عدن.. مدينة ساحلية وأهلها يحلمون بتناول وجبة سمك

> تقرير/ حافظ الشجيفي

> مواطنون: غلاء الأسعار حرمنا السمك ومن قبله اللحوم
شهدت أسواق العاصمة عدن للأسماك خلال الآونة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في أسعارها، شمل كل الأصناف المعروفة، على نحو تسبب في حرمان الأهالي والمستهلكين من أبناء المدينة الذين كانوا يعتمدون عليه بشكل رئيسي في وجباتهم اليومية، بعد أن فقدوا القدرة المالية على شرائه.
ليغيب بذلك السمك بعد لحوم المواشي عن موائدهم التي ظلت تزخر بشتى أنواع السمك الطازجة خلال السنوات الماضية.

وعلى الرغم من أن البحر يحيط بالعاصمة من معظم الجهات إلا أن ما تحتويه تلك السواحل الغنية بالثروة السمكية باتت حِكراً على موائد النخبة فقط الذين يمتلكون القدرة على دفع آلاف الريالات ثمناً للكيلو الواحد.

تصدير
ويشهد بحر العرب وخليج عدن اصطياداً عشوائياً وتصديراً غير منظم لأطنان من الأسماك بشكل يومي إلى دول الجوار والأسواق الأجنبية على حساب السكان المحليين الذين باتوا عاجزين عن إطعام أفراد أسرهم بوجبة سمك ولو لمرة واحدة في الأسبوع.
وسجلت أسعار الأسماك في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً تراوحت نسبته ما بين 70 إلى 95 % مقارنة بأسعارها في الأسواق المحلية قبل عام واحد، إذ بلغ سعر الكيلو الثمد - أحد أنواع الأسماك التي يقبل عليها الأهالي بكثرة – نحو خمسة آلاف ريال.

عجز عن الشراء
لم يكن المواطن سليمان النعوي يتوقع عند توجهه من المعلا إلى سوق السمك المركزي في صيرة بأنه سيعود لعائلته بثلث كمية السمك المطلوبة، فالمبلغ الذي كان يحمله كبيراً ولكنه مع ذلك لم يستطع شراء نصف الكمية المعتادة حيث فوجئ كغيره من مرتادي سوق الجملة بارتفاع كبير في الأسعار وهو أمر بات مألوفاً، كما يقول بينما ينظر إلى كمية من سمك الثمد الذي ابتاعه من سوق الجملة، قبل أن يضيف لـ "الأيام" بالقول: "بات السمك أغلى من اللحوم، هل يعقل أن يصل سعر كيلو سمك الديرك إلى سبعة آلاف ريال، فيما كان سعره لا يتجاوز الألفين ريال قبل عام، متجاوزاً في ذلك أسعار لحوم المواشي التي هي الأخرى سبق أن غابت قبل ذلك عن موائدنا وأصبحت غريبة علينا؟!".

النعوي كغيره من أبناء عدن الذين يفضلون الذهاب في الصباح الباكر إلى سوق السمك بحثاً عن الأسماك الطازجة والسعر المناسب، لكنهم أصبحوا مؤخراً يعودون بأيادٍ خالية الوفاض، كما يقول فهد السعيدي جار النعوي الذي ذهب معه بسيارة واحدة، مؤكداً أن الأسعار ترتفع عاماً بعد عام.

أسباب متعددة
واستعرض عدد من بائعي الأسماك في الأسواق المحلية بالمدينة مجموعة من العوامل والأسباب التي تضطرهم إلى رفع أسعار الأسماك، تمثلت معظمها في تصدير الأسماك بطريقة عشوائية من قبل أفراد يعملون على بيع الأسماك التي يتم اصطيادها في مياه عدن لمحافظات مجاورة، بالإضافة إلى فرض ضرائب وإتاوات جانبية على البائعين، وكذا غياب الرقابة الحكومية على تجار الأسماك أنفسهم.

يقول نصر الكعبي، وهو مالك محل صغير لبيع الأسماك في مديرية المعلا إحدى مديريات العاصمة عدن، إن "أغلب البائعين في العاصمة لا يشترون الأسماك من الصيادين مباشرة بل عبر طرف أو سمسار ثالث يتوسط بين بائعي الأسماك والصيادين، الأمر الذي يساهم في ارتفاع أسعارها بشكل كبير".
ويتابع حديثه لـ "الأيام" قائلا: "تجري عملية بيع الأسماك عن طريق هؤلاء التجار الذين يمتلكون سيولة نقدية عالية جداً بحيث يشترون نقداً من الصيادين قبل أن يقومون ببيعها على التجار من خلال محرجين في داخل السوق ليسوقوه بعدها على المواطنين، وهذا بدوره يرفع الأسعار".

بينما يشير الصياد سيف العمراني إلى أسباب أخرى أدت إلى ارتفاع أسعار السمك في الآونة الأخيرة في الأسواق بعضها، كما يقول "مرتبطة بعملية تصدير الأسماك التي تتم بشكل عشوائي ولا يراعى فيها حاجة الداخل منه في ظل غياب الرقابة الحكومية بالإضافة إلى غياب الدعم الحكومي للصيادين".

تراجع في عملية الشراء
من جانبه يرى محمد خالد، بائع في سوق المعلا، أن هناك أسبابا أخرى وراء ارتفاع أسعار السمك، منها ما يسمى بموسم الرياح التي تهب على السواحل وتحول دون تمكن الصيادين من مزاولة مهنتهم اليومية، وقلة الأسماك المعروفة في سواحل عدن خلال مواسم معينة، وكذا ارتفاع أسعار الوقود التي تعمل عليها قوارب الصيد.

وأضاف لـ "الأيام": "هناك عوامل أخرى تساهم إلى حدٍ كبير في ارتفاع أسعار الأسماك بأسواق عدن، منها المبالغ التي يتم دفعها لعاقل السوق بصورة يومية، فضلاً من أعمال الجباية التي يتعرضون لها من قبل بعض البلاطجة في السوق في ظل عدم قدرة الدولة، وكذا السلطة المحلية على ضبط هذه السلوكيات والتصرفات يقف حيالها البائع مكتوف الأيدي"، مناشداً السلطة المحلية بوقف تصدير الأسماك خاصة الأنواع التي يعتمد عليها المواطن كـ "الباغة، والديرك، والثمد، والزينوب" وغيرها من الأنواع التي تمثل الجزء الأكبر من مبيعات الأسواق المحلية، ولما تحظى به هذه الأنواع من زيادة طلب عليها من قبل المستهلكين.

فيما ألقى المواطن سعيد أحمد نعمان باللائمة على طمع وجشع تجار السمك أنفسهم الذين قال "إنهم يعملون على شراء الأسماك من الصيادين ويعمدون على رفع أسعارها بشكل مبالغ فيه"، مشيراً أن هناك تراجعاً ملحوظاً في الإقبال على شراء الأسماك بسبب الغلاء وصعوبة الظروف المعيشية التي يواجهها المواطن في الوقت الحالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى