"سلام الله على عفاش".. كورونا والحوثي يدفعان يمنيين للحنين إلى نظام صالح

> خالد الحمادي

> "ومن لم يمت بالسيفِ ماتَ بِغيره.. تعدّدتِ الأسبابُ والموتُ واحدُ"، بهذا البيت الشهير للشاعر العربي ابن نُباتة السعدي، يتلخص الحال المزري في اليمن، الذي تتعاقب عليه المآسي والأزمات منذ اندلاع الحرب الراهنة نهاية العام 2014م التي أعقبت اجتياح الانقلابيين الحوثيين للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر وسيطرتهم على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها العامة.

ما أن يتجرع اليمنيون أزمة حتى يبتلون بغيرها، أشد سوءاً وأكثر قساوة منها، حتى وصل الحال إلى أن يتحسر الواحد منهم على الأزمة والمعاناة السابقة، لما يشهده من قساوة اللاحقة، حتى انتشرت في الأوساط الشعبية مقولة "سلام الله على عفّاش"؛ أي سلام الله على فترة حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، رغم قساوتها تظل أرحم بكثير من الفترة التي جاءت بعدها، و "عفّاش" هو الاسم العائلي للرئيس صالح الذي ظهر للجمهور لأول مرة بعد تخلّيه عن السلطة، ربما كان يخفيه لانحداره إلى أسرة غير عريقة.

تجرّع اليمنيون المرارة تلو المرارة منذ اندلاع ثورة الشباب أو الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس صالح في 2011 بعد أن فقدوا الأمل في إصلاح فساد نظامه، الذي امتد لنحو 33 سنة، وكان خروجهم للشارع لشعورهم بأن الحياة والموت أصبحا سيّان في ظل نظام فاسد، تفتقر فيه الحياة لأبسط حقوق المواطنة المتساوية.

انفجر الشارع حينها، وضحّى بالغالي والنفيس أملاً منه في إحداث تغيير نحو الأفضل، ولكن أعقب نظام الرئيس صالح حكم الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، الذي وصل إلى السلطة عبر بوابة الثورة الشعبية، غير أنه خيّب آمال الشارع اليمني، رغم أنه الرئيس اليمني الوحيد الذي انتخب مباشرة من الشعب منذ الثورة اليمنية الأم في العام 1962 ضد نظام الإمامة حينذاك، وكان أضعف من أن يحكم بلداً ما زال محكوماً بقبضة حديدية نسجها الرئيس صالح خلال فترة حكمه الطويلة لإذابة الولاء الوطني في مؤسسات الجيش وقوات الأمن واحتكارها بالولاء لشخصه ولأفراد عائلته وما هو أطلق عليه مصطلح "توريث الحكم".

منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل نحو خمس سنوات ودخول السعودية على خط الأزمة في اليمن كقائدة للتحالف العربي الذي يضم الإمارات العربية أيضاً، واليمنيون يعانون أشد المعاناة، يصل حد القتل بلا ثمن، والقتل لمجرد القتل، والقتل بدم بارد، على يد مختلف الأطراف وفي مقدمتهم مليشيات الحوثي وقوات التحالف العربي.

ظل اليمنيون، خلال سنوات الحرب الراهنة، يتجرعون الآلام والمعاناة ويقاسون أسوأ حالات البؤس وشظف العيش وقساوة الحياة، ورغم ذلك كانوا يحلمون بأن تنتهي الحرب قريباً على أمل أن يستعيد اليوم أنفاسه ويتعافى مما أثقل كاهله، ولكن كان كل يوم يمر من سنوات الحرب يشعرون فيه بأن الأمل يتبدد، وأن "القادم أسوأ" لدرجة أنهم أصبحوا متعايشين مع موجات الحرب ومع حالات القتل اليومي هنا وهناك، ومع فقدان الحبائب وكأنها حالة طبيعية، حيث لم يخل أي بيت في اليمن من فقدان عزيز أو رحيل حبيب.

وفي الوقت الذي لم يستفق فيه اليمنيون من قساوة آلة الحرب القاتلة التي تتسبب كل يوم بموت المدنيين هناك وهناك، حتى باغتهم أخيراً وباء فيروس كورونا الذي يتم اكتشاف أعداد كبيرة من الحالات المصابة به يومياً بشكل مخيف، وما خفي من الحالات كان أعظم، والذي يسوقهم إلى المقابر بشكل جماعي، لدرجة أن أصبح اليمنيون يشفقون على موجات الحرب ولسان حالهم يقول "سلام الله على سنوات الحرب".

حالة الرعب ودائرة اكتشاف انتشار فيروس كورونا تتوسع يومياً، بدأت من محافظة عدن، فالعاصمة صنعاء، فمحافظة حضرموت ثم محافظة تعز، وهناك تكتم حوثي شديد على انتشار حالاته في المحافظات التي يسيطر عليها ومنها صعده وذمار، لكن حالات الوفيات تفضحهم كل يوم كما هو الحال في العاصمة صنعاء التي خرج حالها عن سيطرة الحوثيين.

في محافظة عدن لوحدها كشف مصدر حكومي عن تسجيل عشرات الحالات من الوفيات يومياً التي يعتقد أن سببها وباء كورونا، حيث سجلت مصلحة الأحوال المدنية 174 حالة وفاة، خلال الأيام القليلة الماضية حتى مساء الجمعة، في حين أن صنعاء تشهد حالات وفيات ربما تتجاوز هذا العدد، ولكن يختفي أثرها في ظل القبضة الحديدية للحوثيين التي تكتم أنفاس الناس قبل أن يصادرها فيروس كورونا، وصل حال الناس إلى أن يترحموا على الموت بواسطة آلات الحرب ولسان حالهم يقول "من لم يمت بالحرب، مات بفيروس كورونا".

"القدس العربي"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى