حراسة المدارس مهام قديرة ورواتب حقيرة

> المدارس والمباني التربوية من أهم الصروح في المجتمع لها من المهابة والتقدير والاحترام الاجتماعي بين أوساط الناس باختلاف ارتباطهم بالمدن والانتماء إليها أو المقيمين فيها لظروف معينة فتعتبر المدارس محط تقدير واحترام حتى لو أقام فيها نازحون أو منكوبون نتيجة أضرار معينة تظل المدارس تلك المباني المحترمة والمقدرة عند أفراد المجتمع.

وفي أيام الدوام المدرسي وعند ازدحام المدارس بالطلاب وحركة دخولهم إليها ومغادرتهم لها يستقبلهم ويودعهم إنسان هو أرق مشاعر وأطيب قلب وأصبر حال وأكثر احتمال لفوضى الطلاب والفروق الفردية السلوكية بينهم يتعامل مع الجميع ببشاشة وترحاب وصبر واحتمال..

إنه حارس المدرسة الجندي الأمين والعين الساهرة على المبنى ومحتوياته والمؤتمن على أمن الطلاب وسلامتهم وممتلكاتهم فهو الذي يحفظ ممتلكات الطلاب التي وقعت منهم بين الزحام فيسلمها لهم صباحا مع مزحة لطيفة، وهو الذي بعد مغادرة الطلاب يعدل الكراسي في مكانها، ويغلق الأبواب والنوافذ في الصفوف والحنفيات في الحمامات، ويطفئ المراوح والسراجات، ويلتقط أغراض الطلاب التي وقعت منهم، ويحفظ أسرارهم، ويتواصل مع أهاليهم، ويطمئن على سلامتهم هو الأب والأم والمعلم والمدير، وهو المنقذ والمسعف والمدافع عن حرم المدرسة، وهو الحارس الأمين الذي يترك غرفته وفراشه ويقفز من مكانه مجرد سماع قرقعة في أي ركن من أركان المدرسة، ويصول ويجول في أرجائها تاركا نومه وراحته، يسهر وحده في مبنى المدرسة بعد أن يغادرها الجميع، ويستقيم مع طاقم المدرسة صفا واحدا عند استلام الراتب ليجد اسمه ضمن الإعانات الخيرية والتبرعات المزاجية أو في انتظار ما يتبقى من الفتات الذي يلمه صراف الإدارة التربوية ليجمع ما تيسر ويمنحه على مضض لحارس المدرسة الذي تنقلب المدرسة رأسا على عقب لمجرد أن قطة قفزت من السور إلى وسط الساحة والحارس كان في الحمام أو عذره عذر..

هذه هي الحالة التي يشهدها وضع الحارس في المدرسة خمسة عشر ألف ريال راتبا.. فيا ترى ماذا يمكن أن تقدمه السلطة المحلية وإدارات التربية والتعليم من رؤية إنسانية ودراسة علمية وتقدير وظيفي لوظيفة الحراس في المدارس؟ وكيف لها أن تتعامل معهم كموظفين وفق هيكل الأجور والمرتبات؟ وهل تعتبرهم موظفين أم مساهمين متطوعين؟ احترموا حراس المدارس فهم أناس مثلنا، ومهامهم من أعظم المهام، وهم الأمناء على أبنائنا وبناتنا في المدارس، لكنهم يعانون من النظرة الدونية والانتقاص لوظيفتهم، فمن العيب أن نستلم رواتبنا كمعلمين وإداريين بكشف راتب نوقع عليه ثم ينتظر الحارس ما يتم جمعه في الغلة من تبرعات بشكل مهين..

راجعوا مبادئ حقوق الإنسان، واختاروا اسما وظيفيا في هيكل الأجور والمرتبات لمسمى حارس المدرسة، واعدلوا في التعامل الوظيفي مع الاحتياجات للوظائف المرافقة للعملية التعليمية، وأعطوا حراس المدارس راتباً على قدر الوظيفة التي يؤدونها، فإن صمتهم ليس مكراً ولا تحايلاً؛ إنما قهر وحاجة وأمل أن تقدروا دورهم، فحارس المدرسة له مرتبة من أفخر المراتب، ولكن راتبه من أحقر الرواتب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى