> تقرير/ عبد الله الظبي

يعاني الشاب محمد حسن صادقي من إعاقة متعددة، فهو أصم وأبكم وكذلك إعاقة حركية "شلل نصفي"، نتيجة خطأ طبي في طفولته، لكنه تحدى ظروف إعاقته وقرر العمل لمواجهة أعباء الحياة، مستمتعاً في رعي المواشي.
"صادقي" الشاب الأبيني (30 عاماً) أجبرته ظروفه المعيشية الصعبة على العمل في وقت يفترض أن يتحصل على الرعاية والاهتمام من الجهات الحكومية.

«الأيام» زارت محمد حسن صادقي الذي يقطن في منزل شعبي هو وأطفاله وزوجته في منطقة حصن شداد، والتقت به واستمعت إلى الصعوبات التي يعاني منها، وذهبت معه في رحلة إلى الأماكن التي يقوم برعي الأغنام فيها والمسافة التي يقطعها".
يشير صادقي إلى أنه أصيب بمرض في طفولته نتيجة خطأ في التشخيص والعلاج من قِبل الأطباء، مما أدى ذلك إلى تفاقم معاناته، ووجد نفسه معاقاً عاجزاً عن الحركة، حيث يعاني من شلل نصفي، وفاقد للسمع وعاجز عن الكلام.

ويروي لنا محمد حسن صادقي معاناته في العمل رغم الإعاقة التي يعاني منها عبر لغة الإشارة بواسطة زوجته، والتي ترجمت لغة الإشارة قائلاً: "أنا أقوم في الصباح للعمل في مهنة تربية ورعي الأغنام على فترتين صباحية تبدأ عند ساعة السادسة حتى ساعة التاسعة صباحاً، بعدها أعود إلى المنزل للراحة والجلوس مع أفرد أسرتي، ثم أعاود العمل بعد الظهر وتحديداً عند ساعة الواحدة ظهراً ويستمر رعي الأغنام إلى ساعة الخامسة عصراً، كذلك أقوم برعي بعض الأغنام التابعة للجيران في المنطقة مقابل أجر مالي ألفين ريال يمني في اليوم الواحد، وعندما أحتاج للنقود أقوم ببيع بعض المواشي، وهذه المهنة مصدر دخلي الوحيد".

ويتابع حديثه عبر لغة الإشارة: "أعيش على رعي الأغنام وأوفر ما تيسر من لقمة عيش لأطفالي، وأحيانا أقطع مسافات طويلة في سبيل حصول الماشية على مرعى جيد".
محمد حسن صادقي
محمد حسن صادقي

وتابع محمد حديثه: "أجبرتني الظروف المعيشية الصعبة على العمل رغم عدم قدرتي على التحمل، أنا أقطع مسافات طويلة حتى أتمكن من رعي الأغنام من أجل توفير لقمة العيش لأفراد أسرتي، وشراء الملابس المدرسية لأطفالي الذين يدرسون، كما أواجه تعباً ومشاقاً كثيرة؛ لكن هذه المهنة هي الوحيدة التي أقدر عليها، لكوني مصاباً، وأحيانا يقوم بعض اللصوص بسرقة بعض الأغنام بعد معرفتهم بمعاناتي وعدم قدرتي على اللحاق بهم بسبب إصابتي بالشلل النصفي في يد ورجل، بالإضافة إلى كوني من فئة الصم والبكم، وعندما أعود إلى المنزل اكتشف في مرات عديدة تعرض بعض المواشي للسرقة وعدم عودتها إلى المنزل بين القطيع، والحمد لله على كل حال".

تعرض للخطأ طبي
محمد قائد
محمد قائد
ويقول محمد بن محمد علي قائد، أحد جيران صادقي لـ«الأيام»: "إنه تعرض للإصابة بالشلل وفقدان السمع مع عدم قدرته على الكلام منذ أن كان صغيراً، وكان في بداية طفولته لا يعاني من الإعاقة مثل ما هو اليوم، لكنه قي ذات يوم تعرض لمرض قبل أن يتعرض لخطأ طبي، وعلى إثره أصيب بشلل نصفي في يد ورجل، وتحول إلى أصم وأبكم".

يضيف قائد: "كانت الحالة النفسية لصادقي سيئة قبل أن يقرر إخوته دعمه في شراء مجموعة مواشي ليغادر حالة الإعاقة التي ألزمته المنزل، ويعمل على تربية ورعي الأغنام من أجل الخروج من الجو المغلق في البيت، كما تكفل بعد ذلك برعي مواشي الجيران مقابل مصاريف شهرية أو يومية (أجور رعي)".

كفاح وهمة عالية
سامح الشيباني
سامح الشيباني
ويقول سامح الشيباني، أمين عام جمعية رعاية وتأهيل الصم أبين: "الشاب محمد حسن صادقي من ذوي الهمم العالية والمكافحين الذين تحدو الإعاقة رغم ظروفهم الصعبة".
ويضيف قائلا: "من المؤكد أن ذوي الإعاقة هم الأشد معاناة في المجتمع؛ حيث كثير ما تتسبب الإعاقة بحرمانهم من حقوقهم في التعليم والتأهيل والتوظيف في مجتمع معاق لا يحترم حقوق المعاق ويؤمنون بقدراتهم".

ويتابع قائلا: "اجتهد صادقي وشق طريقه بنفسه، ومثله الكثير من ذوي الإعاقة الذين حرموا من التوظيف ويعيلون أسراً، ويواجهون صعوبات كبيرة بسبب الأزمات التي تمر بها البلاد وارتفاع الأسعار، وكل هذه الظروف أجبرت الكثير من المعاقين على العمل الشاق، الذي لا يتناسب مع ظروف إعاقتهم".
ويقول الشيباني: "إن جمعية رعاية الصم والبكم تبذل جهوداً كبيرة في دعم ذوي الإعاقة؛ خصوصاً الصم، وأولى اهتماماتها هو التعليم والتأهيل، ولكن محمد صادقي لم تسمح له الظروف نظراً لانشغاله بلقمة العيش، كما أن الجمعية عملت بما تيسر لها لدعم المعاقين وتوفير مساعدات مالية وسلل غذائية لهم".

يقول أصدقاء ومحبو صادقي إن معاناته وظروفه المعيشية كانت دافعاً ليتجاوز حدود إعاقته بإصرار وعزيمة ليست موجودة عند كثير من الآخرين، ويأملون في حديثهم لـ«الأيام» التفات الجهات الحكومية والمنظمات لمعاناته لتوفير أعمال ملائمة تتناسب مع ظروف إعاقتهم واستثمار قدراتهم وإلحاقهم بالوظائف العامة المخصصة لهم بنسبة 5 % من إجمالي التوظيف السنوي.