كلكم مسئول

>
رائحة الموت تزكم الأنوف في كل مكان، رحيل هنا وآخر هناك نفقد أحباباً وأصحاباً وأقرباء، نودعهم فراداً ونبكيهم ونتحسر على رحيلهم، وتبقى كلمة عظّم الله أجركم وأحسن الله عزاءكم هي السائدة، وتملأ التعازي مواقع التواصل وتغيب الفواصل وتفصلنا الذكريات، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وسرعان ما ننسى ونتناسى وتعود حليمة لعادتها القديمة، استهتار واستهزاء وقلة وفاء والناس لا تتعظ أبداً، في الحظر نقاط التفتيش مملوءة بالسيارات وعند فك الحظر تزدحم الأسواق والشوارع، لا أحد يلبس كمامة ولا أحد يقوم بالإجراءات الاحترازية إلا من رحم ربي، والطامة الكبرى أنه ما زال هناك من ينفي وجود كورونا، وما يجري إلا نكاية سياسية من وجهة نظره الهوجاء. عقول مازال الوضع السياسي مسيطراً عليها، في كثير من الدول بدأ العد التنازلي لعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً، وبالتأكيد سيخفف أصحاب الشأن من شدة الحظر، لكن السؤال المطروح هل سنلتزم بالإجراءات الاحترازية؟ ففي مصر أصبحت الكمامة ضرورية وملزمة في المواصلات العامة والسكك الحديدية وفي المرافق الحكومية.

يعني بصريح العبارة كل واحد طبيب نفسه وتنفيذ الإجراءات الاحترازية بيده، الموضوع يحتاج إلى وعي، والوعي يحتاج إلى بشر يعرفون قيمة الناس وهول الفاجعة، لا بشر يعتمدون على كلمة "لا يوجد كورونا"، وخلاص شليت حطيت هذا آخر كلام، طيب من فين تجي له هذا الذي يسوق لك أمثلة من خياله قالوا وقالوا، وفي المحافظة الفلانية كذا وكذا وعندنا كذا وكذا، كل هذه الحميات والوفيات ومازال الإقناع صعباً وصعباً جداً، تعبت أساليبنا التوعوية وتعبت أحرفنا على مواقع التواصل.

الحميات على أشكالها وأنواعها موجودة مع كورونا واقعاً حقاً، أتعبت العالم بأسره وعجزت التكنولوجيا عن إيقاف زحف هذا الفيروس الخبيث وسرعة تنقله، فيروس حيّر الكون ومازال يحصد الأرواح تباعاً وتزداد أرقامه، فيروس غيّر خارطة العالم وموازين القوى، وتساوت أمامه الرؤوس وفي بلادنا مازال الفيروس غائباً في عقول البعض الهوجاء، وتجد اسم كورونا على فستان سهرة نسائي وفوطة صناعة يدوية محلية، وعلى عينك يا كورونا.

"كلكم مسؤول" شعار رفعته بعض الدول، ويجب أن نفهمه نحن، فليس السلطة هي المسؤولة وحدها، فنحن شركاء في المسؤولية وعلينا تقع عدة أمور، وليس معنى كلامنا أننا نعفي السلطة، بل يجب أن نقوم بدورنا كمواطنين صالحين ولا نترك "الحبل على الغارب" وقبل أن يأتي اليوم الذي نلوم فيه غيرنا ونحمل السلطة كامل المسؤولية، ولكن بعد فوات الأوان، وبعد أن يكون -والعياذ بالله- قد وقع الفأس في الرأس.

تريد سرعة الانتشار، أكذب سيتجاوب معك الكثير وستلقَ الكثير من التأييد والتأكيد على صدق ما تقول مع أنه كذب صلف، يا جماعة الخير شوفوا لحياتكم وأسركم، الوضع جداً خطير والأمور لا تحتمل الاستهزاء والاستهتار، التزموا بالإجراءات لأجلكم وأسركم وخلوا السلطة بعيداً، اتقوا الله في أنفسكم، منذ أن وعيت على الدنيا و "الباخمري" مالئ البلد وعمري ما شفت ازدحاماً عليه مثلما شفته يوم العيد وكأن الباخمري جديد العيد ونسينا معه حتى العصيد ليس لشيء، وإنما هي نكاية بالحظر ليس إلا، أين راحت العقول؟! وأين راح الرشد؟! اتقوا الله وارحموا أنفسكم وأسركم لا تتعالوا على القدر، فلسنا بإمكانيات الدول التي أصابها الوباء ولسنا بتجهيزاتها، ادعوا الله أن يبعد عنا البلاء والوباء ويجنبنا ويلاته.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى