مدرسة الفتح النموذجية أضحت موقفاً للسيارات والأعمال الحرة

>
كما تشاهدون في الصور المرفقة لهذا المنشور فأمامكم مدرسة وهي ليست اعتيادية، ولكن نموذجية، وهي مدرسة للتعليم الأساسي، صباحاً للبنات وظهيرة للبنين، بيد أن هذه المدرسة تنهار بشكل مخيف منذ سقوط الأمطار الغزيرة على عدن قبل أكثر من شهر، لقد أصبح حالها يستفز كل من رآها وكل من شاهد صورها ورأى الانتهاكات التي تتعرض لها، فقد أضحت مخلعة الأبواب، منتهكة الساحات، مهتوكة النوافذ، مدمرة السور، وقد شرعت الفيروسات البشرية تهاجم جسدها بعد انهيار خط دفاعها الأول المتمثل في الباب الرئيسي والسور والحارس، بل وإدارة المدرسة التي رفعت رسالة إلى مدير مكتب التربية في التواهي بتخلي مسؤوليتها عن المدرسة بعد أن آلت إلى ما آلت إليه.

ما هذا الذي يحدث في عدن، مدينة العلم والرباط والتعليم والتمدن والنور والتنوير والحضارة؟ لا تقولوا لي هذه حالة فردية واستثنائية، فالمدارس أضحت أتعس المباني وأشدها بؤساً وإهمالاً، وأمست معتدياً عليها حتى من بعض جيرانها، وهذا مؤشر خطير، فانهيار المدارس على مسمع ومرأى الناس وفي مقدمتهم المسؤولون يعد مؤشراً على انهيار منظومة القيم، فالمدارس ليست مجرد مساحات وجدران وأسقف، ولكنها أرواح مباركة ورموز مقدسة ومعالم حضارية تنبض بالحياة وملكية عامة مصانة.

لست من طلاب هذه المدرسة ولا من معلميها ولا من الساكنين حولها فهي في منطقة الفتح وأنا في مدينة الشعب، وبيني وبينها ساحل وبحر ولكنها في الأول والأخير مدرسة، وإن المدارس كالأمهات، وإن انتهاك حرماتها وإهمالها مثل إهانة الآباء والأمهات، وإن فعل ذلك لهو أشد ألوان العقوق الأخلاقي والاجتماعي والثقافي والوطني.

أرجو أن أكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. فما رأيت مدرسة إلا وخفق قلبي لها وتسمرت عيناي فيها تأملاً وحباً وحميمية.
لا أطيل عليكم، فإننا في كل يوم ننعي شهيداً أو فقيداً، ولم يعد فينا حيل لنرثي المدارس والمعالم، فإن هذا هو الهوان الذي سوف يأتي من بعده الطوفان.

أين المسؤولون في التربية مما يجري لهذه المدرسة سواء في مديرية التواهي أو في العاصمة عدن؟ بل أين السلطة المحلية في المديرية والمحافظة، لقد صارت المدرسة موقفاً للسيارات، فلا حارس ولا باب ولا سور لها، وصار البعض يشتغل في ساحتها أعمالاً حرة كالتلحيم وغيرها، ومع هذا الانهيار السريع سوف يزحف إليها المتربصون ويسطون، وسوف تغدو في خبر "كانت هنا مدرسة".
ولا ننسى أن نناشد رفاقنا في قيادة المجلس الانتقالي والأمانة العامة والإدارة الذاتية ولجنة التعليم المنبثقة عنها، إلى إنقاذ هذا الصرح العلمي قبل أن يغرق، وعمل حسابهم؟
لكل المدارس في العاصمة عدن.
مدرستي أحبها
كما أحب بيتنا
فيها أرى معلمي
وناظري ورفقتي
إني أعيش بينهم
كأنني في أسرتي
هل نسينا هذا الموال الجميل؟​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى