سقطرى وعجائب الطبيعة الموجودة فيها

> ليس من المبالغة في شيء إذا قلنا: "إن الاهتمام التي تحظى به الآن جزيرة سقطرى أحق به، وكان هذا يجب أن يكون من زمان؛ لأنها جزيرة جميلة تتوفر فيها عجائب الطبيعة"، وشيء جميل إن اتسمت عملية النشوء والارتقاء التي شهدتها جزيرة سقطرى الجنوبية اليمنية العاصفة بالفوضى المجنونة؛ حيث تحفز صخورها المرتفعة وقممها المسننة ونباتاتها الغريبة الخيال لأن يفعل نفس الشيء، حقاً لقد أبهرتني هذه الجزيرة الجميلة بمناظر جبالها وأشجارها وسواحلها عندما قمت بزيارة لها في وقت سابق، ولا أنكر أن أشجار دم الأخوين التي تشتهر بمادتها الطبية الموجودة بكثرة في الجزيرة الحالمة قد ألفتت انتباهي وانتباه الزوار السياح لمنظرها الرائع الجميل أثناء ما كنت متواجدا وقابلت هؤلاء السواح في الجزيرة.

ومما أثار ارتياحي هنا عندما تهب العواصف الهوجاء الباردة على الشواطئ من جوانب التلال ويتحدث الناس بلغة غامضة، يقولون: "إن تلك اللغة أقدم من العربية"، ومما قرأته وسمعته أن القدماء كانوا يفخرون بجزر سقطرى باعتبارها مصدرا للبخور والصبار، وحتى سنوات قليلة مضت كانت هذه الجزر التي تقع قبالة القرن الأفريقي معزولة تقريبا عن العالم الحديث، وعلمت أن بلادنا طلبت من منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) إعلان هذا الأرخبيل في بحر العرب بجباله الخضراء الرابعة وشواطئه البيضاء محمية طبيعية بسبب تنوعه الحيوي وجماله الطبيعي.

وشيء جيد أن سبق وأن أصدرت المنظمة قرارها بهذا الشيء، وبعد أن انتهت سنواتها الطويلة تواجه جزر سقطرى الآن تحدياً بشأن كيفية المحافظة على كنوزها الطبيعية مع الانتفاع بعناية على السياحة وأمن الجزيرة وزوارها القادمين إليها من السواح وتحسين حياة ربما في حدود 70 ألف نسمة تقريبا، ما يزال كثير منهم يعيشون على السمك والتمر والماعز في مناخ شديد القسوة من عواصف الرياح الممطرة.

وتلتمس من سكان الجزيرة أنهم يطمحون في الحصول على ما لدى الشعوب الأخرى فهم، يتابعون العالم الجديد، لأن في الماضي لم يعرف سكان هذه الجزر أي شيء سوى ما كان لديهم، وكانوا يعتقدون أن العالم كله مثل عوالمهم، والضغوط الآن أصبحت قوية للغاية وأن التغيير الاجتماعي الاقتصادي كان سريعاً جداً، وعلى ضوء وسمعت من سكان الجزيرة أثناء زيارتي لها في الفترة السابقة وبالذات في الطرف الشمالي الشرقي من جزر سقطرى أخبرني أحد سكانها بأنه كان في الأزمة القديمة عندما كان يصطاد أسماك القرش للاعتماد عليها في معيشته، وأن لديه ولدى زملائه الصيادين زوارق بمحركات لكن أسماك القرش ابتعدت في البحر، ويوجد صيادون كثيرون لديهم سفن كبيرة في الموانئ الأخرى مثل المكلا والحديدة.. إلخ.

ولقد شاهدت أثناء زيارتي لهذه الجزيرة الحالمة الجميلة قيام الجهات المختصة بإصلاح الطريق الذي يجري إنشاؤه بين إرسال وحديبو عاصمة الجزيرة جعل من الأسهل لسكان القرية البالغ عددهم 500 نسمة تقريبا حين ذاك القيام برحلات من وقت لآخر لشراء الطعام أو الحصول على مساعدات طبية، كما أنهم يشعرون بالامتنان للمدرسة والمستشفى الجديدين، لكنهم يحتاجون إلى وظائف حكومية.

ويدرك دعاة حماية البيئة الذين يحاولون المحافظة على سقطرى التي تنافس موريشيوس في أنواع نباتاتها المتوطنة، أنهم لا يمكنهم تجاهل المصالح المادية لسكان الجزيرة، لكنهم يتحدون - حسب ما سمعت البعض منهم - يشنون بالشكر والامتنان للحكومة السابقة التي أعطت بلادهم سقطرى أطول مدرج طائرات في اليمن كله شماله وجنوبه، وطرقا عريضة مثل بعض الطرق السريعة في اليمن، ومدارس ومستشفيات بنيت دون تفكير في كيفية تزويدها بالعاملين والأطباء أو تجهيزها وصيانتها، وقد علمت من خبير الأمم المتحدة آنذاك أثناء زيارتي للجزيرة الذي كان يعمل كبيرا للمستشارين الفنيين في برنامج حماية وتطوير جزيرة سقطرى (المشكلة هي أن المرء يحصل على طرق يبلغ اتساعها ثمانية أمتار في مناطق تكاد لا توجد بها أي مجتمعات).

وقال: "إن إرسال بها سكان عددهم نحو 500 نسمة وخمس سيارات الطريق الذي يؤدي إلى هنا له نفس الاتساع مثل الطريق بين صنعاء عاصمة اليمن والحديدة الميناء الرئيسي"، وقال ذلك الخبير الفني الأممي المتواجد حينذاك: "إن الطرق السريعة مثل هذه والطرق الأخرى التي تتجاوز قرى بدلا من الربط بينها هي شيء قبيح يزعج العين ويلحق أضرارا بالبيئة وإمكانات السياحة في سقطرى"، كما أضاف الخبير الذي قابلته في الجزيرة أن الطريق المؤدي إلى الشمال الشرقي عبر السهل الساحلي الضيق يدمر منظر الكثبان الرملية وموقعين خلابين لإقامة المخيمات واجتذاب مئات السياح.

لذلك فإنك تقتل الأوزة التي تبيض الذهب، ولا يعرف كثير من السياح الطريق إلى سقطرى التي بها بيوت ضيافة أساسية ومواقع مخيمات؛ لكن يتوقع أن الجزيرة قادمة على خير وازدهار، وأن يزورها الكثير من السياح طالما والجزيرة تعيش في هدوء واستقرار بعيدا عن البندقية وأربابها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى