تفاصيل خاصة لـ«الأيام».. 5 شبان انقدوا مسنا جرفته السيول بكريتر

> عدن «الأيام» خاص

> الحدث: أمطار وسيول كارثية تجرف مواطناً مسناً، المكان: حافة حسين في مدينة كريتر بالعاصمة عدن، الزمان أمس الأول الثلاثاء، الأبطال: خمسة من شباب المدينة يخاطرون بحاتهم، في مشهد يعيد الأذهان إلى تلك الملاحم البطولية التي سطرها أبناء عدن، إبان تحرير عدن حينما كان الخمسة والعشرة منهم يتناوبون على قطعة سلاح واحدة لمحاربة الغزاة.

رجل مسن في العقد السادس من العمر انطفأت سيارته فتوقفت في أحد مجاري المياه، ترجل منها وحاول حرفها قليلاً من المجري خوفاً من جرفها.. وهو يحاول تحريك السيارة ازداد تدفق المياه بسبب غزارة الأمطار، فقد الرجل توازنه وهوى به السيل ليصارع مصيره، جسده النحيل لم يقو على هذا الصراع، فبدأ يشهّد ويكبّر متيقناً أن ساعته قد حانت، دون أن يعلم أن الله سخر له خمسة من ملائكة الإقدام والرحمة.

خمسة من شبان المدينة هم: محمد أحمد صالح علي 25 عاماً، رأفت محمد فضل مبجر 24 عاماً، ماجد علوان علي أحمد 25 عاماً، عزيز حامد جرجرة 23 عاماً، مبجر محمد فضل مبجر 19 عاماً.. كانوا يترقبون المشهد منذ لحظاته الأولى.. هرعوا جميعهم للحاق المسن وإنقاذه، لكن قوة تدفق المياه كانت قوى فانجرف الجميع والخمسة متشبثون بالمسن بين أياديهم، قوة التدفق كانت بين الفينة والأخرى تقذف بأحدهم بعيداً عن الجماعة ليصارع مصيره بمفرده، قذفت السيول محمد أحمد، فتمكن من الإمساك بأحد المباني ونجا، ثم رأفت فأنقذه شباب آخرون كانوا بالقرب من المجرى، لحقهما عزيز ومبجر ونجيا بأعجوبة.

كان المشهد كلما قذفت السيول أحدهم بعيداً عن الجماعة تشبث الباقون بالرجل المسن تخوفاً من أن يخرج هو عن الجماعة فيغرق، استمر المشهد بهذا الحال على طول المجرى الممتد من حافة حسين حتى ملحمة البركة بالقرب من سوق القات، بطول يصل إلى كيلو متر تقريباً.. خرج الأربعة ونجوا وبقى ماجد علوان ممسكاً بالمسن حتى تمكن من إنقاذه وإخراجه من مجرى المياه عندما اندفع من عمق الماء بقوة ليحتمي بالرجل بعرض سيارة كانت مركونة على حافة المجرى.. ظهر المسن في الفصل الأخير من الحدث وهو يشهّد ويكبر كما هو حاله عند بداية الكارثة، أخذ يتأمل في وجوه الشبان ويتمتم بكلمات من الشكر والثناء ويقبّل رؤوسهم عرفاناً وشكراً.

يقول أحد الشباب في حديث مع «الأيام»: "لم نكن نعرف الرجل، لكننا كنا بالقرب منه وننظر إليه وهو يحاول الخروج بسيارته من مجرى السيل، جرفته المياه ولم نقوَ على مشاهدة ذلك المنظر، لم نتفق ولم نتداعَ، بل هرع كل واحد منا من جانبه لنجد أنفسنا جميعاً ممسكين بالرجل محاولين إنقاذه".

ويضيف آخر: "لم نفكر بما هو مصيرنا، وهل سنخرج سالمين من ذلك السيل الجارف أم لا، كان همنا هو إنقاذ الرجل لإدراكنا أن مصيره هو الموت إن لم يساعده أحد".

ويضف ثالث: "شاهدت أمي مقطع الفيديو -الذي انتشر ونحن وسط السيل- قبل أن أعود أنا إلى البيت فظلت مفجوعة وخائفة وعند عودتي للمنزل تفاجأت بحالها وهي قلقلة عليّ".

نجا الخمسة وأنقذوا المسن وعاد كل منهم إلى منزله سالماً وانتهى الحدث، لكن الواقعة ومشاهدها رسمت ملحمة إنسانية فيها من البطولة والإقدام ما يبرز معاني التعاون والتآزر التي تتصف بها عدن وأبناؤها في السراء والضراء وعند البأس.

مقاطع فيديو للواقعة انتشرت بعد دقائق وعمت مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ووصلت إلى متناول مسؤولين في الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، إذ باشر نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، أحمد الميسري، بالاتصال بالشبان الخمسة ووجّه بترقية اثنين منهم وتجنيد الثلاثة الباقين، كما تلقوا اتصالاً من المتحدث باسم المجلس الانتقالي يبلغهم تحيات رئيس المجلس عيدروس الزبيدي ووعدهم باتصال منه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى