بلاد طالع طالع

>
ليست المسألة حافلة أو قطارا وركاب طالعين نازلين بين محطة وأخرى، لكن المسألة عجيبة وعصية على الاستيعاب وليس الفهم، الناس يعلمون أنها مسألة فساد وزاوج السياسة بالتجارة وخاصة المناصب السيادية العليا.

هناك من يستغرب عدم وجود ردات فعل موازية لكل طلوع للأسعار مع إشراقة كل طلوع للدولار، وخاصة بعد تراجع الأسعار عالمياً دون خفضها محلياً، تجاوباً مع قانون العرض والطلب التجاري والمعمول به حتى في من لم يُعترف بها كدولة حتى اليوم "أرض الصومال".

طبعاً في اليمن لم تعد هناك طبقة وسط تكون واسطة عقد المجتمع وضابطة إيقاعه، ولم تعد هناك طبقة سياسية حقيقية، بل هناك أحزاب كرتونية ومادية غالبيتها مرتبطة بالخارج وليست نابعة من المجتمع ذاته (قومية أو دينية). كما لم تعد هناك نقابات حقيقية، وليست هناك منظمات مجتمع مدني مؤسسة على أسس سليمة إلا فيما ندر والبقية مجرد تفريخات للسلطات المتعاقبة وللأحزاب الكرتونية ذاتها.

ومن هنا جاء مسمى (بلاد طالع طالع ما في نازل) من قبل أحد الأشقاء من بلاد أرض الصومال.
زاوج السياسة والمال أصبح هو المعضلة ذاتها، فرجال السياسة ليسوا في الحقيقة رجال سياسة جاؤوا من إرث أسري قديم وباع طويل في فن السياسة، بل هم مزيج من الطفيليات التي قفزت بها الظروف إلى الواجهة في غفلة زمن ومجتمع كان قد تعرض لهزات عنيفة متتالية أشبه ما تكون بالزلازل الأرضية وتبعاتها وارتداداتها المتصلة. لقد أصبحت الأحزاب مجرد واجهات إعلامية لا تصلح لإنارة شوارع خلفية مظلمة.

ونعتب على الغرفة التجارية والتي كنا نأمل بعد 2015م أن تتحرر من القيود والهيمنة العفاشية وتنطلق على أسس التجارة والسياسة المتمسكة بالأخلاق والدين الإسلامي الحنيف.

فالتجارة والاحتكار لا يمكن أن يقودا بلداً للتطور ومجتمعاً إلى الاستقرار، وسياسة بعيدة عن الأخلاق وقيم الدين الإسلامي الحنيف ستدخل البلد في دورات عنف متواصلة ولن ترسي حلولاً سلمية وتنمية آمنة ومستدامة. التجارة والاحتكار وباء فاحش وفساد وبغي، والسياسة بلا أخلاق ودين فتن وحروب ودمار.
يقول الفيلسوف أبو العلاء المعري:
يسوسون الحياة بغير عقل
فينفد أمرهم ويقال ساسة
فأفّ من الحياة وأفّ مني
ومن زمن رئاسته خساسة
خلاصة القول الصومالي (أنتم ما في حكومة، حكومتكم خرطي مرطي، أنتم بلاد طالع طالع ما في نازل).​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى