لحظة وداع

> عميد قاسم معبد العرماني

> أنت معلم! عيناه فاضتا من الدمع، كلامه بالكاد يسمع، سلمت عليه وسلاحه معلق على أحد كتفيه، جرني الفضول فبادرته بالسؤال: أخي إلى أين ستذهب وما قصة بندقيتك التي لم أرها يوماً ترافقك، فكل ما أجدك ليس بهذا المظهر وبهذا الشكل، فأنت حامل رسالة علمية لا حامل بندقية؟
أجاب، وعيناه تفيضان بالدمع، حاولت أشاطره الفيض، لكن لم تدفعني العاطفة قبل أن أعرف سببه. مالك خير إن شاء الله ما الذي حصل؟ فقبّل رأسي وقال: احتمال أن نتقابل يوماً ما أو لا، وداعاً.

إلى أين يا صديقي؟ أجاب، إلى سوق الموت، حينها أحسست أنه على طريقه إلى الساحل الغربي، بعد أن نادى صاحب الباص باقي نفر.
مسكت بيده وحاولت إقناعه بعدم الذهاب لكونه مدنياً ولم يجيد الحروب ومعاركها ولن يعتاد عليها، فرفض، وقال: اليوم أحرجتني زوجتي، قلت كيف أحرجتك؟ فقال اصطحبتني إلى المطبخ وقالت: انظر ماذا تبقى معك من قوت يومك لا دقيق لا زيت لا أرز، والدموع لا تفارق عينيها.

قلت بسيطة -بالعامية- "سأذهب الآن وبدبر أموري يامرة"، قالت أي أمور تدبرها؟، قلت سأذهب إلى البقالة وسأحضر كل المتطلبات قالت لا تذهب، استغربت وقلت لها لماذا؟، قالت: قلت لك لا تذهب حيرتني، خالفت أمرها، ذهبت وسلمت على صاحب البقالة، فكان الرد على السلام خافت عندها، شعرت بشيء حدث قبل مجيئي وربما سيحدث الآن بثقة منقوصة، قلت له لو تكرمت ورقة الطلبات في يدي وأنا أقرأها معتقداً بأنه يستمع لي، وبعد أن انتهيت من القراءة، قال لو سمحت خلينا نسكر الباب!، قلت له أول خارجنا قال "بأيش أخارجك". ناولته الورقة فتبسم وقال: لقد أخبرت ابنك يكلمك وهو يتردد علي أكثر من أسبوع بأن المبلغ الذي عندك فاق راتبك ولم أستطع أن أعطيك أي شيء أنت معلم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى