شلل تام في مدارس عدن وعدد من المحافظات الجنوبية

> تقرير/ وئام نجيب

> دخل الإضراب في مدارس العاصمة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية أسبوعه الثاني، ما أدى إلى توقف العملية التعليمية وتعثر بدء الفصل الدراسي الثاني، جاء ذلك بعد دعوات لنقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين في المطالبة بتسوية أوضاع المعلمين ورفع رواتبهم بما يتناسب مع مهامهم، وصرف العلاوات، وما بين مطالب المعلمين وحقوقهم وعدم إيفاء الحكومة بوعودها تجاههم بات الأبناء هم الضحية الأولى.

«الأيام» تناولت هذا الموضوع ووضعته على طاولة المعنيين وخرجت بالتقرير التالي..
إهمال وحرمان
قالت معلمة في مدرسة الجلاء للتعليم الأساسي في مديرية خورمكسر وعضو في نقابة المعلمين الجنوبيين، إنجيلا محسن: "يُمارس علينا ضغط لا يعلم فيه أحد؛ حيث إننا عندما نبدأ بالتدريس تأتينا توجيهات بسرعة إنهاء المنهج في فترة زمنية محددة وغير كافية، وبهذه الحالة ينتهي العام الدراسي دون أن يستفيد الطالب أي شيء، علاوة عن الكثافة الطلابية في الفصل الواحد، كما لم يتم معاملتنا أسوةً بالمرافق الحكومية الأخرى، فلا ضمان صحي ولا تسويات، فالراتب الذي نتحصل عليه لا يكفي فقط إلا أساس الأساسيات من الراشن الشهري للمواد الغذائية، حيث في مقابل ذلك ترتفع الأسعار باستمرار والراتب محلك سر، ناهيك عن معاناة شهر رمضان والعيد". وأضافت: "كافة المرافق الحكومية يتم منحهم زيادة وحافزاً، أما نحن المعلمون يتم إهمالنا وتجاهل مطالبنا، وكأنهم يقولون لنا مُت يا معلم، ومنذ أن أجرينا الإضراب في هذا الفصل لم يتم نزول أي شخص من مكتب التربية والتعليم للاستماع إلينا، ولم يعلّق أي مسئول على ذلك، على الرغم من أن وزارة التربية والتعليم على علم بأننا سنجري الإضراب ولكنهم لم يحركوا ساكنا".

وتابعت: "فتحنا الإضراب واستأنفنا الدراسة في عام 2018 لأملنا في تنفيذ وعود الحكومة بمنحنا تسوية وطبيعة العمل، ولكن كانت مجرد وعود واهية، ونحن نعلم بأن هناك دعما تقدمه المنظمات لقطاع التعليم والمعلمين، وفي السابق تم وعدنا بسلة غذائية أتت مخصصة للمعلمين وأيضاً لم يتم تسليمها لنا". وتساءلت: "كيف يريدوننا أن لا نقيم الإضراب والراتب لا يكفينا؟ وكيف سنتمكن من أداء رسالتنا التعليمية ونفسيتنا غير مرتاحة؟".

الاستمرار في الإضراب
ونوّهت إلى أن "في الدول الأخرى لا يعطون المعلم كافة حقوقه فقط؛ بل ويتم تكريمه، ولكن في بلدنا ليس له أي قيمة، كما أن بعض الطلاب أصبحوا لا يرغبون بالدراسة ليقينهم بأن الحصول على رقم عسكري وتوظيفه في السلك العسكري أفضل من راتب المعلم، ومن هنا تلاشت هيبته، ونتيجة للظروف الصعبة للمعلمين انتشرت ظاهرة المعلم البديل بشكل كبير، وكانت هذه الظاهرة غير موجودة في عدن، بالإضافة إلى انعدام الكتب المدرسية في مستودعات المدارس بينما تتوفر بشكل كبير في الأسواق، وهذه مشكلة أخرى تضاف إلى ما سبق ذكره".

وتابعت حديثها: "نحن مستمرون في الإضراب، الذي قد يمتد إلى العام الدراسي القادم، إذا لم يتم منحنا مطالبنا المتمثلة في طبيعة العمل، والتسويات السنوية، والضمان الصحي، ورفع رواتبنا أسوة بأفراد الجيش، فالجندي يتحصل على 60 ألف ريال ويمكن أن يكون ليس لديه أي مؤهل دراسي، ناهيك وأن معلمي عام 2012 يتحصلون على رواتب أكثر من معلمي 2011، وهي الفئة المظلومة". مشيرة إلى أن الجميع خاسر من عملية إيقاف الدراسة، أما الجهات الحكومية فأبناؤها يتعلمون في المدارس الخاصة ودول الخارج.

واختتمت حديثها: "الحكومة أعادت التعليم إلى فترة ما قبل الاستقلال عندما كانت تتم الدراسة تحت شجرة".

رداءة التعليم
كما تحدث معلم، فضل عدم ذكر اسمه، قائلاً: "لابد على كافة شرائح المجتمع من الوقوف إلى جانب حقوق المعلمين، فرواتبهم لا تكفي لتلبية احتياجات أسرهم الضرورية، كما انعكس ذلك سلبياً على المعلم والمتعلم والعملية التعليمية بشكل عام، وأقولها وبكل أمانة التعليم الآن ليس كالسابق، ولا يتم تقديمه بالشكل المناط به، كون المعلم لا يتحصل على حقوقه، وذلك يؤثر على نفسيته وبالتالي يؤثر على تقديمه للرسالة التعليمية".

وأضاف بالقول: "الحكومة تريدنا أن نسدد فواتير الكهرباء والمياه وأن نعمل بكل ما أتينا من قوة بمقابل راتب زهيد لا يكفي لسد الحاجات الضرورية، ناهيك وأن الغالبية العظمى منا يسكن في منازل إيجار، كما أننا لم يتمكن من البحث عن عمل إضافي لمجابهة غلاء المعيشة؛ كوننا نداوم من الصباح وحتى الظهيرة، حيث إن الواحد منا أصبح يمر بجانب مالك البقالة ولا يستطيع رفع رأسه نتيجة لتراكم الديون عليه".

خطأ في إستراتيجية الرواتب
من جانبه، د. عيدروس قطن، أستاذ محاضر في كلية النفط والمعادن جامعة عد، قال: "أنا مع إضراب المعلمين، حيث إن مطالبهم قانونية ومشروعة، علما وأن أبنائي متضررون من إجراء إيقاف الدراسة ولم أتمكن من إلحاقهم بالمدارس الخاصة، ولكن كيف سيتمكن المعلمون من أداء رسالتهم التعليمية دون الحصول على تأمين معيشة أولادهم، والدولة تدعي ضعف إيراداتها مع العلم وأن ذلك غير صحيح، فهي تستغلها وتصرفها على شراء الضمائر، وهناك خطأ يجري في إستراتيجية الرواتب، حيث إن المرافق الإيرادية تتحصل على رواتب أعلى من المرافق الخدماتية، دون مراعاة الشهادات وفترة الخدمة والمنصب الإداري"، مضيفاً "في حال تم تنفيذ مطالب المعلمين واستئناف الدراسة فعلى المدارس فتح أبوابها في الإجازات لتعويض أبنائنا ما فاتهم".

ومن جهتها، قالت أم عمر، وهي ولية أمر: "الإضراب ليس لمصلحة الطلاب، ومن حق المعلمين المطالبة بحقوقهم؛ ولكن لا يتم ذلك بالتعليم ولكن بأساليب أخرى، والمفترض أن لا تقف عجلة التعليم خاصة مع وضع البلد غير المستقر، فتعليق الدراسة في هذه الفترة كارثة، وبهذه الحالة سوف يتذمر جيل بأكمله، أما عن الحكومة فهي غير متضررة، ولا يوجد بديل لتعليم أبنائنا سوى المدرسة، ومن هنا نحمل المسئولية الكاملة وزارة التربية والتعليم في ضياع مستقبل أولادنا من التعليم ولجوؤهم إلى الشارع، حيث وصل الحال بأنني عندما أحث أبنائي على المذاكرة، يكون ردهم لي: لماذا نذاكر والمدارس مغلقة؟!، ولا نعلم إلى متى سيستمر هذا الوضع".

التدرج في الإضراب
بدوره، أفاد مدير مكتب التربية والتعليم بمحافظة عدن، د. محمد الرقيبي، لـ "الأيام"، بالقول: "نحن مع مطالب وحقوق المعلمين، وهناك غبن من قبل الحكومة تجاه المعلمين في جميع محافظات الجمهورية المحررة وخاصة عدن، ولكن هناك قواعد للإضراب، كما أن العمل النقابي له آلياته، فلا يصح إجراء الإضراب بشكل مباشر وشل الحياة العامة للمدارس، فلابد من التدرج في الإضراب بحسب قانون الإضراب المتمثل في عمل الإشارات الحمراء والإضراب الجزئي، أما ما يجري من استخدام البعض في القوة في عمل الإضراب وإخراج الطلاب من المدارس وإغلاقها فهذا أمر غير مقبول".

وأضاف: "نحن في مكتب التربية والتعليم نعكس مطالب المعلمين سنوياً، والتي كان آخرها العام الجاري في الموازنة العامة للدولة، ولم يتم حتى الآن إقرارها من قِبل الحكومة، أكان من طبيعة عمل من عام 2011 أو تسويات أو علاوة سنوية، ولا يوجد أي تنفيذ نستطيع من خلاله أن نطمئن المعلمين، وفي ظل ارتفاع أسعار العملة مقابل الريال اليمني أدى ذلك إلى اشتداد ظروف الحياة على المعلمين، وبالتالي لا يستطيع المعلم إيصال الرسالة التربوية بشكل صحيح".

حالة استثنائية
ونوّه الرقيبي إلى أن "عدن تعيش حالة استثنائية في ظل الفراغ الحاصل في السلطة المحلية على مستوى المحافظة، وعدم وجود محافظ عدن في هذه الفترة أدى إلى تفاقم الأزمات بشكل كبير حيث عكس ذلك في مختلف جوانب الحياة العامة في عدن، ومنها قطاع التربية والتعليم، ومع ذلك لدينا استعداد تام في مكتب التربية والتعليم على تشكيل لجنة إدارة أزمة في عدن تتولى دراسة الحلول والبدائل وأبرزها تأجيل توزيع شهادات الفصل الدراسي الأول الذي كان مزمع توزيعها في اليوم (15 يناير)، إضافة إلى رفع مقترح يقضي بتمديد العام الدراسي، وأتمنى من الإخوة في النقابة تحمل مسئوليتهم وإدارتهم للأزمة بما يتناسب مع حقوق أبنائنا الطلاب في حصولهم على التعليم في أجواء مناسبة، وعلى الحكومة أن تعي بأن لولا المعلم لما كان هناك الطبيب والمهندس ولا الوزير، وبالتالي عليهم الإسراع في حلحلة الملف الشائك في قطاع التربية والتعليم المتمثل في حقوق والمطالب الأساسية للمعلمين".

مطالب حقوقية
وأردف بالقول: "الإضراب يشمل كلاً من عدن، ولحج، وأبين، والضالع وجزء كبير من شبوة، والكرة حالياً في ملعب الإخوة في وزارة التربية والتعليم ووزير المالية ودولة رئيس الوزراء، كما أتمنى أخذ مطالب المعلمين بعين الاعتبار، كون التعليم مسئولية مجتمعية بحاجة لتكاثف جميع الأطراف، ولأن مطالب المعلمين حقوقية تراكمت منذ سنوات طويلة، ناهيك وأن معلمي 2011 تعينوا بقرار سياسي أكثر مما هو قرار حكومي تسبب ذلك بمعاناة شريحة كبيرة منهم".

خطوات تصعيدية
ومن جانب قيادي منتخب لنقابة المعلمين الجنوبيين، حسين الجعدني قال: "الإضراب قائم، علماً بأنه ليس وليد اللحظة؛ بل مرّ على عدة مراحل من خلال خطوات تصعيدية، وقد تابعنا الجهات المعنية وأجرينا اتفاقية مع الوزارة قبل عام على أن يتم تنفيذ مطالبنا كمرحلة أولى، وهي العلاوات السنوية وطبيعة العمل، ولكن لم ينفذ ذلك، ومن ثَمّ قمنا بتصعيد آخر وأجرينا وقفتين احتجاجيتين، وقابلنا نائب رئيس الوزراء سالم الخنبشي، وسلّمناه ملفات حقوق المعلمين، من ضمنهم المعلمون الجنوبيون المنقولون والنازحون، وحتى الآن لم يتم صرف رواتبهم المتوقفة منذ ثلاثة أشهر، على الرغم من أنه وعدنا بمناقشة الموضوع مع الحكومة، إلى أن اندلعت الاشتباكات في العام الماضي وتوقف موضوعنا، ومن ثم أتى اتفاق الرياض وقبل دخول الفصل الدراسي الثاني قمنا بتعميم بيان رسمي في جميع المدارس والوزارة ومرافق التربية والتعليم، يقضي بعزمنا على القيام بالإضراب حتى تنفيذ حقوقنا".

ونوّه بالقول: "نحن بصدد القيام بوقفة احتجاجية غداً (الخميس) أمام قصر المعاشق بعدن، تضم أكبر عدد من المعلمين في عدن والمحافظات الأخرى، وعبر "الأيام" نوجّه رسالة لرئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والتحالف العربي بالضغط على الحكومة للالتفات إلى مطالبنا".

تهرّب
هذا، وكانت صحيفة "الأيام" تواصلت مع مدير عام الإعلام التربوي في وزارة التربية والتعليم محمد حسين الدباء للتعليق حول هذا الموضوع ووعد بتزويدنا بتصريح من الوزارة لكنه لم يوفِ بوعده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى