حقوق المعلمين ومطالبهم يلتهمها غموض الموازنات الحكومية

> كانت الحكومة قد أصدرت واعتمدت مستحقات المعلمين بعد كل احتجاج قاموا به، كان آخرها إضافة فوارق العلاوات السنوية وإطلاق التسويات ورصدها في موازنة العام 2019م، وهذا ما صرح به وزير التربية والتعليم الذي وجّه مكاتب التربية باستكمال البيانات الخاصة بالموظفين لهذا الغرض، لكن عدم الجدية والمصداقية والسعي الدؤوب لتقديم وتقدير قضايا وأوضاع المعلمين على غيرها من القضايا المعروضة في جدول أعمال الحكومات هي واحدة من المشاكل التي تسببت في تفاقم الأزمات وتراكم مستحقات المعلمين لسنوات.

فتعاقب الحكومات الواحدة بعد الأخرى وإحاطتها لقضايا مطالب المعلمين بالتعتيم والمماطلة رافقها غض طرف النقابات السابقة المختفية عن الأنظار إلا يوم الراتب وخروجها في مكتب التربية والتعليم تتابع شيكاتها الخاصة بالاستقطاعات النقابية الوهمية دون وجه حق لأنها صامتة وحقوق المعلمين تتساقط أمامها سنة بعد سنة ولا من محرك يستطيع أن ينهض بنقابة المهن التعليمية والتربوية والمعلمين اليمنيين.

قضايا التعليم تتأزم والحلول ذابت في المحلول، وصارت القضايا الحقوقية للمعلمين تفوق قدرة القضاء على حلحلتها لتعقيدها.

قضية المحالين للتقاعد والمعجزة التي ظهرت شهر الوفاء لهم ومنحهم استحقاق شهر واحد ثم تختفي لتعود وتستكمل العد والإحصاء لأشهر وسنوات والحرمان من الإحالة الكاملة للتقاعد أو العودة الصريحة إلى العمل. ولا ترجمة للخلل الإداري.

قضية الموظفين في العام 2011م واللجان المشكلة للحصر والفرز اتضح أنها كانت فقاعة انتفخت ثم لم تحتوِ شيئاً له قيمة.

قضية المعلمين أبناء المحافظات الجنوبية المنقولين من المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين واستقبالهم البهيج وترتيب أوضاعهم ونقل البعض منهم إدارياً ثم تضيع البوصلة عن القرار الإداري، فلا يعرف ماذا يطلق عليهم إجرائياً.. أهم منقولون أم نازحون؟ وتضيع قضيتهم في متاهات الاختلاف اللفظي لترجمة المصطلح الإداري للنقل، فلم يعد لهم مسمى نازح أو منقول أو منقطع، ويزداد التضرر والحرمان من الراتب شهراً بعد شهر، حتى الزيادة العامة للموظفين 30 % لم تشملهم.

وفي وثيقة صادرة عن مكتب التربية والتعليم عدن موجهة للقائم بأعمال محافظ عدن.. بتاريخ: 21/10/2018م، المرجع (م ت/ م د/ 2018م) بعنوان "الموازنة المضافة للعام 2018م"، بعد الديباجة والتحايا، "نرفق لكم مشروع الموازنة المضافة لعام 2018م لمكتب التربية والتعليم م/ عدن.. آملين تكرمكم والتوجيه لاعتمادها كموازنة تشغيلية للعام 2019م، وإضافة الفروقات والتسويات والعلاوات السنوية وطبيعة العمل لجميع موظفي مكتب التربية والتعليم عدن..". وبحسب "النظم" تم التعليق عليها من قِبل المعنيين بالأمر كالتالي:

الأخ مدير مكتب المالية لاعتمادها في موازنة العام 2019م. توقيع أحمد سالم رُبيّع، محافظ عدن.

الموازنة.. للمتابعة واتخاذ ما يلزم بحسب توجيهات القائم بأعمال محافظ عدن.. توقيع مدير المالية عدن.

ثم أين ذهبت المذكرة؟ وأي ملف احتضنها وأخفاها، وهكذا انتهت رحلة المتابعة رقم واحد دون ترجمة للخلل الإداري.. لننتقل للمتابعة رقم (2) ومكتب رئيس الوزراء فمذكرة رفيعة المقام من مكتب المكرم وزير التربية إلى معالي رئيس الوزراء بتاريخ: 23/7/2019م سجلت في مكتب الوزير برقم 567/ 2019م، وفيها:

بعد الديباجة "نرجو من دولتكم الموافقة لمقابلة نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين لتذليل الصعاب مع بداية العام الدراسي الجديد

التوقيع والختم د. عبدالله لملس. وزير التربية والتعليم".

ماذا بعد.. أين أنتم أيها السادة الفضلاء، المدير والوزير ورئيس الوزراء؟

لقد مل المعلم انتظار ردكم على رسالته أو توضيحكم للموقف من مطالبه، مر العام الدراسي 2019م، ودخلنا في العام الدراسي الجديد 2020م، ولازالت الردود خلف الحواجز والسدود، فهل سيضاف رصيد التراكم للمستحقات إلى تراكم الأعوام السابقة فيزداد الدين الذي عليكم فتعجزوا عن سداده كسابق عهدكم مع حقوق المعلم؟.

لقد سئم المعلم الإضراب والمماطلة والتسويف، وأوشكت هذه التداعيات للاحتجاجات أن تؤثر على جودة أداء المعلم في الحصة الدراسية، فهو انشغل نفسياً بأوضاعه المعيشية المتردية ومتطلباته الأسرية تلاحقه حتى في الحصة الدراسية، وهو في طقوس حضرة التعليم ويوقظه من سبات الحصة الدراسية وهو غارق في شرحه، فنخشى عليه من الانقطاع عن الشرح والوقوف مذهولاً بين طلابه يتأمل حاله وما وصل إليه دون تقدير أو توقير.

انتهت عشر سنوات ووصلنا للعام 2020م ولازالت مطالب المعلمين فوق الطاولة لم تفتح ملفاتها بعد، ولم تتخذ بحقها أي إجراءات، ولم تصدر الجهة المخولة بالتوقيع توجيهاتها بتلبية مطالب المعلمين.. فهل هذا منطق؟ وهل بمثل ذلك الخطاب تتعاملون مع من يعلم أبناءكم في المدارس؟.

المعلمون يريدون معرفة معنى الموازنة المالية، فاللغات اللسانية قد خرجت عن مسارها وانتقلت إلى مفاهيم أخرى هي وراء الكذب والمماطلة والتسويف والتهرب والفشل، فكيف نتعامل كمعلمين من الفشل ونحن نعالجه في المدارس ونحد منه، فساعدونا في الحد من مستوى الفشل الحكومي في تلبية مطالب المعلمين وتحسين مستواهم المعيشي..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى