> أيها الزعماء، كيف استطاع الدهر أن يمد يده إلى شملكم فيبدده وجمعكم فيفرقه؟!، أين أسواركم وأبوابكم وحراسكم وحجابكم، وكيف عجزتم أن تمنعوا على القضاء وتصدوه عن أنفسكم عادية البلاء.
أيها الزعماء لقد كان ارتفاعكم عظيماً فوجب أن يكون سقوطكم عظيماً.. إنكم ذقتم حلاوة الحياة خالصة فلما ذقتم مرارتها جزعتم؟.

إنكم لا تدرون لعل الله أراد بكم خيراً بمنحكم قبل سقوطكم فرصة من الزمن تجلسون فيها لأنفسكم وتراجعون فيها فهرس أعمالكم تجاه شعوبكم وأمتكم، لكن للأسف لم تأخذوا بعِبر الدهر وموعظته.

إنكم صنيعة الشعب وأجيره لا آلِهة ومعبودين، وإنكم في كراسيكم لا فرق بينكم وبين ذلك العامل في المزرعة وذلك العامل في المصنع، كلاكما مأجور على عمل تعملوه، وكلاكما مأجور على اتقان العمل، ما هذه السلطة التي تزعمونها لأنفسكم؟، أن تدخلوا الجنة من تشاؤون وتخرجون منها من تشاؤون، وما هذه القصور التي تسكنوها والديباج الذي تلبسونه والعيش البارد الذي تنعمونه به؟، لذلك سيسألكم الشعب: هل قمتم بحماية القانون الذي أوكل إليكم حراسته، فأنفدتموه كما هو من غير تبديل ولا تأويل؟، هل عدلتم بين الناس وساويتم بين قويهم وضعيفهم وغنيهم وفقيرهم؟.

هل استطعتم أن تخلصوا عقولكم من يدي هواكم، فلم تدعوا للحب ولا للبغض سلطاناً على نفوسكم بعدل؟، وهل صممتم آذانكم من سماع كلمات المدح والنفاق والثناء الكاذب فلم تفسد على الناس فضائلهم ولم تقتل عزة نفوسهم ولم يذهب بهم الخوف من ظلمكم؟.
أيها الزعماء.. ليست العظمة التي تعرفونها لأنفسكم إلا منحة من الفقراء إليكم لولا تواضعهم بين أيديكم ما علوتم، ولولا تصاغرهم في حفرتكم ما استكبرتم، فلا تجزوهم بالإحسان ولا تجعلوا الكفر مكان الشكر لتوقفوا النعم وتستدعوا النقم.

إنكم أيها الزعماء لم تكونوا رجالاً عادلين في أحكامكم وفي آرائكم ولم تعملوا على إصلاح نفوسكم ولم تتعلموا كيف يتحرر من أهوائكم وأغراضكم.. إنكم أيها الزعماء عجزتم أن تكونوا عادلين لشعوبكم ولم تكونوا راحمين بهم ولم ترحموا أنفسكم وتعفوها في الدخول في مأزق أنتم عاجزين عنها!. أرحمونا فقد ضاقت صدرونا وسلمت نفوسنا من زعامتكم واستعلائكم.

فلنقف جميعاً في الطريق كشعب نقول كفى كفى.. إن هذه الزعامة همجية ووحشية، إنها تشوّه وجه المدينة الجميل، وإن الحياة ملك الشعب وعزيز عليه أن تسلب منه، وأن التمتع بالحرية حق من حقوق هذا الشعب، فلا يفترض سلبها منه.