هدنة «القناة الخلفية» تترنح بين السعودية والحوثيين..

> جهود أمريكية جديدة في مسقط لنزع تصعيد الهجمات البالستية والغارات الجوية

> «الأيام» غرفة الأخبار:

بدأت الهدنة التي تتم عبر "قناة خلفية" بين السعودية وجماعة الحوثيين منذ 5 أشهر بالترنح أكثر من أي وقت مضى، مع استئناف الحوثيين الهجمات الصاروخية على المملكة، والتي كان آخرها أمس الأول الجمعة، بتزامن مع تكثيف التحالف العربي غاراته الجوية على أهداف حوثية في محافظات يمنية أبرزها صنعاء ومأرب والجوف؛ حيث تشتعل الجبهات بمعارك ضارية منذ أسابيع.

واستهدف الحوثيون منشآت شركة أرامكو السعودية في مدينة ينبع، على ساحل البحر الأحمر، باستخدام 12 طائرة مسيرة وثلاثة صواريخ بالستية لكن الدفاعات الجوية السعودية اعترضتها ودمرتها.

وتفيد مصادر سياسية بأن المشاورات غير معلنة التي تجريها السعودية مع الحوثيين بدأت في أكتوبر الماضي عبر "قناة خلفية" قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إنها تمت بالفعل، وأدت إلى تراجع مستوى العنف بشكل لافت مع توقف الهجمات الحوثية على أراضي المملكة، كما قلص التحالف من ضرباته الجوية بشكل شبه كلي. وطيلة الأشهر الخمسة الماضية لم تعلن السعودية عن أي هجمات صاروخية حوثية على أراضيها لكن الضربات الحوثية الأخيرة يوم أمس الأول الجمعة دفعت إلى انهيار تلك المحادثات السرية التي ظلت مكتومة في مسقط وبرعاية أمريكية.

وقالت مصادر على صلة بالمحادثات بين الرياض والحوثيين، إن فصائل في الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية أثارت الاضطرابات في محاولة "لتقويض المحادثات خشية أن يضعف التوصل لاتفاق موقفها في أي مفاوضات أوسع".
ونفى متحدث باسم الحكومة أن تكون القوات الحكومية استفزت الحوثيين، ونقلت وكالة رويترز عنه القول: "إنها كانت ترد على تحركات جماعة الحوثي". لكن في المقابل اتهم مسئول حوثي الحكومة بمحاولة "تحقيق مكاسب على الأرض خلال فترة الهدوء".

ويعرض التصعيد جهود السلام التي تبذلها السعودية والأمم المتحدة للخطر، ويسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه الرياض في مسعاها للخروج من حرب مكلفة وباتت لا تحظى بقبول شعبي.
وقال وزير الخارجية السعودية، بن فرحان، تعليقاً على الهجمات الصاروخية، إن الحوثيين غير جاديين في إحلال السلام، وأن محاولات ضرب أهداف سعودية حساسة في ينبع قد يغير ردة الفعل السعودية، إلا أنه وبشأن القتال في نهم والجوف، أكد أنه لا يشكل خطراً على محادثاتهم مع الحوثيين.

ولم تكن الضربة الحوثية التي تمت بصواريخ باليستية بعيدة المدى ومجنحة و12 طائرة "درونز"، فجر أمس الأول الجمعة هي التهديد الأول لشهر العسل السعودي ـ الحوثي، كما يقول يصفه مراقبون، فالسبت الماضي شهد إسقاط الحوثيين لمقاتلة تابعة للسلاح الجو السعودي من طراز "توريندو" في محافظة الجوف، ولا يزال مصير طاقمها غامضاً حتى اللحظة، كما كشف الحوثيون عما سموه بـ "جيل جديد" من صواريخ أرض ـ جو، ستمكنهم من استهداف مزيد من المقاتلات السعودية.

ولم يكتفِ الحوثيون بالهجوم الأول الذي تعترف به السعودية منذ هجمات منشآت بقيق وخريص منتصف سبتمبر الماضي، بل توعدوا السعودية بـ "ضربات موجعة ومؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره"، وفقاً لتعبير المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع.

وأمس السبت، خرج المتحدث الرسمي للحوثيين ورئيس وفدهم التفاوضي، محمد عبد السلام "ليبارك الهجمات الجديدة على السعودية"، معتبراً أن عملية استهداف عمق ما وصفها بـ "مملكة العدوان"، بقصف شركة أرامكو في ينبع "تأتي في إطار الرد الطبيعي والمشروع على استمرار العدوان والحصار، واستمرار ارتكاب الجرائم، وآخرها جريمة المصلوب بمحافظة الجوف".

وقال عبدالسلام: "لن نتخلى عن حق الرد، ولن نسمح للعدو أن يستبيح الدم دون تدفيعه الثمن".
وعلى الطرف الآخر، تعهد متحدث التحالف العربي العقيد تركي المالكي، بـ "تنفيذ كافة الإجراءات الحازمة والصارمة"، ووصف الهجمات الحوثية الأخيرة على ينبع "بالوحشية".

وفي إشارة ضمنية إلى الهدنة غير المعلنة، قال المالكي إن "قيادة قوات التحالف مارست أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع انتهاكات المليشيا الحوثية، باستخدامها الصواريخ البالستية والطائرات بدون طيار والقوارب المفخخة والمُسيّرة عن بُعد".
وألمح المالكي إلى ضربات جوية قد تطاول صنعاء كرد على هجمات "ينبع"، وقال إن العاصمة اليمنية "أصبحت مكاناً لتجميع وتركيب وإطلاق الصواريخ البالستية من قِبل المليشيا الحوثية تجاه أراضي المملكة".

وكانت صنعاء أبرز بنود هدنة "القناة الخلفية"، حيث اشترط الحوثيون عدم شن التحالف أي ضربات جوية فيها، في مقابل وقف إطلاق الصواريخ وشن هجمات بطائرات مسيرة على مدن سعودية، وبالفعل لم ينفذ التحالف منذ أكتوبر الماضي سوى ضربة واحدة طاولت جبل عطان، جنوب صنعاء، أما باقي المناطق الحدودية وصعدة والجوف فقد تواصلت غارات التحالف فيها خلال فترة التهدئة، ولو كانت بشكل متفاوت.

وأمس الأول الجمعة، نفّذت مقاتلات سعودية سلسلة غارات مكثفة على أهداف تابعة للحوثيين في نهم شرق صنعاء وصرواح بمأرب والجوف، وتحدثت قناة "المسيرة" الحوثية عن نحو 27 غارة جوية.
والجبهات الثلاث هي الأكثر اشتعالاً منذ أواخر يناير الماضي، وتسببت بانفراط عقد الهدنة غير المعلنة، مع عودة الضربات الجوية التي حاولت التصدي للزحف الحوثي على نهم والجوف ومساندة القوات الحكومية، وهو ما جعل الحوثيين يستأنفون هجماتهم على الأراضي السعودية.

وتزامنت الهجمات الحوثية على ينبع مع زيارة لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى الرياض، حيث كان وضع اليمن أحد أبرز محادثاته مع العاهل السعودي.
وبدأ بومبيو أمس الأول الجمعة زيارة إلى مسقط التي تلعب دور الوسيط الأكبر بين الحوثيين والسعودية. ومن المتوقع أن تركز محادثاته على نزع فتيل التصعيد باليمن ووقف الهجمات السعودية، من أجل الدفع بالمشاورات غير المعلنة، إلى مستوى متقدم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى