأمم المتحدة للتدخل بإيقاف نزيف الدم العراقي"، بعد مقتل أكثر من 300 شخص منذ الأول من أكتوبر، بحسب إحصاءات رسمية.
ويضيف "فوزنا المنتظر على إيران له دلائل كثيرة، ليست لدينا مشكلة مع الشعب الإيراني، مشكلتنا مع الحكومة وضد تدخلها بالشؤون العراقية".

ويؤكد أن "كل المتظاهرين هنا في التحرير سيقفون خلف المنتخب، وليس فقط المشجعين في الملعب" في الأردن الذي اختاره العراق، بعدما طلب الاتحاد الدولي (فيفا) تسمية أرض محايدة لإقامة مباراتي التصفيات.
وغالبا ما تحظى مباريات العراق وإيران بمتابعة كبيرة في بغداد والمناطق الأخرى، لاسيما بالنظر الى التنافس الكروي بين المنتخبين الجارين، وأيضا بعبء التاريخ المضطرب بين عملاقين إقليميين على ضفتي الخليج.

يمزج حسين جواد (25 عاماً) بين تطلعات الفوز المرتجى ومشاعر زملائه في ساحة التحرير التي أضحت رمزا للاحتجاجات، قائلاً إن "الفوز غدا يرفع معنوياتنا... على لاعبي المنتخب أن يدركوا حجم النزال".
ويندد المتظاهرون سواء في العاصمة بغداد أو في بقية مدن الجنوب العراقي بالفساد والزبائنية، وطالبوا بداية بالإصلاح وتأمين خدمات وفرص عمل، لكن الشعار الرئيسي اليوم بات "إسقاط النظام".

ودعماً لهؤلاء، طالب عدد من أنصار المنتخب العراقي عبر صفحات التواصل الاجتماعي، الجالية العراقية الكبيرة في الأردن، والتي يتوقع حضورها في ستاد عمان الدولي، بارتداء كمامات مع بداية المباراة، وترديد شعار "نريد وطن" الذي يرفعه المتظاهرون، في الدقيقة الخامسة والعشرين من المباراة، تخليداً لضحايا الاحتجاجات.
ويعرب عدد من المتظاهرين عن أملهم في نصب شاشة عملاقة في ساحة التحرير لمتابعة المباراة، بعدما كانوا يمنون النفس بمشاهدتها عبر شاشة تعطلت في بناية المطعم التركي، المبنى المهجور الذي أصبح برج مراقبة للمحتجين وبات يعرف من قبلهم باسم "جبل أُحُد".

لا مكان للخسارة
لطالما كانت العلاقات العراقية الإيرانية معقدة. ففي عهد الرئيس السابق صدام حسين، خاض البلدان حرباً ضروس دامت ثماني سنوات (1980-1988). لكن بعد الاجتياح الأميركي وسقوط نظام البعث في العام 2003، عززت طهران نفوذها في العراق عبر أحزاب وفصائل مسلحة موجودة في السلطة حالياً.
وعلى رغم أن العديد من العراقيين الشيعة يزورون إيران بانتظام لزيارة المقامات المقدسة، أو للعلاج أو مجرد السياحة، باتت الجمهورية الإسلامية اليوم العدو الأول لغالبية المتظاهرين.

تاريخ لقاءات المنتخبين يشير إلى يد طولى للمنتخب الإيراني الذي حقق الفوز في 11 مباراة، مقابل ستة انتصارات لأسود الرافدين، وتعادلين.
وتخوفاً من سيطرة رياح "الثورة" على المباراة، طالب رئيس الاتحاد العراقي للعبة عبد الخالق مسعود الجماهير العراقية بـ"عدم رفع لافتات ربما تشير إلى عبارات عنصرية ضد المنتخب الإيراني، نخشى أن يولد ذلك ردة فعل لدى الاتحاد الدولي" الذي يمنع المظاهر السياسية في المدرجات.

وكان آخر لقاء جمع المنتخبين في نهائيات آسيا في الإمارات العام الحالي، وانتهى بالتعادل السلبي. أما آخر زيارة للمنتخب الإيراني للعراق كانت نهاية العام 2001، ضمن تصفيات مونديال 2002، وخسر فيها صاحب الأرضي بهدفين لهدف.
لكن متظاهري ساحة التحرير يرون أن الظروف الراهنة لا تسمح بالخسارة، فالمنتخب بالنسبة الى أحد هؤلاء الذي فضل عدم كشف اسمه، لا يشارك في مباراة عادية، بل "هم (الإيرانيون) يلعبون على أرضنا منذ 16 عاما، وهذا إياب الثورة!".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى