الانتقالي بين انتصار قائم وتحد قادم

> د. أحمد دحبول

> الآن وقد أقدم الانتقالي على أخذ حاويات النقد التابعة للبنك المركزي، وأصدر بيانه الذي شرح فيه مبرراته، باعتباره في المجمل انتصاراً لإرادة الشعب في مواجهة ظلم وقهر الشرعية. وبعد أن سبق هذه الخطوة إعلانه للإدارة الذاتية، ثم وضع يده على الموارد المركزية والمحلية العامة للدولة، وتحديداً حيث يبسط نفوذه، فإن عليه أن يدرك بأنه قد ذهب بعيداً في مشوار تحديه لتعزيز سلطته، وأنه يقف الآن في مربع اللاعودة ولا تراجع، بعد أن شحن جماهيره الجنوبية بآمال كبيرة وأمنيات كثيرة، وجدد فيها روح الجنوبي المتطلع إلى استعادة دولته الماجدة دولة ثورة أكتوبر بشعاراتها الثورية وأنفاسها النضالية، دولة سادت فيها فلسفة نظام سياسي تدعو إلى التضحية والإيثار، فلم يكن فيها من يتجرع قهر أخيه بسبب الحاجة، والقوم جميعهم سواسية في مأكلهم وملبسهم حتى أمزجتهم كادت تتساوى.

أضحى الانتقالي بما تصيغه آلته الإعلامية النشطة الخيط الذي يتعلق به أبناء الجنوب لإنقاذهم من شبح تراجع مستويات معيشتهم التي تسببت بها حكومات الشرعية المتعاقبة، حتى أضحى الإنسان منعدم القيمة.
أثبت الانتقالي قدرته على فرض أمر واقع على الأرض، باستخدام قوة وبأس عناصره المقاتلة التي استقدمها من غياهب مناطقه القبلية، وأحرز انتصارات أبهرت الموالين له وأثارت إعجابهم وتعالت صيحاتهم بأهازيج انتصاراتهم المفعمة بالثقة.

انتصر الانتقالي في جولة مواجهته الأولى القائمة على القوة، وبقي أن يعزز انتصاره بانتصار آخر يضمن فيها للمواطن الحياة الحرة والعيش الكريم، وهنا يكمن مربط الفرس.
بعد أن وضع يده على الموارد وعززها بوضع يده على سيولة البنك، تبقى عليه أن يطمئن الناس بعرض مشروعه في تأمين حياتهم وهذا هو ما ينتظرونه منه.

انتظام رواتب منتسبي الدولة مدنياً وعسكرياً وأمنياً هو مطلب أساسي ينبغي أن يوضع كأولوية، ثم نفقات صيانة البنية التحتية، يضاف إليها سداد كلفة وقود الكهرباء. فحديث الناس تملأه الثقة بما يخبئه المستقبل لها في ظل سيطرة الانتقالي على الأرض وإدارته الذاتية.

وفي شهر يونيو الحالي المأثور بتاريخ الجنوب، يستهل التحدي الأول لوفاء الانتقالي بعهده لأبناء الشعب، فهناك صرف مرتب شهر يونيو في موعده، بعد أن تناقلت الأخبار عجز البنك المركزي عن صرفها بسبب انحسار تدفق الموارد إليه، ووضع الانتقالي يده على السيولة، إضافة إلى سداد فاتورة وقود الكهرباء وصيانتها، وبما يضمن تشغيلها ووصولها غير المتقطع إلى المواطنين، بعد أن شكلت هاجساً مؤرقاً لهم خلال السنوات الأخيرة، فعكرت عليهم حياتهم.

ثقة الجنوبيين كبيرة والانتقالي في فوهة التحدي، وعلى عتبات الأسبوع القادم يقف الانتقالي أمام الاختبار الأول لمصداقيته، أنه أسبوع استحقاق المرتبات الذي عانى منه الجنوبيون كثيراً.

*باحث سياسي واقتصادي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى