قوات الشرعية تدفع بمجهودها الحربي جنوبا في مقابل هزائمها بالجوف ومأرب

> الجيش اليمني يرمم معنوياته بانتصارات جزئية على الحوثيين

>
خروق محدودة ومتأخرة لا تحسم الحرب ولا تغير مسارها، فيما تتصاعد الدعوات للتفرّغ لجهود حماية المدنيين من خطر انتشار فايروس كورونا.

ما تحقّقه القوات اليمنية من انتصارات جزئية على المتمرّدين الحوثيين يعكس إصرار المقاتلين الموجودين على الجبهات، أكثر مما يعكس وضوح رؤية القيادة السياسية ووحدة أهدافها بعد أن تفرّعت الأجنحة داخلها وتعدّدت أجنداتها وانصرف قسم منها عن المواجهة الأساسية ضدّ الحوثيين وعن استعادة المناطق من سيطرتهم، إلى مقارعة المجلس الانتقال الجنوبي ومحاولة غزو مناطق محرّرة أصلا من سيطرة الحوثي.​

أعلن الجيش اليمني، أمس الاثنين، استعادته السيطرة على مواقع وُصفت بالمهمة في محافظة البيضاء وسط البلاد وذلك إثر عملية عسكرية ضد مسلحي جماعة الحوثي.

ويأتي إعلان القوات الموالية للشرعية بقيادة الرئيس المعترف به دوليا عبدربّه منصور هادي والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية عن مثل هذه الانتصارات الجزئية، بعد أن كانت تلك القوّات قد منيت بخسائر مؤثّرة بشدّة في خارطة الأوضاع الميدانية ومن ثمة فقدها السيطرة على أغلب أجزاء محافظة الجوف بشمال شرق العاصمة صنعاء ما جعل الحوثيين يهدّدون محافظة مأرب شرقي البلاد ذات الأهمية الاستراتيجة والتي تمثّل أكبر معقل لقوات الشرعية، فضلا عن احتوائها على قسم هام من آبار النفط ومنشآته.

ولا تبدو تلك الانتصارات ذات تأثير كبير في الوضع الميداني الراجح لمصلحة الحوثيين الذين يبدو أنّهم اقتربوا من هدفهم النهائي المتمثّل في السيطرة على إقليم واسع من البلاد منفتح على البحر من جهة الغرب ويمتدّ على مناطق تحتوي على موارد طبيعية. وقد تقتصر الفائدة المتحقّقة من الخروقات الجزئية على الجانب النفسي حيث تساهم في ترميم معنويات المقاتلين الذين داخلتهم الشكوك بشأن جدوى الحرب وساورتهم الريبة في الأهداف الحقيقية لقيادتهم السياسية.

وبسبب سلسلة الانكسارات في شمال البلاد وشرقها، حوّلت قوات الشرعية التي يسيطر على قسم منها زعماء حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين تركيز جهدها الحربي على مناطق خارجة أصلا عن سيطرة الحوثيين والدفع بتلك الجهود جنوبا لمقارعة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي ومحاولة انتزاع مناطق من يدها على رأسها محافظات عدن وشبوة، وأبين الواقعة إلى الجنوب من محافظة البيضاء.

وقال مصدر عسكري لوكالة الأناضول، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إنّ “ثلاثة ألوية عسكرية بالجيش نفذت عملية خاطفة في مناطق الملاجم وناطع وقانية في محافظة البيضاء بمشاركة مقاتلات التحالف العربي”.

وأضاف المصدر أن العملية أسفرت عن تقدم الجيش في المناطق المذكورة، وسيطرته على مواقع مهمة منها جبل لبان الاستراتيجي.

وأشار إلى أن الجيش نفذ كمائن ضد مسلحي الحوثي خلال العملية، ما أدى إلى قتل وجرح العشرات منهم واغتنام عدد من العربات العسكرية والمدرعات.

وفي سياق متصل قالت جماعة الحوثي إنّ مقاتلات التحالف العربي شنت 19 غارة جوية على أربع محافظات يمنية. ونقلت وكالة سبأ التابعة للجماعة عن مصدر أمني قوله إنّ “طيران التحالف شن عشر غارات على مأرب وغارة على الجوف وغارتين على حجة شمالي غرب اليمن كما نفذ أربع غارات بمحافظة البيضاء”.

ولا تبدو هذه الأنشطة العسكرية بصدد التأثير في مسار الحرب في اليمن التي انتصف عامها السادس. كما لا تدفع باتجاه حسمها في وقت تصاعدت فيه الدعوات إلى وقفها والتفرّغ لجهود حماية المدنيين من خطر انتشار فايروس كورونا.

ورغم أن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي رحبتا بالدعوة إلا أن التصعيد بينهما مستمر. ولم يعلن اليمن سواء في مناطق الحكومة أو تلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين تسجيل أي إصابة بفايروس كورونا، لكن المخاوف من انتشاره قائمة في ظل افتقار البلد إلى أي مقوّم من مقوّمات مواجهته على غرار الدول الأخرى. وتضع منظمات دولية معنية بالصراعات والنزاعات، الحرب اليمنية وما أفرزته من أزمة إنسانية متفاقمة على قائمة أولوياتها لهذا العام.

وتشير تقارير لمنظمات دولية إلى أن اليمن من بين أكثر دول العالم فقرا ويعاني عشرة ملايين من سكّانه من انعدام الأمن الغذائي. ووفق أحدث تقارير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” فإن نحو 24 مليونا من سكان اليمن البالغ عددهم أكثر من 28 مليون نسمة بحاجة إلى شكل ما من أشكال المساعدات الإنسانية.

ونتيجة الحرب هناك أكثر من 112 ألف شخص توفوا لأسباب مباشرة متعلقة بالنزاع المسلّح والأزمة الإنسانية. وتتخوف الأوساط الدولية من انتشار وباء كورونا في اليمن، واحتمالات تفشيه وخروجه عن السيطرة نظرا لضعف البنية التحتية لقطاعات الخدمات والاقتصاد والرعاية الصحية.

ويفتقر القطاع الصحّي بوجه خاص إلى مقومات القدرة على مواجهة تفشي الوباء ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار دون شروط والسماح للوساطة التي تقودها الأمم المتحدة بإنهاء الحرب والمساعدة في منع تفشي الوباء.

وفي إطار ذات الجهود الرامية إلى وقف الحرب، أعلن مؤخرا عن قيام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث بإجراء سلسلة من الاتصالات والمناقشات مع الأطراف المعنية بالملف اليمني للتوصل إلى اتفاقات حول وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وحول عدد من الإجراءات الإنسانية والاقتصادية التي تهدف إلى تخفيف معاناة الشعب اليمني، والاستئناف العاجل للعملية السياسية لإنهاء الحرب بشكل شامل.

عن "العرب"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى