تعمّد النظام السابق تفكيك نسيجها الاجتماعي.. أبين تدفع ضريبة مواقفها الوطنية

> تقرير/ خاص:

> نالت محافظة أبين نصيب الأسد من سياسة الإقصاء والتهميش من نظام صنعاء السابق بعد حرب صيف 94م وما زالت حتى اليوم. سياسة طالت كافة المجالات فيها؛ لإخضاع أهلها والسيطرة التامة عليهم.
واتبع النظام لتحقيق ذلك سياسات متعددة منها سياسة فرّق تسد، وإذكاء الثارات بين قبائلها، وتفكيك نسيجها الاجتماعي، ونحو ذلك من توليته لقيادات تدين بالولاء المطلق له على حساب أبناء المحافظة.

وعلى الرغم مما تزخر به هذه المحافظة من ثروات بحرية وزراعية وحيوانية، إلا أنها عانت منذ ثلاثة عقود من الزمن الكثير من الحرمان والفوضى والحروب المفتعلة التي تسببت بتشريد كثير من سكانها إلى محافظات مجاورة.

ومازالت حتى اليوم عدد من مناطقها، من ذلك بعض مناطق زنجبار عاصمة المحافظة، تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية كالكهرباء ومشاريع المياه والصرف الصحي وغيرها.

تعطيل القوانين
ويشير رئيس الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير الجنوب أبو بكر محمد العويني إلى أن "نظام صنعاء لجأ بعد حرب صيف 94م إلى تفكيك النسيج الاجتماع والقبلي في الجنوب، وإعادة الثارات القبلية، وإحياء الصراعات والنزاعات، وتعطيل القوانين التي كان يحتكم أبناء الجنوب إليها، بالإضافة إلى اختياره لمسؤولين يخدمونه بشكل أساسي، ويمثلون مصالحهم الشخصية على حساب أبناء المحافظة، وبسبب هذه السياسة الممنهجة حُرمت المحافظة من المشاريع الحيوية والبنية التحتية من طرقات ومستشفيات ومدارس والصرف صحي".

وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: "أبين تمتلك كثيرا من المقومات الاقتصادية، ومنها الزراعة، حيث تتميز أراضٍ شاسعة منها بالخصوبة، ولها شريط ساحلي واسع يمتد من مدينة أحور وخبر المراقشة وصولاً إلى شقرة ثم منطقة الشيخ سالم والشيخ عبدالله ومدينة زنجبار فمنطقة الكود. ولكن المؤسف أن الجهات المسؤولة التي تعاقبت على قيادتها بعد الوحدة لم تولِ هذه الثروات أي اهتمام، بخلاف ما كان قبل هذه الفترة حين كان صيادو المحافظة يتلقون الدعم السخي، فضلاً عن إنشاء الجهات الرسمية للتعاونيات السمكية، ومصنع تعليب الأسماك في شقرة، وكذا تأسيس المعاهد السمكية، مع الاستفادة من الخبرات اليابانية في هذا المجال".

قتل وتهميش
فيما قال رئيس الدائرة الثقافية في انتقالي أبين متعب العلهي: "ليس بغريب ما تتعرض له هذه المحافظة من احتلال وبطش ونهب وإقصاء وتهميش؛ لأن الثورة الجنوبية انطلقت منها من خلال الحراك الجنوبي السلمي في العام 2007م قبل أن تتوسع إلى كل المحافظات الجنوبية، كما كانت هي محطة انطلاق المارد الجنوبي بعد ذلك، ولكل ما سبق لجأ نظام صنعاء لزرع العصابات الإرهابية فيها بعدما استطاع استقطاب عدد من أبنائها وتسليحهم وتمكينهم من البنوك وغيرها، وعبر هذه السياسية استطاع إشعال نار الفتنة والثارات في أبين، وظل الاقتتال والاغتيالات والتصفيات مستمرة منذ 2011م حتى يومنا هذا الذي تشاهدون فيه بعض المُغرر بهم من أبناء أبين وهم يقاتلون مع تلك العصابات الغازية. ولكن بعون الله ستنتصر هذه المحافظة برجالها الشرفاء، وستستعيد أنفتها وشموخها وعنفوانها، وسيذهب أولئك الخونة الذين أصبحوا شركاء رسميين مع العدو في تدميرها إلى مزبلة التاريخ".

تفكيك النسيج الاجتماعي
من جانبه قال دوعن منصور دوعن، وهو ناشط في الحراك الجنوبي: "أبين الحضارة والتاريخ والثقافة والأدب غنية بثرواتها الزراعية والحيوانية والسمكية، وتتمتع بموقع جغرافي هام، وتُعد خاصرة الجنوب العربي. ولكنها لم تحصل على نصيبها من الخدمات الأساسية والتنموية على الرغم من أن كثيرا من أبنائها تقلدوا مناصب قيادية رفيعة وصلت إلى أعلى هرم في الدولة".

وتابع حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "مع الأسف، استطاع النظام السياسي في صنعاء بعد حرب 94م تفكيك النسيج الاجتماعي والقبلي من خلال الصراعات السياسية، وصولاً لزراعة القاعدة فيها عام 2011م، وجعلها ذريعة للتعاقد مع مكافحة الإرهاب الدولي لضرب أبين وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها؛ فتسبب في تشريد كثير منهم إلى عدن ومحافظات أخرى".

محافظة مفصلية
وأوضح نائب رئيس الإدارة السياسية بانتقالي المحافظة سالم عبدالله شميلة أن النظام السابق عمل بعد اجتياحه للجنوب عام 94م على تمزيق النسيج الجنوبي وإضعافه من خلال تذكير أبنائه بأحداث يناير ونبش القبور، وتشكيل لجان البحث عن المفقودين، وإثارة النعرات المناطقية والقبلية وتغذيتها، فضلاً عن إثارة المشاكل في البيت الواحد تحت ذريعة الخلافات الحزبية".

وأضاف لـ«الأيام» قائلاً: "أبين محافظة مفصلية ولها خصوصيتها، وفي كل المنعطفات التي مرت بها البلاد يتم التركيز عليها؛ لأن طبيعة هذه المحافظة تختلف عن أي محافظة أخرى لاعتبارات كثيرة، فقد كان النظام السابق يتخوف كثيراً منها، ويضع لها ألف حساب، فعلى سبيل المثال شاهد الجميع، حينما أنضم طارق الفضلي للحراك السلمي في عام 2009م، كيف انتفض النظام، وفي فعالية واحدة قتل 23 شهيداً، وكان النظام يصورها بأنها رأس البلاء؛ ولهذا أشغلها عام 2011م بالقاعدة التي كان هو وراءها؛ حتى لا يكون لها دور فاعل في الأحداث الجارية حينها. ومع الأسف، شارك بعض أبنائها في سقوطها وقتها، وما زالت تعاني منها حتى اليوم، والمؤسف كذلك أنه في النظام الحالي، وفي ظل شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي ووجود العديد من المسؤولين من أبنائها، لم تلمس منهم أي دعم، بل على العكس يعملون على خلق الفتن والمشاكل والتناحر بين أبناءها، بل إنها أضحت نتيجة هذه السياسات تُعاني تردي خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والصحة العامة وغيرها من الخدمات الأساسية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى