> شادي ياسين
النقاش حول فيروس كورونا في اليمن عكس أجواء من السجال، قبل إعلان الإصابة الأولى في البلاد وبعدها، وفتح الباب أكثر أمام جدل مستمر حول أزمة المصداقية ومسؤولية النشر خلال الأحداث الحساسة. وخلقت الأخبار الزائفة إرباكاً في أوساط اليمنيين، وزاد من سوئها انسياق وسائل الإعلام المحلية مع الحملات المضللة.
وتفاقم الجدل حول الأخلاقيات وسط وباء عالمي كـ (كوفيد- 19)، تحديداً بعدما دعا ناشط إلى قتل المصاب، كما انتشرت مزاعم بشأن ابتكار علاج للمرض، واحتدم السجال حول الهوية والجهة التي قدم منها المصاب، وكذلك أخلاقيات النشر المتعلقة بأسماء وهويات المصابين.
في 10 إبريل الحالي، سجلت أول إصابة بفيروس كورونا في محافظة حضرموت جنوبي البلاد، الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وفق ما أعلنت "اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا". بعد ساعات من إعلان الخبر رسمياً، أحدث الناشط محمد دبوان المياحي صدمة على مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوته إلى "التخلص من المصاب لضمان حياة البقية في البلاد"، عبر موقع "فيسبوك".
وقال المياحي: "إبرة صغيرة يا شيخ وعلى الدنيا السلام.. لا أظن أن مساعدته على الوفاة العاجلة أمر غير أخلاقي، أنا مؤمن أن تعجيل موته أهون بكثير من بقائه، حتى لو كانت احتمالات شفائه ممكنة.. اقتراف جريمة صغيرة ومحدودة لمنع حدوث جريمة أوسع وخارجة عن السيطرة هو فعل أخلاقي وحكيم".
أثارت التدوينة غضب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الذين وصفوا ما دعا إليه المياحي بـ "الأسلوب الفاشي والتحريضي على القتل". وكتبت وئام العيساوي، رداً عليه: "لا أحد له الحق أن ينهي حياة الآخر مهما يكون مرضه، حتى لو أنهيت حياته فالأكيد أنه قد نقل العدوى للآخرين وستظهر عليهم العلامات مستقبلاً، لو كان أحد أقربائك وقتلوه بسبب الوباء سترى حينها وقع الخبر والألم عليك".
أخبار كاذبة
ومنذ الإعلان عن الإصابة، لم تتوقف وسائل إعلام محلية وناشطين في خوض جدل حول المصاب، متكهنين بأن العدوى انتقلت إليه خلال مخالطته وعمله في الميناء التجاري، فيما انساق آخرون للحديث عن وصول الحالة من دولة الإمارات. ومطلع مارس الماضي، نشرت وسائل إعلام دولية وعربية، بينها موقع تلفزيون "آر تي" (روسيا اليوم سابقاً) وموقع "الوطن الإلكترونية"، نقلاً عن موقع إخباري يمني، شائعة حول تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في اليمن وفرار المصاب من "مستشفى ابن سينا" في مدينة المكلا.
وفي صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثيين، أعلن مسؤول حوثي مطلع إبريل الحالي عن تسجيل حالة إصابة بالوباء، قبل أن يتراجع عما نشره خلال أقل من ثلاثين دقيقة، ويلقي باللائمة على مندوب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها الحوثية في نقله "الخاطئ" للمعلومة.
مزاعم ابتكار علاج
منذ السادس عشر من مارس الماضي، ظلت تدوينة نشرها رجل الدين، محمد عبد المجيد الزنداني، مثار سخرية وجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلانه التوصل إلى لقاح خاص يعالج المصابين بفيروس كورونا.
وقال الزنداني: "بعد إلحاح الكثير من الأصدقاء عليّ بالسؤال عن مسألة التوصّل للقاح خاص بعلاج كورونا، فإننا بفضل الله وتوفيقه قد توصلنا لعلاج ناجع يقضي على الفيروس وعلى أعراضه في فترة لا تتجاوز 72 ساعة، ونحن الآن بصدد استكمال الإجراءات البحثية له في إحدى الجامعات البحثية التركية، بعد توقيع عقد الاتفاقية معها".
وهاجم الزنداني منتقديه في اليوم الذي يصادف انقضاء الشهر على حديثه عن تقديم العلاج، واصفاً إياهم بـ "أهل الحقد والغيظ والحسد"، واستشهد بقصيدة للإمام الشافعي ذكر فيها بأنه "لا ينثر الدرّ النفيس على الغنم". وقال إنه "على خطى ثابتة بمنهجيّة علمية في طريق إثبات ما تحدث عنه سابقاً"، في إشارة إلى وعده بتقديم علاج وباء "كوفيد- 19".
وفي يناير من العام الماضي، زعم محمد الزنداني في شريط فيديو تمكنه من علاج أول حالة مصابة بالسرطان، خلال مقابلته لـ"مرضى" في مقر إقامته في مدينة إسطنبول التركية. خلال الشهر نفسه، اعتبر تفشي فيروس كورونا في الصين "عقاباً من الله"، بقوله إنها "حاصرت إخواننا في تركستان" في إشارة إلى أقلية الإيغور المسلمة، التي تُتهم بكين باحتجاز نحو مليون شخص منهم في معسكرات، فيما الأخيرة تنفي.
أخلاقيات النشر بشأن الوباء
مع موجة نشر الشائعات بشأن تفشي وباء كورونا، ظهر أمام الصحافيين اليمنيين تحدِ كبير في مواجهة التعامل مع الأخبار المزيفة فضلاً عن مسؤولية وأخلاقيات النشر على وسائل الإعلام.
ونشر صحافيون على مواقع التواصل الاجتماعي إرشادات وتوجيهات تحذر من الأخبار الكاذبة وتأكيد ضرورة الالتزام في النشر من خلال المصادر الموثوقة والرسمية. مشددين على ضرورة احترام خصوصية المرضى والمشتبه بإصابتهم وأقاربهم ومراعاة حقوقهم في عدم الكشف عن هوياتهم، بالإضافة إلى عدم التهويل النصي خلال نشر أخبار متعلقة بالوباء.
"العربي الجديد"