«الحِدادة».. مهنة يتوارثها الأبناء عن الآباء بجعار أبين

> تقرير/ عبدالله الظبي

> تعد مهنة الحِدادة من أصعب المهن، ولا يتقنها إلا القليلون من الناس، حيث تُعد واحدة من المهن التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد في مدينة جعار بمحافظة أبين، ومن خلالها يقومون بتوفير العديد من المستلزمات والأدوات التي تدخل في الحياة اليومية، وبهذا أصبحت مصدر دخل للعديد من الأسر في المدينة.
وفي العادة يعمل أصحاب هذه المهنة بجانب حرارة مرتفعة يضعون عليها أدوات حديدية؛ ليتمكنوا من تحويلها للأشكال المطلوبة، وتارة أخرى يجتهدون لإشعال النار وزيادة حرارتها ولهيبها لتصبح قادرة على تذويب هذه المواد الحديدية والصلبة.

والحدادة في مدينة جعار ذات طابع تقليدي معروف في أبين خاصة والبلاد عامة، وتجد الكثير من أصحاب هذه المهنة يكدحون يومياً رغم حرارة النار التي تلسع وجههم وأجسادهم.
«الأيام» قامت بزيارة إلى محلات الحدادة لأسرة الهبيري في سوق مدينة جعار، والتقت بعدد من الأبناء والعاملين معهم في هذه المهنة منذ فترة زمنية طويلة، والتي تعد مصدر دخل لهم ولكثير من الأسر محدودة الدخل.

مصدر رزق
إيهاب محمد
إيهاب محمد
يقول الحداد إيهاب محمد عوض الهبيري: "بدأت أُمارس هذه المهنة الشاقة مع والدي رحمه الله وأنا صغير، ووالدي ورثها عن جدي منذ فترة طويلة، وبهذا تُعد مصدر رزق نعتمد عليه لتوفير متطلبات الحياة اليومية لنا ولأسرنا، وهي مهنة شريفة توارثناها واجتهدنا في العمل بها لمواجهة أعباء الحياة المعيشية الصعبة وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية".

وأضاف شارحاً العملية التي تتم فيها عملية الحدادة قائلاً: "الحِدادة تبدأ بتسخين قطعة حديد في مكان مخصص لهذه المهمة، ومن ثم نقوم بتشكيلها بالمطارق والأشكال حتى الوصول للهدف المطلوب، وبعد الانتهاء من هذه العملية نقوم بوضع المواد الحديدية بعد أن نقوم بحدادتها مثل السكاكين والفؤوس والمجارف والمطارق والآلات الحديدية المتعلقة بالأبواب والنوافذ والزراعة، وهذه المهنة شريفة وأفتخر بها خاصة وهي إرث أجدادي ومصدر كسب لقمة العيش الحلال لأسرتي المكونة من 5 أفراد".

مهنة شاقة
خالد زين
خالد زين
فيما قال الحداد خالد زين صالح: "منذ الصباح نقوم للعمل في هذه المهنة المتعبة والشاقة إلى فترة الظهر بعدها نعود للعمل إلى المساء؛ كونها مصدري الوحيد لإعالة أسرتي المكونة من 7 أفراد".

ويعمل صالح في هذه المهنة منذ عام 2001م، بعد أن تعلمها من أبيه. ويضيف: "رغم مشقة العمل وشدة حرارة (النار) والآلات المستخدمة، لا نتحصل من مردودها سوى مصروف اليوم فقط، ولهذا نطالب من السلطات المحلية بالمحافظة والمنظمات الدولية بتقديم الدعم والمساعدة لنا كي نستطيع شراء معدات وآلات حدادة تتواكب مع احتياجات سوق العمل المحلي وغيرها من آلات الحدادة"، مشيراً إلى أنه وإخوانه علموا أيضاً أبناءهم للحفاظ عليها كمهنة وحرفة يدوية تحد من الفقر، وكذا لتحسين دخلهم المعيشي في المستقبل.

على وشك الاندثار
أكرم محمد
أكرم محمد
من جانبه، وصف الحداد، أكرم محمد عوض الهبيري، "الحدادة" بالمهنة الشريفة. وقال: "أنا اعمل في هذه الحرفة اليدوية منذ كنت صغيراً مع والدي رحمه الله".
وكرام خريج كلية التربية قسم اللغة الانجليزية في العام 2008م، ولم يتحصل على أي وظيفة حتى اليوم مما أضطره للعمل في هذه المهنة برغم من أنها شاقة كما يقول.

وتابع حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "لدي أسرة مكونة من 4 أفرد، اعمل في هذه المهنة بشكل يومي من أجل توفير القمة العيش لهم، كما أنها تُعد مصدر دخلي الوحيد، أتحصل من خلالها على 3 آلاف ريال يومياً كحد أدنى بينما يوصل في بعض الأيام إلى 10 آلاف ريال، ذلك نطالب من المنظمات الدولية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان الأعمال الإنسانية والسلطة المحلية بالمحافظة بتقديم الدعم لنا لتطوير هذه المهنة وتوفير المعدات الحديثة أو بتوفير فرصة عمل جيدة".

فيما قال أبو محمد، هو أحد الزبائن: "نحن ما زلنا نقوم بحدادة السكاكين ولفؤوس والمجارف والمطارق والآلات الحديدية المتعلقة بالأبواب والنوافذ والزراعة عند أبناء الهبيري بطرق التقليدية منذ زمان ونفتخر بهذه المهنة لكونها ما زالت موجودة إلى يومنا هذا محافظين عليها، باعتبارها من المهن القديمة برغم تطور الحاصل في وقتنا هذا".

أسباب متعددة
رياض منصور
رياض منصور
وأوضح الإعلامي رياض منصور، أحد أبناء مدينة جعار، بأن الحِدادة من الحِرف التي اندثرت في مدينة جعار بعد أن كانت إحدى أهم المهن فيها، وبها عُرف أهم شوارع سوق جعار بسوق الحدادين.

وأعاد منصور اندثار هذه الحرفة اليدوية إلى عدة أسباب؛ من أهمها: دخول الآلات الحديثة، واستيراد القطع الحديدية والسكاكين والفؤوس الجاهزة من الخارج، بالإضافة إلى ضعف أو انعدام المردود المادي لهذه المهنة، الأمر الذي أدى إلى تخلي أصحابها عنها، مؤكداً بأنه لم يعد في مدينة جعار غير اثنين فقط ممن يشتغلون بهذه الحِرفة، وهما: الهبيري وباصليب.

وأضاف في حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "أيضاً من أهم الأسباب التي أدت إلى اندثارها هو تخلي السلطة المحلية عن هذه الحِرف وعدم دعمها وتشجيعها وتوفير القروض المادية من شأنها أن تساعد على تحسين العمل في هذه الحرف، ومن على منبر «الأيام» نناشد السلطة المحلية والمجلس الانتقالي أن يولوا هذه الحِرف وينقذوها من الاندثار، لاسيما أنها تُعد امتداداً لتاريخ الأجداد، كما نناشد السلطات بالاهتمام بالحرف اليدوية الأخرى كالحياكة وغيرها".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى