ما الشرعية ؟

> يكثر اللغط لدى بعض الناس ممن يرى نفسه محللا سياسيا أو مثقفا، وبعضهم للأسف عنوان للشطط، ولكن عن حماقة أو مناطقية أو منتمٍ للإخونج.
القانون في كل العالم يعترف بشرعية الصندوق وفق أسس ومعايير الانتخابات، وأولها المنافسة بين عدة مرشحين للرئاسة، واتباع واعتماد الشفافية والنزاهة والإعلام الحر، وعدم تدخل مؤسسات الدولة في تلك الانتخابات، لا بالترغيب (شراء الذمم والأصوات)، ولا بالترهيب (قطع الأرزاق والأعناق)!

ويتم الاعتراف بسلطة الأمر الواقع تدريجياً، حتى إن كانت قد جاءت عن طريق انقلاب عسكري أبيض أو دموي، أو عن طريق ثورة شعبية، فلا يهم دول العالم إلا من هو موجود على الأرض، ويتحكم في القرار ومصالحهم، أي تلك الدول هي الأهم وفي المقدمة، أما الديمقراطية وحقوق الإنسان فهي شماعة لا غير.
هذا هو ما يجري في جميع حوادث الزمان بغض النظر عن المكان.

وما هو الموجود لدينا في الساحة اليمنية حقيقة هو من عجائب الزمان، ويحق أن تسجل في موسوعة جينيس للخوارق التي لن يجود بمثلها الزمان، ولا يقبلها إي شعب في عموم الكرة الأرضية، فالرئاسة جاءت كلفته، ولا تنافس غير بين هادي وظله، وفي يوم غير مشمس لا ظلال فيه. ورغم أنها غير قانونية ولا دستورية (لا منافس كما يقتضي الدستور وقانون الانتخابات) وكذلك ألغي العمل بالدستور، واعتمدت مبادرة خليجية فوق وثيقة الدستور، التي على الأقل كانت الناس ترى إنها الضابط للحياة السياسية، وكذلك رفض شعب الجنوب الانتخابات لإدراكه أنها فخ لدفن قضية الجنوب من خلال اختيار جنوبي للرئاسة، كل ذلك شكل طعنة لشرعية الحدث بداية، برغم أن المدة كانت عامين لا غير ومشروطة بعمل محدد هو الإعداد لانتخابات تشريعية ومحلية ورئاسية فقط، ولا يحق -حسب ما جاء في المبادرة الخليجية- العمل خارج المتفق عليه.

والبرلمان هو الآخر قد تجاوز فترته الممنوحة له، وهي مقيدة بست سنوات وليست أبدية ومطلقة إلى ما شاء الله.
اليوم تجاوزت الرئاسة ثمان سنوات، والرئيس يقوم بأعماله هو وحكومته خارج إطار ما جاؤوا من أجله. والعجيب أنهم جميعا مغتربون، ويتمسكون بتلك الورقة للإثراء على حساب إفقار الشعبين شمالاً وجنوباً.

فلا وجود لشعبية، ولا أرض يقفون عليها، حتى المديرية التي يدعون أنها محررة في مأرب لا تقبلهم، ولا تعترف بهم في حقيقة الأمر، وإنما تستفيد منهم لأجندات خاصة بها اتباعا لتنظيم الإخونج.
سبق لنا أن نشرنا مقالات عدة تتكلم في هذا الموضوع في صحيفة الأيام، ومنها على سبيل التذكير وليس الحصر:
1- تآكل الشرعيات الدستورية في اليمن، بتاريخ 2018م، العدد،6147.
2- الورطة والمخرج، 31مارس،عدد 6787.
 للأسف، إن التحالف، وخاصة المملكة، فاقد لبوصلة العاصفة، ويديه مرتعشة، ولا يستطيع توجيه دفة السفينة.

الواقع على الأرض تجذر وتغير لمصلحة قوى ليس من بينها من تسمى بالشرعية. والمملكة إذا تركت عنوان مصلحتها وظلت تتغطى بورقة الشرعية كسبب لقيام العاصفة، للأسف، ستنكشف عورتها قريبا، ولن تسترها ورقتها المهلهلة التي يتم تجفيفها يوم وراء يوم.
شرعية الأرض ومن على الأرض هي مفتاح نهاية الحرب، وعنوان السلام الحقيقي، وفيها المخرج الآمن للمملكة من البقاء في الدوران في حلقة مفرغة، ومكلفة لسنوات قادمة، فلا هي قادرة على هزيمة الحوثي وإعادة هادي إلى صنعاء، ولاهي تملك الجرأة للقبول بنتائج الأرض كما هي حاليا.

العالم لن يستمر في دعمها إلى ما لا نهاية، ولن يسمح لها ومن معها بهزيمة الحوثيين، أو إفناءهم من الوجود، ولن يسمح بتمدد الإخونج ووصول تركيا إلى بحر العرب وباب المندب مطلقاً.
العالم كما اعترف بالحوثيين في صنعاء، ويتعاون معهم، ويعقد الاتفاقات للخدمات الإنسانية، ها هو اليوم يعترف، منذ اتفاق الرياض، بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وقريبا سيوقع معه على بعض المشاريع الإنسانية والخدمية كسلطة أمر واقع.
نقول ختاماً إن الشرعية الورقية تظل جسر عبور لأهداف أخرى، ومتى تحققت تلك الأهداف كاملة أو جزئية فسيتم سحب البساط، وإنهاء ذلك المسمى شرعية، وسيتم التعامل مع حقائق الأرض. وهذا ليس جديداً، فقد حصل من بداية القرن العشرين في أكثر من بلد.

الشرعية الثابتة والمعترف بها حقا، بعيدا عن زيف الدبلوماسية، هي وقائع الأرض، فماذا تقول وقائع الأرض غير آن الشرعية الورقية قد انتهت، وماتت، وشبعت موتا، ولا تنفعها غرف الإنعاش وأجهزة التنفس الصناعي والتغذية الوريدية.
شرعية الأرض والشعوب هي الورقة الرابحة والدائمة، وما سواها هو الوهم والارتزاق، ولن يدوم .​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى