صراع الساسة يؤزم التعليم ويعرقل جهود إنقاذه

>
التعليم في اليمن دونا عن بقية دول العالم مربوط بحبل متين في دوامة رحى أزمات سياسية تطحنه، وأوضاع الناس وحياتهم المعيشية . التعددية السياسية المزيفة سيئة الصيت والسمعة التي تبجح بها سياسيو اليمن كرواد الديمقراطية والتعددية والرأي والرأي الآخر ادعاء بالباطل، وهُم أكثر تسلطا وهيمنة وعداء بعضهم لبعض، يستخدمون التنوع الفكري والاختلاف السياسي خلافا ونزاعا يتحول إلى صراعات وحروب لتثبيت توجه سياسي بالقوة والتدمير والاستئصال للفصيل الآخر.

 التعليم في اليمن ساحة من ساحات الصراع السياسي يسعى كل فصيل سياسي إلى السيطرة عليه والتحكم بتوجهه، لذلك تجد حقيبة وزارة التربية  والتعليم مفصلة ضمن حصص الحقائب الوزارية والمقايضة بين الأطراف السياسية تحت مبدأ هذه بتلك.
لا ينكر أحد البسط السياسي على واقع التعليم المزري بيد الحوثيين بعد أن سيطروا على مقاليد الحكم فألبسوه الثوب الأخضر الطائفي، ملقنين طلاب المدارس صرخات الموت مستخدمين المدارس والثانويات مراكز تدريب وتأهيل طائفية لما يطلقون عليهم بالمجاهدين، ويعتصرون معيشة الأهالي بالمجهود الحربي، مستغلين مكانة التعليم الدينية والاجتماعية؛ ليجبروا المعلمين والمعلمات على العمل بالسخرة ضمن برنامج التعليم مقابل الغذاء، ومودعين المعلمين والمعلمات السجون بتهمة المطالبة بالراتب الشهري التي تعد جريمة تمس الأمن الوطني، فتستمر العملية التعليمية وعصا المعلم التأديبية بيد المشرف الحوثي، يضرب بها ظهر أي معلم أو معلمة محتج على سياسة التعليم الحوثية في استثمار المخزون البشري لاحتياجات حروبها الدائمة، فسياسة الحوثيين التعليمية أجبرت المعلمين على العمل دون رواتب شهرية لأكثر من خمس سنوات.

وفي الجنوب المحرر منذ ست سنوات حملت الحكومة الشرعية عصا الإهمال والفشل السياسي وضربت بها حياة المعلمين في معيشتهم لتجبرهم على الصبر والتحمل وتقدير الظرف وحالة الحرب التي تمر بها البلد إلى ما لا نهاية، وكل معلم يحتج أو يرفع صوته يطالب بتحسين معيشته متهم لديها بتنفيذ أجندة معادية ويخدم الانقلابيين أو الانفصاليين؛ لتوزع حصص التهم بدلا من الاستماع لشكوى المعلم والنظر فيها بجد وحزم وإنقاذ التعليم، مستخدمة أساليب التفاوض السياسي في الأزمة اليمنية نموذجا للتفاوض الحقوقي في أزمة التعليم، فتوقع الاتفاقيات فقط دون الالتزام باستحقاقات توقيع الاتفاقيات مما يجعلها تتراجع اكثر من مرة عن إنهاء الأزمة وتثبيت الاستقرار للعملية التعليمية المهددة بالاحتجاجات والإضرابات المستمرة.

لا يأبه سياسيو الأزمة اليمنية لتدهور الأوضاع المعيشية والانهيار الاقتصادي في البلد واتساع دائرة الفقر، فالحالة المعيشية متدهورة في كل المناطق المحررة والمحتلة، فكلها تشهد حالة حرب، وكلها تستنزف معيشة الناس في المجهود الحربي، وتعطل حياتهم وأرزاقهم، فلا يمن مستقر ولا جنوب يزدهر ولا حوثي ينكسر ولا تحالف ينتصر، فقط الوضع الحربي هو المستمر … فقر ومرض وإنهاك للمجتمع اليمني والجنوبي على السواء، مع زيادة الإنفاق وأرصدة الدعم الدولي ومساهمات المنظمات الدولية والمانحين وصناديق الإغاثة والإعمار. أرصدة وإنفاق بلغ حسب التقارير في مجمله أكثر من خمسة وعشرين مليار دولا، تم إنفاقها على الأزمة اليمنية المتأزمة، شاركت  دول التحالف العربي بالجزء الأكبر، هذه المليارات الضخمة لم تحدث فارقا في حياة الناس إلا في زيادة مظاهر الفساد واتساع رقعته وانهيار الوضع المعيشي للمواطنين الذين تعدوا خط الفقر.

سيدخل العام السادس كما دخل قبله العام الخامس والرابع والتعليم مصيره مهدد بيد السياسيين. لم يقرؤوا بعد ملف احتياجات التعليم المستقر في اليمن أو الجنوب، وهم من يستطيع أن يسخر  الإنفاق الحربي والمليارات المهدرة في القتل والهتك والفتك لمصلحة التعليم واحتياجاته، بعيدا عن القهر الاجتماعي وإرغام المعلمين على العمل بالسخرة دون رواتب كما هو الحال عند الحوثيين، أو إرغام المعلمين على الصبر وتحمل تردي الأوضاع المعيشية بلا أمل أو مستقبل كما هو الحال عند الشرعية في المناطق المحررة، أو إلزام المعلمين بالعمل والتدريس بصمت؛ تفاديا للتصنيف السياسي وخدمة الأجندات هذه أو تلك من وجهة نظر أطراف الصراع السياسي.

أوقفوا الحرب، وجمدوا موازناتها المالية الضخمة، وسخّروها للبناء بدل الهدم والحياة بدل الموت، واسحبوا البنزين من العربات المصفحة والدبابات المجنزرة والأطقم المتلونة، وزودوا به محطات وقود الكهرباء وحقول الماء، واسحبوا أولادكم من المتارس وأعيدوهم للمدارس، وأسكتوا أصوات الرصاص والتلاسن السياسي والإعلامي الفج المقيت، ودعوا أبناءكم الطلاب والطالبات يستمعون لصوت المعلم بوضوح وهو يشرح لهم دور الأحياء في بناء الأوطان والتنمية البشرية، وتاريخ الأموات في صناعة الأمجاد والحضارة وغرس بذرة الاستقرار والسكينة والسلامة التي تثمر حياة سعيدة وطعما للكرامة، فتعليم المدارس والتجنيد للمتارس لا يجتمعان معا في وطن واحد، والإنفاق على التسليح على حساب التعليم لن يبني وطنا أو يساعد على استقرار وتنمية ونهضة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى