الامم المتحدة تحيي الذكرى الـ75 لتأسيسها وسط عالم من انعدام الثقة وتغير القوى

> الامم المتحدة «الأيام» أ ف ب

> مع دخول الأمم المتحدة عامها الخامس والسبعين، لا يزال العالم يعاني من انعدام الثقة، ولا تزال الولايات المتحدة هي القوة العظمى التي تهيمن على العالم، رغم أن هذه الهيمنة آخذة في التضاؤل، في حين تتنامى القوة الآسيوية في مواجهة أوروبا المتصدعة، ويتوسط كل ذلك شرق أوسط متفجر.

في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، لم تنته الحرب الباردة أبداً، واتضح ذلك في مشهد جرى في اروقة هذه المنظمة عندما تمت ملاحظة دبلوماسي أميركي يختبئ خلف جدار للاستماع إلى ما قاله السفير الصيني لمجموعة من الصحافيين.

ورغم ان العالم تمكن من تجنب حرب عالمية ثالثة، إلا أن النزاعات التي تندلع تستمر لسنوات، كما يظل خطر نزاع أوسع ماثلاً، كما شهدنا منذ فترة عندما أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني في غارة جوية في بغداد في خطوة كادت أن تؤدي الى اشتعال نزاع جديد، بينما كان مجلس الأمن الدولي يجلس متفرجاً.

وقال الأمين العام أنطونيو غوتيريش في خطاب أخير "مع تزايد الاضطرابات، تتراجع الثقة داخل الدول وفي ما بينها"، ووصف التحديات المتعددة بأنها "اختبار خطير للتعددية".

وقال في وقت سابق من يناير خلال مناقشة حول ميثاق الأمم المتحدة "نرى هذا العجز في الثقة في الشوارع في جميع أنحاء العالم، حيث يعبر الناس عن إحباطاتهم وشعورهم بأن المؤسسات السياسية بعيدة عن الواقع، أو غير قادرة أو غير راغبة في تحقيق تطلعاتهم".

وأضاف "ونرى ذلك في عمل الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن، عندما تجد بعض الدول الأعضاء صعوبة أو حتى تفشل في إيجاد أرضية مشتركة معقولة بينها".

نزاعات غير متماثلة

تراجع دور الأمم المتحدة كمنتدى عالمي لحل النزاعات بشكل دراماتيكي منذ أن طرحت القوى التي خرجت من أنقاض الحرب العالمية الثانية فكرة تأسيسها في مؤتمر يالطا في فبراير 1945.

بالنسبة للبعض، بدأت التشققات في هذا الصرح تظهر بالفعل في عام 2011 مع بداية الحرب السورية والإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي بقيادة القوى الغربية. وبالنسبة لآخرين، كان الغزو الأميركي البريطاني للعراق عام 2003 هو الذي وجه للنظام الدولي ضربة مدوية.

وحلت الحرب غير المتماثلة، أي الحرب بين طرفين غير متماثلين في القوة، محل توازن القوى الذي ميّز ذروة الحرب الباردة، بحيث أصبحت الهجمات في شوارع أوروبا وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط متكررة إلى درجة تبدو وكأنها أمر معتاد. وأطل التهديد القديم المتمثل في الانتشار النووي برأسه مرة أخرى، مصحوبًا بمخاطر الاحترار العالمي الجديدة.

كما فتح انسحاب الولايات المتحدة من المسرح العالمي خلال العقد الماضي، إلى جانب الخلافات الأوروبية، الباب أمام التوسع الروسي، الذي ثبت أنه من الصعب إيقافه في مناطق الأزمات مثل سوريا أو ليبيا أو فنزويلا أو كوريا الشمالية.

وقال ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان "مقاربة روسيا تجاه الأمم المتحدة غالباً ما تكون أكثر ذكاءً من الناحية الدبلوماسية مقارنة مع الدبلوماسية الغربية".

وأضاف "الولايات المتحدة والأوروبيون غالبا ما يرون في مجلس الأمن منصة للإدلاء بتصريحات أخلاقية بدلاً من السعي لعقد صفقات دبلوماسية حقيقية".

وأصبحت الصين ثاني أكبر ممول للأمم المتحدة بعد واشنطن، إلا أنها اتبعت خطوت محسوبة بدقة على الساحة العالمية.

قال برتراند بادي من معهد الدراسات السياسية في باريس لفرانس برس "الصين لديها سياسة خارجية أكثر وضوحا من أي وقت مضى، لكن تلك السياسة تهدف إلى فصل الإمبريالية الاقتصادية الغازية، عن التدخل المتعدد الذي لا تثق به بكين".

وبالمقارنة مع 75 عاماً مضت، لم تعد هناك سوى نقاط مرجعية قليلة جداً.

عالم الغرور

منذ تأسيسها، يبلغ عدد الأعضاء الدائمين في الأمم المتحدة خمس دول تتمتع بحق النقض، ونظرتها للعالم تعكس هذا التوزيع القديم للسلطة.

وقال بادي "ان الجنوب لم يتم دمجه مطلقاً في اللعبة العالمية" مشيرا إلى انه أصبح هناك الآن "نظام جديد لا تستطيع القوى القديمة فهمه".

وقال غوان "خلال الحرب الباردة، أصدر مجلس الأمن عددا قليلا نسبيا من القرارات. والدبلوماسيون من تلك الحقبة لا يعترفون بالقرارات الضخمة التي يصدرها المجلس الآن بشأن عمليات حفظ السلام، التي تغطي كل شيء من الشؤون الإنسانية إلى تغير المناخ".

وأشار إلى أن "مسؤولي الأمم المتحدة كانوا يشعرون (في تلك المرحلة) بأن معظم قرارات مجلس الأمن طويلة جدا ومعقدة بشكل لا يمكن تطبيقها".

ناهيك عن القرارات التي لم يتم تمريرها، أو التي فشل الاعضاء في تلبيتها مثل اتفاقات المناخ والاتفاق النوي الايراني ومعاهدات نزع الأسلحة.

وقال بادي "لقد فقد مجلس الأمن مصداقيته التي لم تكن أكثر من مجرد إجراء شكلي في الماضي .. واليوم فقد هُزمت هذه القرارات في مواجهة الطبيعة الفوضوية لألعاب القوى الكبرى".

وأعرب أحد سفراء الأمم المتحدة عن أسفه "لعالم الغرور الذي يستخدم الأزمات فرصة لإظهار القوة"، بينما أثناء الحرب الباردة بذلت جهود أكبر من أجل "حماية السكان المدنيين وحقوق الإنسان".

وقال احد مسؤولي الامم المتحدة "كان من الأسهل في الماضي التفاوض بين الخصوم".

بالنسبة لغوتيريش هناك خوف حقيقي مما وصفه في ايلول/سبتمبر بأنه "الانقسام الكبير: فالعالم انقسم الى قسمين بعدما اوجدت اكبر قوتين اقتصاديتين في العالم عالمين منفصلين متنافسين كل له عملته المهيمنة وقواعده التجارية والمالية وشبكة انترنت خاصة به وقدرات ذكاء اصطناعي خاصة، واستراتيجيات جيوسياسية وعسكرية خاصة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى