رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالانتقالي يكشف عن عقبات تهدد وقف إطلاق النار

> حوار/ أحمد عبدالوهاب

>
الإدارة الذاتية لم تستولِ على الإيرادات بل منعت تسخيرها للحرب ضد الجنوب
القوات الجنوبية في موقع الدفاع ولم تكن الحرب خيارها
علاقتنا بالإمارات والسعودية شراكة يحددها الموقف من قضيتنا ومن تحديات المنطقة

أكد رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي د. محمد الغيثي أن انقسام الشرعية اليمنية على نفسها وتعدد ولاءاتها الإقليمية يعزز انهيار وقف إطلاق النار في أبين.
وقال الغيثي في حوار نشرته أمس وكالة سبوتنيك الروسية إن "الشرعية لا تملك قرارها جهة واحدة ولها ارتباطات خارجية، فهناك طرف مرتبط بتركيا وآخر مع الحوثيين والطرف الرئيس ملتزم مع الجانب السعودي، وبالتالي تعدد الولاءات والعلاقات والارتباطات ستولد نوعا من الاختراقات لتلك الهدنة".

وشدد على أن قرار المجلس الانتقالي واحد، وأن القوات الجنوبية ملتزمة بالهدنة، وقال "مسيرتنا سلمية ونريدها أن تنتهي سلمية وتحقق أهدافها.. قضيتنا بدأت قبل مجيء التحالف العربي ومستمرة بالتحالف أو بغيره".

ما هي ضمانات نجاح قرار وقف إطلاق النار بينكم وبين الشرعية في أبين؟
المجلس الانتقالي الجنوبي طوال فترة الحرب الأخيرة والتي بدأت في النصف الأول من مايو 2020 كان في موقع الدفاع ولم تكن الحرب خيارنا، وقلنا كثيرا إننا ملتزمون باتفاق الرياض، وهناك ملحق عسكري وأمني وسياسي كامل في هذا الشأن، وبكل أسف جانب الشرعية رفض تنفيذ الجانب السياسي في الاتفاق وأصر على تنفيذ بنود انتقائية داخل الملحق العسكري، هذا مخالف لما تم الاتفاق عليه في الرياض بأن يكون التنفيذ بشكل متسلسل وليس انتقائيا.

ما هو التسلسل الذي اتفقتم عليه؟
كانت أول نقطة هي عودة رئيس الحكومة إلى عدن، وعاد رئيس الوزراء ومعه عدد من الوزراء وقبلنا ذلك على الرغم من أن هذا مخالف لاتفاق الرياض الذي ينص على عودة رئيس الحكومة فقط، لكن قلنا إن كان هذا سوف يساعد في تقديم الخدمات فلا مانع، لكننا فوجئنا أن الأمور أخذت منحى آخر واختارت تلك القوى استخدام السلاح والقوة لمهاجمة أبين، والجديد في تلك الأزمة والاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار، هو أن المملكة العربية السعودية ألقت بثقلها الكبير على الشرعية، أما نحن ومنذ اليوم الأول لوصولنا إلى الرياض عرضت علينا المملكة الهدنة، وأخبرناهم أننا مستعدون وأننا في موقف دفاع ولو توقف هجوم الشرعية فلن نرد ولن نهاجم وهذا موقف واضح من جانبنا، نحن دعاة سلام لا حرب، وطوال 35 يوما من تواجدنا في الرياض والمملكة لا تسعى معنا، بل تسعى مع الطرف الآخر، أما موقفنا فقد علمته الرياض بعد 4 ساعات من وصولنا بأننا موافقون على الهدنة، ووصلت لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار إلى أبين بعد صدور القرار، وللأسف استمر إطلاق النار، وأخبرنا قواتنا بعدم الرد احتراما للوسطاء السعوديين الموجودين في الميدان.

ما مدى إمكانية نجاح تلك الهدنة؟
نتمنى أن تنجح الهدنة ونحن متفائلون بها، لكن هناك عنصر مهم يجعل منسوب الأمل ضعيفا، هو أن الشرعية لا تملك قرارها جهة واحدة ولها ارتباطات خارجية، فهناك طرف مرتبط بتركيا وآخر مع الحوثيين والطرف الرئيس ملتزم مع الجانب السعودي، وبالتالي تعدد الولاءات والعلاقات والارتباطات ستولد نوعا من الاختراقات لتلك الهدنة، وأتمنى أن لا يحدث ذلك، أما من جانبنا فقرارنا واحد وقواتنا ملتزمة، نتمنى أن تنجح الهدنة، مسيرتنا سلمية ونريدها أن تنتهي سلمية وتحقق أهدافها.

كل الأطراف تتحدث عن الولاءات… ويشار إلى أن ولاءكم للإمارات، وظهر ذلك جليا في أحداث سقطرى الأخيرة والصراع بين أبو ظبي والرياض؟
الإمارات جاءتنا وهي ضمن دول التحالف ومازالت إلى الآن من دول التحالف، والبيان الأخير بشأن الهدنة لم يقل السعودية أو الإمارات، وإنما تحدث عن دول التحالف، والدولة التي تم إخراجها عمليا من التحالف هي قطر بإعلان واضح وصريح من قبل الشرعية والتحالف، وبالنسبة لنا علاقتنا بالسعودية والإمارات متساوية، وقضيتنا كجنوبيين بدأت قبل مجيء التحالف العربي ومستمرة بالتحالف أو بغيره، والإمارات كانت موجودة في عدن من 2015 إلى 2019، ومن الطبيعي أن تكون الاتصالات والارتباطات مع الإمارات في إطار التحالف، فهم كانوا المسؤولين المكلفين من قبل التحالف بملف عدن، وبنهاية 2019 انسحبت الإمارات من عدن في إطار عملهم بالتحالف وبالاتفاق مع الرياض، وجاءت القوات السعودية إلى عدن، وحاليا ليس هناك تواجد إماراتي في عدن أو في المناطق التي توجد بها نزاعات عسكرية، ويجب التنويه هنا إلى أن علاقتنا بالإمارات أو بالسعودية ليست علاقة موظفين بصاحب مؤسسة أو شركة، بل هي علاقة شراكة يحددها أمران، موقفهم من قضيتنا الجنوبية، والمحدد الثاني مواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مليشيات الحوثي وإيران وتنظيم القاعدة والملاحة البحرية والسواحل اليمنية في الجنوب والشمال، ومتى حدث خلاف بيننا حول هذين المحددين، سنختلف معهم وإن كنت لا أتوقع حدوث ذلك، لأن قضية الجنوب واضحة ولا يستطيع أحد إلغاءها، ونحن أيضا مؤمنون بأن التهديدات التي تواجه السعودية والإمارات تواجهنا نحن، نحن جميعا نعلم أن الإمارات والسعودية يدعمان الشرعية، لكن.. ما هي الشرعية التي يدعمونها؟ يجب أن نفرق بين الشرعية كمسمى ومنظومة وبين أشخاص يتحدثون عن انتمائهم للشرعية، فليأتي الجميع إلى المملكة السعودية ويتبع توجيهاتها بعيدا عن الولاءات الأخرى ونحن بدورنا سندعمه، نحن نتحدث عن جهات هي ضد أبو ظبي والرياض في نفس الوقت، فمن يستمع إلى صوت الرياض فهو يستمع إلى صوت العقل وصوت السلام وهو نفس صوت أبو ظبي أيضا.

هل كان اتفاق الرياض ينص على تسليم سلاحكم أولا ثم تنفيذ باقي البنود؟
لا يوجد شىء في الاتفاق اسمه تسليم السلاح بل إعادة الانتشار، وسلاح الانتقالي هو سلاح شرعي، المجلس الانتقالي لم ينشئ قوات خاصة بل هي قوات أنشئت بقرارات من الرئيس هادي وهي ألوية جنوبية حددت انتماءها السياسي وقالت إن لها قضية وطنية، وهذه القوات لم تنكر إلى الآن شرعية الرئيس ولكنهم يتمسكون بجزئية قضية الجنوب وحمايته، أما ما يتعلق بإعادة الانتشار لسنا ضدها فهي لمصلحتنا ومصلحة الشرعية في نفس الوقت، لأن إعادة الانتشار تعني إعادة ترتيب الجهود لمواجهة المخاطر الحقيقية لمواجهة الحوثي والإرهاب، ونقطة الخلاف الأساسية تتعلق بالجانب السياسي وليس العسكري، نحن طالبنا بتنفيذ الجانب السياسي والشرعية تريد تنفيذ الجانب السياسي والجانب العسكري، فلندع ما يريده كل طرف وليكن التنفيذ بناء على التسلسل الوارد في الاتفاق وهو تعيين محافظ ومدير أمن عدن والانسحاب من أبين وشبوة وهي نقطة رئيسية تريد الشرعية تجاوزها في الاتفاق إلى الجانب العسكري، والملف السياسي أيضا لا يجب تأجيله، فيجب أن تتغير الحكومة، ولو عدنا إلى توقيت الاتفاق في نوفمبر 2019، كانت معظم محافظة مأرب تحت سيطرة الشرعية، وكانت الجوف ونصف محافظة البيضاء مع الشرعية، ووقتها كان بقاء بعض قوات الشرعية في شبوة كان أمرا معقولا جدا، اليوم الوضع تغير وتلك التغيرات تستدعي تحديث الاتفاق نفسه، فلا يمكن اليوم أن نترك شبوة تحت نفس القوات التي كانت بالجوف، فغدا سوف يقومون بتسليمها كما سلموا الجوف، فما الذي يضمن لنا عدم دخول قوات شمالية إلى المحافظات الجنوبية؟ على سبيل المثال هناك 7 ألوية تابعة للشرعية لم تتحرك منذ العام 2015، والآن تفاجأنا بهم يرسلون عشرات الدبابات والأسلحة الثقيلة وآلاف الجنود إلى أبين لمحاربة الجنوبيين، فلماذا لم يتحركوا إلى الجوف ومأرب في ظل الانهيارات السريعة التي حدثت لصالح الحوثيين؟ تلك المتغيرات وضعناها على الطاولة بكل صراحة ليتم الحديث فيها، وأعود للتأكيد بأن ما تم مؤخرا هو هدنة مؤقتة ترتكز على ثلاث نقاط، وقف إطلاق النار ووقف التصعيد والعودة إلى اتفاق الرياض، نحن الآن نتحدث عن اتفاق الرياض وتحديثه، وإيقاف التصعيد جاء نتيجة التحركات الشعبية الكبيرة في مأرب وحضرموت وشبوة، وهي داعمة للمجلس والإدارة الذاتية، ولولا إيقاف التصعيد لكانت هناك ثورة شعبية ضد القوات القمعية التابعة للشرعية في تلك المناطق والتي يسيطر عليها حزب الإصلاح تحديدا، والآن نحن في المملكة نتحدث حول اتفاق الرياض وهناك ضرورة لتغيير الحكومة بشكل عاجل لإنها منتهية الشرعية والصلاحية وإعادة تشكيل أجهزة الدولة للقضاء على الفساد وفقا لاتفاق الرياض، على سبيل المثال حكومة الشرعية خلال الأيام الماضية قامت بطباعة 2 تريليون ريال يمني بدون غطاء ما أدى إلى انهيار العملة، وقد منعنا دخول تلك الأموال للبنك المركزي، لكن لن تصرفها لأنها في الأساس غير مرقمة، والدولار في 2015 كان يساوي 215 ريالا واليوم وصل إلى 800 ريال.

ما مصير الإدارة الذاتية حال تشكيل الحكومة الجديدة؟
الإدارة الذاتية جاءت لعدة أسباب رئيسة أهمها عدم وجود مؤسسات تدير الوضع، والإدارة الذاتية لم تمس المؤسسات السيادية للدولة، فهي لم تتدخل في الإيرادات، بل هي منعت خروج الإيرادات المحلية من المحافظات التي تقع تحت سيطرتها، منعا لدخولها البنك المركزي وتحويلها للخارج لحسابات شخصية، وأيضا تحول إلى سيئون وشبوة وأبين لاستخدامها في الحرب ضدنا، الإدارة الذاتية لم تخالف اتفاق الرياض، والذي كان ينص على إعادة بناء المؤسسات في كل محافظة وأن تقوم كل منها بإدارة نفسها، ولو تم تشكيل الحكومة لن تكون هناك حاجة للإدارة الذاتية، فكيف نكون شركاء في نصف الحكومة ونقوم بعمل إدارة ذاتية في الجنوب، والإدارة الذاتية لم تغير المؤسسات أو تقيل موظفي الشرعية، بل كل ما قمنا به هو وضع لجنة مشرفة لتصحيح الأوضاع؟!

قيل إن اتفاق الرياض هو خطوة نحو وقف الحرب والتفاوض مع الحوثيين... هل نص الاتفاق على ذلك؟
هناك بند رقم 8 في اتفاق الرياض، حيث كانت هناك إشكالية في القرار الأممي الخاص باليمن رقم 2216، والذي نص على مشاركة القوى من خلال طرفي الصراع "الحوثيين والشرعية"، والواقع اليوم على الأرض لا يعبر عن القرار الأممي من الناحية السياسية، وهنا كان يجب على اتفاق الرياض أن يحل المشكلة التي واجهها كل المبعوثين الأمميين إلى اليمن وآخرهم جريفيثس، حول كيفية تمثيل الجنوبيين في المفاوضات، خاصة وأن المجلس الانتقالي مسيطر وله شعبية كبيرة، فلا يمكن أن تذهب الشرعية الحاملة للمشروع السياسي وتتفاوض باسم الجنوبيين، هذا أمر غير منطقي في ظل حديث الحوثي عن الدولة المركزية، لذلك حاولوا إدخال المجلس كجهة استشارية، ونحن رفضنا ذلك وقلنا يجب دخول المجلس الانتقالي كممثل للجنوب وأن يكون طرفا ثالثا رسميا لكي يذهب المبعوث الأممي إلى طريق الحل، وكون القرار 2216 يهم السعودية والتحالف، قاموا بالبحث عن حل، وجاء ذلك ضمن اتفاق الرياض بأن يكون المجلس ضمن وفد الشرعية مناصفة بين الطرفين، بحيث يذهب الوفد للتفاوض مع الشمال ويكون القرار تشاوريا داخل وفد الشرعي ولا يطغى طرف على الآخر، بدورنا وافقنا على هذا البند في اتفاق الرياض، وهذا من المسائل الرئيسية التي تناقش الآن من أجل تفعيل بنود اتفاق الرياض، فلو ذهبت الشرعية منفردة وفاوضت الحوثيين وتم الاتفاق على إجراءات أمنية وعسكرية.. هل تستطيع الشرعية تنفيذها على الأرض؟ بالقطع لا، أما إذا تم تحديث الاتفاق وتمثيل المجلس الانتقالي تحت مظلة الأمم المتحدة، هنا يمكن أن نسير في طريق الحل.

وماذا عن الدعم الأممي لاتفاق الرياض؟
اتفاق الرياض تقوده المملكة ويدعمه المجتمع الدولي الذي تحدث معنا بشكل خاص وأشاد بخطوات المجلس، وشدد على ضرورة دعم جهود المملكة وضرورة تنفيذ الالتزامات من كل الأطراف، الجميع يريد إيقاف الحرب وإيجاد حل، لكن لا نقبل أن يكون الحل على حساب قضيتنا الجنوبية، وإذا لم يقف المجتمع الدولي بجانب السعودية والتحالف حاليا، ويضغط على الحوثيين والحكومة الشرعية بشكل كامل للوصول إلى حلول، بكل صراحة لن تستطيع السعودية تحمل كل أعباء الملف اليمني سياسيا وعسكريا، انظر كم دولة في العراق، والمبعوث الأممي ينتظر ما ستؤول إليه الأمور بيننا وبين الشرعية فإذا نجحنا أعتقد أنه سيذهب مباشرة لعملية السلام مع الشمال.

كيف تنظر إلى عمليات التصعيد الأخيرة من جانب صنعاء ضد السعودية؟
نحن ندين ونستنكر تصرفات الحوثيين الأخيرة ضد أراضي المملكة، وهي أمور لا تساعد على السلام بل تعقد الأمور أكثر، لكن إذا توصلنا لحلول بيننا وبين الشرعية أعتقد أن هذا يساعد في الضغط على الطرف الآخر للجلوس بجدية على طاولة المفاوضات.

معظم الاتهامات تتجه نحو حزب الإصلاح اليمني وهو المكون شبه الرئيسي للشرعية... هل سيقبل الحلول المطروحة والتي قد تؤثر على مكاسبه السياسية؟
إشكالية الإصلاح أنهم ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وتلك الجماعة مصنفة إرهابيا في العديد من الدول ومنها دول الخليج، تلك الجماعة ترتبط بأطراف معادية للتحالف ولها أهداف إقليمية، وثقل هذا الحزب في محافظات الوسط مثل مأرب والجوف والبيضاء وتعز، يجب أن يتناسى هذا الحزب مسألة استهداف الجنوب، وعليه أن يذهب إلى البيئة الحاضنة ويحررها أو يساعد في تحريرها، ولن يسمح للإصلاح بأن يستحوذ ويكون وريثا لثروة الجنوب بعد علي عبد الله صالح والحوثيين، سوف يواجه الجنوبيون أطماعهم في شبوة وحضرموت بكل قوة، وحال ما استطاع الإصلاح التفكير بعقلية وطنية خارج إطار الإملاءات الخارجية، هنا يمكنه عمل مشاركة قوية داخل المجتمع اليمني، يجب أن يعود إلى صوابه وأن يركز على الأهداف الوطنية داخل الشمال، لأنه لا يستطيع دخول الجنوب إلا بالآلة العسكرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى