15 مليار ريال تعطل التعليم في عدن

> وحدها عدن في العالم يقف الجميع دون استثناء موقف العاجز، مكتوف اليدين، أخرس اللسان، مقيد الحركة والتفكير، في عدن وحدها حيث البنوك والشركات والمطارات والموانئ والمصافي والضرائب والواجبات والتبرعات والإيرادات المتنوعة، في عدن وحدها المنظمات والجمعيات والهيئات والاتحادات والأنشطة والفعاليات، في عدن وحدها الأندية والمنتديات واللقاءات والتجمعات، في عدن وحدها عاصمة مؤقتة للشرعية ودائمة للجنوبيين، مقر الرئاسة والحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ومقر التحالف العربي، ومقر الأمم المتحدة، ومقر وزارة التربية والتعليم، ومقر محافظ عدن، ومقر نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين..

كل هؤلاء على كثرتهم وتنوعهم عجزوا عن الاصطفاف خلف جهود مكتب التربية والتعليم عدن وإنقاذ العملية التعليمية المتعثرة بسبب العجزين والفشلين والإصرارين الحكومي والتربوي. تربويون مصرون على الإضراب حتى تلبى مطالبهم، وحكومة مصرة على تصوير المشهد بأنه عجز وفشل وضعف، ورفض الطرفين لموقف الآخر، النقابة ممثل المعلمين ترفض الإقرار بالفشل الحكومي والتعامل معه كأمر واقع لأسباب فاقعة لونها وبارزة مظاهرها تزكم الأنوف وتدمع العيون وتفجر المرارة، وحكومة لا تفتأ تذكر النقابة بسوء كلما وصفتها بصفة تعود لتغييرها، فتارة تعرقل اتفاق الرياض، وتارة تخدم أهدافاً سياسية تتبع هذا الطرف أو ذاك؛ لتتهرب من الاستحقاق المالي للمعلمين الذي أكلته آفة الإهمال والفساد المستشري..

كشف أعده مدير مكتب التربية والتعليم في عدن شمل كل الاستحقاقات المالية للمعلمين من تاريخ الاستحقاق حتى ديسمبر 2019م بتكلفة إجمالية بلغت قرابة 15 مليار ريال تشمل مطالب المعلمين والتربويين في عدن، وتنهي أزمة الإضراب فقط خمسة عشر مليار ريال يمني تعزز بها حكومات عدن المتفقة جميعاً بقضها وقضيضها بأطرافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والافتراضية والخيالية، كان عليهم أن يحملوا ملف مدير عام التربية والتعليم في عدن، ويحلقوا في سماء البحث عن التعزيز المالي، ويغوصوا في دهاليز الإيرادات المالية للمدينة الباسلة والعاصمة المؤقتة والدائمة، ويقلبوا دفاتر البنك المركزي والمستقر في عدن علهم يجدون خمسة عشر مليار من بقايا النهب والسلب والفساد والعبث والهدر المالي، وقد تكون هنا أو هناك لا زالت سليمة لم ينهشها أحدهم بعد ويقضم أوراقها أو يسربها إلى هذا أو ذاك.

كعادتهم في عدن وحدها مجتمع بأكمله ينظر للتعليم يتداعى يوماً بعد آخر ولا هم له إلا البحث عن تصنيف وتسمية للمعلمين المضربين عن التعليم حتى خطباء المساجد ومديرهم اجتهد في الدعوة إلى حث الطلاب على العودة إلى المدارس، وكأنها هي المشكلة، متناسياً أن العودة إلى المدارس تتطلب عودة المعلمين قبل الطلاب، فعادةً يداوم المعلمون قبل الطلاب بنصف شهر تقريباً للتحضير لاستقبال الطلاب، فكيف سيعود الطلاب للمدارس والمعلمون يرفضون العودة للتدريس قبل أن تلبي الحكومة مطالبهم؟!.. فهل سيتحرك المارد العدني ويستيقظ من سباته وينهض لينفض الغبار عن وجهه ويؤدي دوراً إنسانياً فاعلاً يحرك فيه المياه الراكدة في عدن وتدور من جديد عجلة الحياة فيها؟.

فقط بخمسة عشر مليار ريال من موارد عدن المنهوبة ستنقذون التعليم ولا حاجة بعد ذلك للإضراب والاحتجاج والتحايل بالبديل من قِبل المنظمات والتعليم الخاص والاستثماري والتعليم السفري والاختلاس خفية دون علم النقابة!، لا داعي لكل تلك الأساليب الملتوية والمتحايلة على حقوق المعلمين، فقط خمسة عشر مليار إجمالي حقوق المعلمين والتربويين اجتهدوا جميعكم في الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي والمحافظة ومنظمات المجتمع المدني والأعيان والعلماء والمثقفين والأهالي وأولياء الأمور فقط. حددوا هدفاً واسعوا لتحقيقه وقفوا مع مدير مكتب التربية والتعليم في العاصمة عدن د. محمد الرقيبي، وانتصروا لحقوق المعلمين والتربويين، ودعوكم من الترهات والكلام الفارغ الذي سيودي بكم إلى التهلكة، وسيسجل عنكم التاريخ أبشع صورة في إسكات صوت المعلمين وقهرهم وإهانتهم واتهامهم وتصنيفهم سياسياً لمجرد أنهم رفعوا أصواتهم وطالبوا بحقوقهم بشجاعة، ووجهوا أصابع الاتهام لأنفسكم للجميع دون استثناء، فالمجتمع للمرة الرابعة يشهد إضراب المعلمين ولا يحرك ساكناً، وفي الأخير يظهر من يحرض ضد المعلمين، ويهدد باستبدالهم بالعسكر والخريجين الجدد طلاب الجامعات أو بالتعاقد مع غير النكاية بهم.

حسبنا الله ونعم الوكيل.. كيف لنا أن نقبل بالعجز والفشل عاماً بعد عام؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى