خزان صافر.. قنبلة موقوتة قد تسبب كارثة بيئية كبيرة

> تقرير/ يوسف حمود

> يوماً تلو الآخر، تتعالى الأصوات اليمنية والدولية التي تحذر من مخاطر تسرب النفط من الخزان العائم "صافر"، الذي يرسو قبالة ميناء رأس عيسى غربي اليمن والذي لم يخضع للصيانة منذ خمس سنوات.
وبات خزان النفط الواقع في مياه البحر الأحمر على الساحل الغربي لليمن، والذي كان يستخدم محطة لتصدير النفط منذ العام 1988، كارثة قد تهدد اليمن والدول المجاورة والمطلة على البحر الأحمر، مع احتوائه على أكثر من مليون برميل نفط خام.

وتعمد مليشيا الحوثيين باليمن عادة إلى تحويل الكوارث التي تشهدها البلاد إلى استراتيجيات حرب انتهازية، وأوراق ضغط، تدير من خلالها عملية الصراع الذي تشهده البلاد منذ نحو ست سنوات، مع رفضها إعادة صيانته الضرورية.

اتهامات متبادلة
ويتبادل طرفا الصراع باليمن الاتهامات، حيث تتهم الحكومة الشرعية ومنظمات الحوثيين بالوقوف وراء هذه المخاطر، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى الضغط على الجماعة المسلحة.
ودعا وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمى، في 18 يونيو الجاري، مجلس الأمن الدولي، إلى إيلاء اهتمام أكبر بموضوع تدهور خزان صافر العائم المختطف من قبل ميليشيات الحوثي.

وشدد في تصريحات على ضرورة "الحد من استخدام الخزان العائم كورقة ضغط سياسية حوثية دون اكتراث للتداعيات الخطيرة التي ستتسبب بها الكارثة البيئية المحتملة على مستقبل اليمن".
في المقابل دعا القيادي البارز في جماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي، إلى "المضي قدماً في التفاوض حول وضع خزان النفط العائم صافر". وقال في سلسلة تغريدات في 18 يونيو الجاري: "ندعو إلى المضي قدماً في التفاوض حول وضع الخزان بشكل جدي".

وأعلن إخلاء مسؤولية جماعته "عن أي تسرب في خزان صافر وأي نتيجة كارثية تحصل لا قدر الله فنحمل المسؤلية الكاملة لأمريكا والسعودية وتحالفهما بسبب استمرار الحصار وعدم السماح ببيع النفط المخزن في صهريج صافر العائم".

تحذيرات دولية
في 22 يونيو 2020، حذر الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، زياد بن حمزة أبو غرارة، من كارثة بيئية قد تنتج بسبب حدوث تسرب نفطي من ناقلة نفط حدث تآكل في هيكل خزانها ويمنع الحوثيون معاينتها.
وأشار أبو غرارة إلى أن "وقوع مثل هذا الحادث سيكون له تأثير كبير، خصوصاً على الجزر اليمنية الغنية بتنوعها البيولوجي، التي ستكون هي أكبر متضرر؛ مثل جزيرة كمران".

السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، قال في تغريدة على "تويتر"، إن الناقلة صافر تحتوي على ما يقارب 150 ألف طن من النفط الخام الذي سيدمر البحر الأحمر وساحله إذا تسرب، مذكّراً بأن تسرب 20 ألف طن من الوقود تسبب في أضرار بيئية هائلة في سيبيريا ـ روسيا. وأضاف آرون: "على الحوثيين أن يسمحوا للأمم المتحدة بمعالجة الوضع قبل فوات الأوان".

وكانت السفارة الأمريكية في اليمن، قد حذرت، أواخر مايو الماضي، من وضع "صافِر"، وقالت إن حالتها آخذةٌ في التدهور، وقد يُحدث ذلك تسرباً كارثياً في البحر الأحمر.
وفي يونيو 2019، أبلغ منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، مجلس الأمن الدولي، استمرار الحوثيين في تعطيل وصول فريق تقييم المخاطر، إلى خزان "صافر"، رغم أنهم طلبوا المساعدة من الأمم المتحدة وتعهدوا بتسهيل العمل.

أصبحت منتهية
الخبير والباحث الاقتصادي اليمني، عبدالواحد العوبلي، يؤكد أن الحوثيين حولوا هذه الناقلة "إلى غنيمة حرب وأداة للابتزاز"، مشيراً إلى أنهم يرفضون أن يشرف وفد من خبراء الأمم المتحدة على تفتيشها". وكشف العوبلي عن إمكانية استفادة الحوثيين منها دخلاً يقدر بـ "سبعين مليون يورو بفضل حمولتها".

وعن حال السفينة يقول لـ "الخليج أونلاين"، إنها "في حالة فشل تام 100 ٪ ولن تؤدي أي صيانة إلى إنقاذ السفينة، وأساساً من غير الممكن عمل الصيانة في موقع السفينة الحالي بخلاف أن الصيانة ممكن أن تكلف أكثر من 80 مليون دولار وتستغرق أكثر من 18 شهراً". ويشير في حديثه إلى تصريحات القيادي الحوثي، محمد علي الحوثي، الذي قال أكثر من مرة إنهم "يريدون بيع النفط الذي على الباخرة لصالحهم، وإلا على العالم أن يتحمل مسؤولية هذه الكارثة وتبعاتها التي لا تعني الحوثيين بطبيعة الحال لا من قريب ولا من بعيد".

وعن اشتراط الحوثيين السماح بعمل زيارة واحدة لغرض "التفتيش + الصيانة، ليس إلا للاستهلاك الإعلامي وتضييع الوقت؛ لأن من المستحيل تنفيذ حتى عملية الفحص وحصر الأضرار في زيارة واحدة، فتقييم الوضع قد يحتاج 7 زيارات على الأقل مدة كل منها 2 - 4 أسابيع، أما إصلاحها أو تفريغها فهو أمر مستحيل"، مشيراً إلى أنه لا يوجد حل آخر غير "سحبها إلى مكان آخر".

ورأى أن الحوثيين "غير مستعدين للتخلي عن السفينة كأداة مساومة ووسيلة حماية لهم إلا في مقابل مادي كبير، وهم يعرفون تمام المعرفة أن الأمم المتحدة وفرقها أيضاً تنظر حصتها من الكعكة وبالتالي يستمتعون باستمرار هذه اللعبة مع الحوثيين".

كارثة على اليمن
يقول الصحفي الاقتصادي اليمني صدام الكمالي، إن تآكل هيكل خزان ناقلة النفط التي ترسو في ميناء الحديدة دون أي صيانة "يهدد اليمن بكارثة ستدمر البيئة البحرية".
وأشار إلى أن هذه الكارثة "سينتج عنها خسائر اقتصادية غير مسبوقة في ظل هشاشة الدولة"، في ظل استمرار الحرب منذ مارس 2015.

وأوضح في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، أن أكثر من 100 ألف صياد يمني يعتمدون على مناطق الصيد البحري، وهي مصدر دخلهم الوحيد والتي ستدمر تقريباً في حال حدث هذا التسرب الوشيك.
ولفت إلى أن هذه الكارثة تأتي "في ظل رفض الحوثيين وعدم جدية الأمم المتحدة في الضغط عليهم لإفساح المجال لإجراء صيانة عاجلة للناقلة"، مضيفاً: "ما يعني أن أكثر من 100 ألف صياد وأسرهم مهددون عدا عن بقية النتائج الكارثية التي ستطال مخزون الأسماك على طول الشريط الساحلي والشعاب المرجانية".

مخاطر كارثة صافر
يوجد في خزان صافر حالياً مليون و140 ألف برميل نفط خام، وتشير التقارير إلى أن الخزان بدأ في التهالك وأن انفجاراً وشيكاً سيحصل إن لم يتم تفريغه أو صيانته.
ويواجه خزان صافر، سيناريوهين خطيرين محتملين، الأول حدوث انفجار أو تسرب، قد يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم. فيما السيناريو الثاني حدوث حريق كبير، سيتأثر معه حوالي 3 ملايين شخص في الحديدة وكافة مناطق الساحل الغربي، بالغازات السامة.

وستتم تغطية 4 % من الأراضي الزراعية المنتجة في اليمن بالغيوم الداكنة؛ مما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، إضافة إلى تعليق المنظمات الإنسانية خدماتها الإغاثية، لتنقطع المساعدات عن 7 ملايين شخص من اليمنيين، وفقاً لمنظمات معنية بـ "البيئة".

ومن بين الآثار التي قد يخلفها في حال انفجر أو تسرب محتواه، التسبب في فقدان 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر لتنوعها البيولوجي، وفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، فيما سيتعرض 850 ألف طن من المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

كما ستقتل بقع النفط الخام المتسربة 969 من أنواع من الأسماك (الأسماك الساحلية وأسماك الأعماق)، و300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي، إضافة إلى اختناق 139 نوعاً من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية.
ووفقاً للتقديرات، ستحتاج اليمن في حال وقوع كارثة تسرب النفط الخام (الوشيك) من الناقلة صافر، إلى معالجة أضرار التلوث البحري لفترة طويلة من الزمن، ولمدة تزيد عن 30 سنة قادمة كي تتعافى بيئة البحر الأحمر.

"الخليج أونلاين"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى