مأرب والحماية الرئاسية.. والسيناريو الدموي القادم

> بدايةً أود التأكيد أن هذا المادة بما سير فيها من نقد وملاحظات ومخاوف لا تعبر بالمطلق عن موقف معارض لوجود قوة خاصة تؤمن الحماية للقيادة، وتسهر على أمن الرئيس وسلامته. وأن الإشارة لتجربة مريرة سابقة وما نجم عن استئثار قيادات وقوى بعينها بتشكيل قوات الحماية الراسية، والتحكم باختيار منتسبيها وتعيين قياداتها، وجعلها مضلة لقوى لها أهدافها ومآربها الخفية، كشفت الأحداث والدلائل والشواهد عن بعضها، لا تعني هي الأخرى التشكيك بالجميع أفراداً وقادة، وهي حقيقة زكتها الحياة وبرهنت عليها المواقف في الأوقات العصيبة، والمطلوب وفقاً لاتفاق الرياض أن يعودوا لممارسة عملهم وأداء دورهم ومهامهم الدقيقة والخطيرة، وكلنا ثقة أنهم سوف يعملون بتنسيق وثيق وروح تكاملية مع زملائهم وإخوانهم في بغية المؤسسات العسكرية والأمنية الجنوبية.

إن ما نبتغيه من وراء الموضوع هو التنبيه والتحذير من تكرار ما حصل في الماضي وبأي صورة من الصور، وتحت أي ظرف أو مبررات مختلقة، ومهما كانت الضغوط وأساليب الابتزاز، ولا الرضوخ أمام ما يحصل اليوم من محاولات مريبة لإرسال قوات من مأرب إلى عدن تحت مبرر واهٍ ومثير للشك، والمتمثل في استعادة قوام اللواء الأول حماية رئاسية، المطلوب أن يرفض بكل حزم ووضوح من قِبل هادي أولا، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والأشقاء السعوديين، وقبل أن يقع الفأس في الرأس، ومن أجل تجنب حدوث مشروع دموي قادم سيطال الجميع، نسأل الله أن يعيد كيدهم إلى صدورهم.

المسألة اليوم أخطر مما كانت عليه في الماضي، وحتى الأمس تجاوزت ما كان سائدا من قوى وجغرافيا وأهداف موضوع اتفاق الرياض، ومن يسيطر على عدن أو غير عدن.

يبدأ مخطط المشروع الدموي بضربة زلزال شديدة ومدمرة تعيد للأذهان ما حدث في جامع الرئاسة في صنعاء يوم الجمعة الموافق 3 سبتمبر 2011، واستهدف حينها الرئيس السابق صالح وعدد من معاونيه، ثم إطلاق حملة إعلامية واسعة تلقي بالمسؤولية عن ما حدث على قيادة الانتقالي والقوات الجنوبية، وفي ذات الوقت تطلق العنان للجماعات المسلحة التي سبق أعدادها ونشرها لتدشن على الأرض تطبيق السيناريو الدموي برموز جنوبية وتحت شعار الدفاع عن الشرعية والوحدة، ثم تآمر ميليشياتها والجيوش القبلية بالتوجه جنوباً لتصفية الحساب مع شعب الجنوب وثورته وتطلعاته، وستضع التحالف العربي والمجتمع الدولي أمام أمر واقع جديد، وخيار وحيد وهو الاعتراف به والتعامل معه، وأن كان يشكل انتصاراً لكل من إيران وتركيا ونزعاتها التوسعية.

وكما تشير معلومات موثوقة ومؤشرات مثبتة إلى أن مثل هذا السيناريو كان مطروحاً للتنفيذ في السنتين الماضية، وهو الذي حال دون عودة الرئيس هادي إلى عدن، بعد أن حصل على معلومات حول ما يجري تحضيره من داخل مؤسسة الحكم ومن معربين ومعاونين لهادي، بما فيه اسم الشخص الذي سيخلفه في منصب الرئيس، وبعد أن تلقى نصائح من أكثر من طرف.

ولم تكن الأحداث التي حصلت مؤخرا سوى بدائل، بعد أن تأكدها أن هادي ليس بصدد العودة إلى عدن رغم كل الضغوط التي مورست عليه.

اليوم وبعد أن تأكدت عودة هادي إلى عدن، كما نص اتفاق الرياض، ومحاولة قوى وقيادات في الشرعية اقتحام اللواء الأول حماية رئاسية بقوات من مأرب، بغض النظر عن حجمها وتسليحها، يعود الخطر مجدداً، معززاً بدوافع ونزعات محلية وإقليمية أشد وأقوى مما كانت عليه في أي وقت سابق.

مطلوب من طرفي اتفاق الرياض، وبالذات من الرئيس هادي وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي ومن الأشقاء السعوديين النظر لما يحدث من تطورات خطيرة، وبالذات على صعيد الأمن بحسابات لا تقبل الأخطاء، وبعيداً عن العواطف والعلاقات العامة، وما كان ممكناً ومقبولاً في الأمس.. مطلوب الإسراع في تطبيق ما ورد في اتفاق الرياض من إجراءات تخص عدن، بعيداً عن التقاسم والولايات. مطلوب إجراءات ذات مضمون تدشن عملية تغيير شاملة وعميقة تنقذ عدن، وتؤسس لحالة نهوض وإعمار وإعادة بناء، وتعيد لعدن دورها ومكانتها، وطبيعتها المدنية والحضرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى