الشرعية وأوهام الدولة البديلة

> قاسم عبدالرب عفيف

>
أضاعت الشرعية الدولة في صنعاء بعد أن سلمتها لمليشيا الحوثي، ويتذكر الناس بأن الرئيس هادي عندما ذهب لاستقبالهم في عمران قال إن مدينة عمران عادت إلى حضن الدولة، وبعدها فُتحتْ لهم أبواب صنعاء وتسابقوا جميعا للترحيب بمن أتى من جبال مران ليستلم مقاليد الحكم في العاصمة صنعاء بعد أن فر قائد الفرقة مدرع وقائد المنطقة الشمالية الغربية تحت مسمى حرم السفير السعودي وغادر إلى الرياض بينما الزعيم كان قد تحالف مع الحوثي، وأما حزب الإصلاح فقد أوفد قيادته إلى صعده ليقدم الطاعة والولاء لسيد مران.

أي دولة يبحثون عنها، بجيشهم العرمرم، في صحراء شقره بعد أن أخلوا مواقعهم في نهم والجوف للحوثيين، معلنين أنهم خلال سويعات سيكونون في عدن بعد أن ضمنوا بأن لا طيران من السماء سيردعهم كما في المرات السابقة، عندما وصلوا إلى مشارف عدن حاملين بيارق القاعدة وداعش على مدرعاتهم وطواقمهم لاحتلال عدن وتحويلها إلى إمارة داعشية.

 لقد أخطأوا في حساباتهم هذه المرة ولَم بكن في حسبانهم أن أسود الجنوب كانت وستكون لهم بالمرصاد، فالتهمتهم وجبة بعد أخرى فامتلأت صحراء شقرة بجثث قتلاهم.
كانت توقعاتنا أن ذلك الجيش، الذي يخيم في مأرب ونهم والجوف لمدة خمس سنوات وأكثر ولم يتقدم خطوة واحدة باتجاه صنعاء، وأيضا الجيش الذي يرابط على حقول النفط في حضرموت وشبوه.. يُعد لهدف اخر غير استعادة الدولة في صنعاء، وقد سمعنا تصريحات لوزير الدفاع ووزير الإعلام أن صنعاء ليست هدفا لأنها مدينة حضارية ومليئة بالسكان ولَم يتخذوا قرارا في ذلك بعد ... وكما يصرحون بأنهم كانوا يريدون ممارسة ضغوط على الحوثي للوصول إلى طاولة الحوار فقط.

نبهنا خلال الخمس السنوات الماضية إلى خطورة تواجد جيش بهذا الحجم، وغير قادر على تنفيذ مهام قتالية بينما الهدف صنعاء على مرمى حجر، وبأن الجنوب هو الهدف لإعادة السيطرة عليه بعقلية تحالف 7/7 الذي غزا الجنوب، اما صنعاء فهي بالحفظ والصون بأيدي أمينه في قبضة الحوثي سليل العائلة اليمنية الهاشمية التي تمتلك الحق الإلهي في الحكم.. لكن الجنوب لا يمكن أن يخرج عن سيطرة الهضبة فهذا يتطلب حشد الجيوش والمجاهدين الأفغان ويتم طلب النجدة من زعيم الإخوان المسلمين في أنقره ليكتمل الحشد و يعيد لهم عدن والجنوب إلى أحضانهم، دون أن يفكروا بالحوار مع الجنوبين، أن يعتبروا سكان عدن بشرا؛ فلا ضير لديهم من تدمير عدن بمن فيها، المهم أن تعود لهم، وهم يعتقدون أن الشرعية المعترف بها دوليا شيك على بياض تستطيع أن تستخدم دعم التحالف العربي والدعم الدولي لتحقيق مآرب لا علاقة لها باستعادة دولتهم في صنعاء وإنما بإيجاد دولة بديله لهم في عدن والجنوب.

هل تناسوا أن الجنوب انتفض ضدهم عندما كانوا شركاء لعفاش في الحكم بصنعاء وقدم الجنوب عشرات الآلاف من الشهداء على مذبح الحرية؟ وهل نسوا أن الجنوب بمقاومته حرر عدن والمحافظات الجنوبية وأعاد لهم شرعيتهم؟ هل قدم الجنوبيون التضحيات من أجل سواد عيونهم لكي يعودوا لحكم الجنوب؟.. الجنوب كان كريما معهم، أهداهم النصر من أجل مساعدتهم على تحرير الشمال والعودة إلى صنعاء، وفِي نفس الوقت ساهم الجنوب في تحرير مناطق شمالية والوصول إلى وسط الحديدة، وقدم من أجل ذلك الشهداء والجرحى، كل هذا تناسوه واعتبروا دماء الجنوبيين لا تساوي شيئا في نظرهم.

لو افترضنا أن الجنوب لم يتصدر مقاومة غزو الحوثي وعفاش لعدن والمحافظات الجنوبية ولَم يحقق النصر، فماذا كان سيكون وضع الشرعية؟! بالتأكيد ستكون في خبر كان ولَم يعد لها وجود على الإطلاق، فالجنوب يا سادة هو الرقم الصعب الذي يجب أن يتم التعامل معه باحترام.. وهذا ما لم تستطع الشرعية أن تفهمه، فتصرفت مع الجنوب بتعالٍ وتكبر وتوهمت أنها تستطيع إجباره على الخضوع، باعتبار أن العالم لا يعترف إلا بها.

إذا كانت الشرعية لديها الرغبة للعودة إلى صنعاء فالجنوب سيساعدها، أما غير ذلك فهي تعيش الوهم وستعرف أن زمن الإلغاء والإقصاء والتهميش قد ولى ولن يعود، وأن الجنوب قد شب عن الطوق وأصبح يمتلك قراره بيده، ولديه ممثل تم تفويضه من قبل الشعب ليقود المسيرة حتى استعادة الدولة الجنوبية. وبدل من هدر الإمكانيات والوقت والدماء على الشرعية أن تفكر بطريقة عقلانية للحوار مع الجنوب عبر ممثله المفوض للخروج بصيغة تحقن الدماء والإمكانيات والوقت، وذلك بالاعتراف بحقوق شعب الجنوب المشروعة وغير القابلة للانتقاص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى