تعز.. حملة للقضاء على محطات وقود عشوائية وملاحقة باعة البسطات

> متضررون: يجب توفير أماكن بديلة وحمايتنا من "المتهبشين"

> تقرير/ مرزوق ياسين
 استيقظت سلطات محافظة تعز من سباتها الطويل، لترى أن محطات الوقود العشوائية التي ملأت الأزقة والحواري بتواطؤ من السلطة ذاتها خلال السنوات الماضية والباعة البساطين الباحثين عن لقمة عيش على أرصفة الشوارع خطر محدق يستدعي تحريك الأطقم العسكرية والجرافات للقضاء عليه.

منذ خمسة أيام تجوب جرافات السلطة المحلية وأطقمها العسكرية الشوارع الرئيسية لإزالة البسطات التي تقول السلطة إنها تسببت بمشكلات مرورية واختناقات وشوهت نصف المدينة المحاصر الذي تسيطر عليه "الشرعية".

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن إزالة البسطات التي تمتد إلى وسط شارع جمال عبد الناصر والأخرى في شارع 26 سبتمبر بأنها تحرك إيجابي يرى البعض الآخر أنها صحوة متأخرة وغير مدروسة وتفتقد للمسئولية خصوصاً في ظل وضع صعب يُعاني منه المواطنون ويعتبرونها حرباً جديدة تنفذها السلطة المحلية ضد آخر ملاذ للبسطاء الذين فقد الكثير منهم منازلهم ومصادر رزقهم بسبب الحرب والحصار والخانق المستمر منذ خمسة أعوام.

بساطون في احد الشوارع الفرعية
بساطون في احد الشوارع الفرعية

ويعتبر محمد الحاج أدهل، مهندس آلات رياضية، أن قرار السلطات أتى بشكل مفاجئ ولم يراعِ الجوانب الإنسانية لمعيشة الناس وله تبعات كارثية على حياتهم.

محمد الحاج
محمد الحاج
ويضيف في حديثه لـ«الأيام»: "كنت قبل الحرب اشتغل في الهندسة ودخلي لا يقل عن 20 ألف ريال يومياً وأتت الحرب وتوقفت الكهرباء وأغلقت النوادي الرياضية والشركات وغادرت البيوت التجارية وأسرهم إلى الخارج، كما تسببت بإلغاء كل عقود الصيانة التي كانت مصدر دخلي، وبعد أن عجزت عن سداد إيجار البيت وعجزت عن توفير أبسط متطلبات الضرورية قمت بشراء ملابس رياضية لبيعها في الرصيف هنا في شارع 26، وبالرغم من قلة عائدات البسطة لم أجد خيارا آخر حتى فوجئت بمكبرات صوت تطالبنا بالرحيل إلى البقع أو يفرس (مناطق استقطاب مسلحين)"، يتحدث ساخراً.

ويطالب محمد أدهل السلطة المحلية بتوفير أماكن وأسواق بديلة للباعة باعتبار ذلك من واجباتها.
ملاحقة من شارع لآخر
من جهته، عبد السلام مقبل المعمري، بائع ملابس أطفال تحدث لـ«الأيام» عن معاناته بسبب حملة إزالة البسطات قائلاً: "قبل أيام أتت الحملة إلى شارع جمال وتسببت بترويعنا، وأثناء نقل الملابس وإخلاء المكان سقطت على الأرض اثناء هروبي وتعرضت لإصابة في الرأس ورضوض في الرجل، والحمد لله على كل حال ولا حول ولا قوة إلا بالله".

عبد السلام المعمري
عبد السلام المعمري
يضيف: "منذ 2013م وأنا هنا في الشارع أعول أسرتي، واليوم الحملة تلاحقنا من شارع إلى آخر ولم يحددوا لنا مكانا بديلا، ولا ندري إلى أين نذهب ويعلم الله أين سنستقر".

علي عبدالله
علي عبدالله
علي عبدالله فيما قال علي عبد الله، صاحب بسطة بيع ملابس في شارع جمال: "منذ سنوات ونحن في هذه البسطة ومنذ خمس أيام وأنا لا أنام من القلق بسبب الحملة، وقد قمت بنقل الملابس إلى البيت وأبقيت القليل منها خوفاً على تلفها أثناء قدوم الحملة"، مضيفاً: "إلى أين نذهب؟! ما فيش فرص عمل إلا نكون عساكر أو نروح البقع".

أيمن مرشد الشرعبي، بائع فواكه في شارع جمال هو الآخر شكا لـ«الأيام» عن معاناته بالقول: "قبل أيام كانت (عربيتي) في الجهة الأخرى وانتقلت أمس إلى هنا بسبب الحملة، وأتمنى من السلطة المحلية أن توفر لنا سوقا خاصا نستقر فيه ويكون بعيدا عن (المتهبشين) و(المفصعين) الذين ما خلوا لنا حالنا نشقي على جهالنا".
البحث عن بدائل
أيمن مرشد
أيمن مرشد

من جهته قال نشوان الطاهري: "علينا أن نشجع كل عمل جميل ويتماشى مع النظام والقانون والعقل والمنطق حتى وإن كنا نرى أن ليس له أولوية.. فتشويه المدينة بالاستحداثات والبناء العشوائي وإنشاء محطات الغاز والبترول أو البسطات الحديدية الخرسانية في شوارعها وبكل حارة وزغط عمل مرفوض ومخالف لكل القوانين ويعرض المدينة والناس للخطر والاختناقات المرورية ويساعد على انتشار الفوضى بين أوساط المجتمع".

وعن محطات البترول والوقود التي أزالتها السلطة المحلية بالتزامن مع حملة إزالة البسطات يجيب الطاهري: "من غير المعقول أو المنطقي أن يتم إنشاء محطات بترول أو غاز بطريقة مخالفة في شوارع تجارية مكتظة بالسكان والمارة وتعريض الناس وممتلكاتهم للخطر أو أن يقوم البعض بالقوة بنصب (صنادق حديدية خرسانية) وسط الشوارع لبيع أجهزة تلفونات أو لبيع اللحوم أو القات أو قطع الملابس ونجد هناك من يتباكى على إزالتها".

محطة وقود عشوائية
محطة وقود عشوائية
وعلى الرغم من اتهام كثير من المواطنين والمراقبين للسلطات بالتواطؤ والسماح بفتح محطات خلال السنوات الماضية يذهب الطاهري إلى التأكيد على حماية المجتمع بالقول: "نحن مع حماية المجتمع من الأخطار والكوارث وإزالة العشوائيات والتشوهات التي أصابت شوارع المدينة، وفي نفس الوقت نطالب الجهات الرسمية بالبحث عن البدائل السليمة والقانونية لبعض المتضررين كبائعي القات وأصحاب العربيات والبسطات المتنقلة، أما عبر تخصيص مواقع معينة ومعقولة لهم مع توفير الحماية لهم من (المتهبشين)".


ويؤكد عبد القوي شعلان على ضرورة توفير بدائل ويضيف في حديثه لـ«الأيام»: "لماذا سمحت السلطات خلال السنوات الماضية بإنشاء محطات؟! بسبب هذا التراخي وغياب المسئولية خسر الناس ملايين وكان يفترض المنع من أولها".

وبخصوص الأكشاك والبسطات يؤكد شعلان على ضرورة توفير بدائل قبل تنفيذ الحملة: "آلاف الأسر وجدت نفسها بلا مصدر رزق فجأة، إثر إقدام السلطات في تعز على إزالة الأكشاك دون تخطيط مسبق، يحدد بدائل رزق لهم، الناس جوعى فى ظل حرب، نحن مع شوارع نظيفة غير عشوائية لكن مع مصادر رزق للناس وحمايتهم من البلاطجة".
رصد 4 ملايين للحملة
في مكتب الأشغال العامة والطرق بالمحافظة يتحدث المسئولون عن ارتباط الحملة بوكيل المحافظة لشؤون المديريات الشيخ عارف جامل وأن المكتب لا علاقة له بالحملة التي رصدت لها 4 ملايين ريال، مشرين في حديثهم لـ«الأيام» إلى أن السلطة المحلية في المحافظة انتدبت إلى الحملة نائب مدير الأشغال لشئون الأسواق صادق الطويل.

وفي رده على سؤال «الأيام» حول البدائل والخيارات التي قدمتها سلطات المحافظة للمتضررين من الحملة قال نائب مدير الأشغال لشئون الأسواق: "الحملة مستمرة منذ خمسة أيام وأقرت من قبل قيادة المحافظة ومستمرة حتى إزالة جميع محطات الوقود العشوائية في المدينة التي تشكل خطراً على السكان في الأحياء والشوارع".

شارع 26 بعد الحملة بتعز
شارع 26 بعد الحملة بتعز

وبخصوص البسطات التي تستهدفها حملة إزالة العشوائيات أشار الطويل إلى أنها مستمرة وأنها لقيت ترحيباً كبيراً، مؤكداً أن السلطة المحلية ستعمل على توفير أماكن بديلة للبسطات القديمة التي تمت إزالتها.

وأضاف: "قبل تنفيذ الحملة بثلاثة أشهر جرى تشكيل لجنة خاصة لإزالة العشوائيات بمشاركة شرطة السير والشئون القانونية بالمحافظة وأوجدنا بدائل وحددنا نقاط تجمع لكل منطقة، وهناك أماكن تتسع للآلاف من البسطات مثل موقع (سائلة القمط) في شارع 26 وأماكن أخرى لكل منطقة، ونحن نقدر الوضع الإنساني الذي نعاني منه جميعاً، متمنياً من الجميع تفهم أسباب الحملة المنفذة.

يتحدث المسئولون عن توفير أماكن بديلة للبسطات لكن المتضررين من الحملة التي تزامنت مع حملة إزالة محطات الوقود التي تشكل خطرا على حياة المواطنين يؤكدون أن السلطات لم تشعرهم بالأماكن التي حددتها لانتقالهم إليها وسط مخاوفهم من نقلهم إلى أسواق متنفذين وتسليم رقابهم لمن يصفوهم بـ(البلاطجة) و(المتهبشين)، حد وصفهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى