بعد أشهر من الصراع السياسي والعسكري والاتهامات المتبادلة بين الشرعية والمجلس الانتقالي يطل علينا اتفاق الرياض بمظهر جديد اسمه آلية تسريع تنفيذ الاتفاقية، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية وزراؤها مناصفة بين الجنوب والشمال، بين الانتقالي الذي يحظى بشعبية كبيرة في الجنوب ويسعى إلى فك الارتباط مع الشمال، وبين الشرعية وحكومتها ذات الأغلبية الإخوانية الشمالية التي تسعى إلى فرض الوحدة المنتهية باسم الشراكة الوطنية من أجل الوصول والبقاء في مناطق مصادر الثروات الجنوبية والتحكم في المواقع الاستراتيجية للجنوب.
إن "الانشقاق" داخل الشرعية وظهور فصيل في داخلها من الموالين لقطر يعارض التحالف وأية اتفاقيات للسلام مع الجنوبيين سيكون له تأثير سلبي على تنفيذ الاتفاقية، وتأثير الدوحة على هذه الفصيل واضح ومن الصعب الشك في أن هؤلاء الموالين لن يتعاطفوا مع القيادة الشرعية والتحالف ولا مع الجنوبيين من أجل تسهيل تنفيذ هذا الاتفاق، أضف على ذلك الاختلافات السياسية العميقة وغياب الثقة بين طرفي الاتفاقية هي أحد أهم الأسباب التي ستقف عائقا أمام تنفيذ الآلية الجديدة.
إن مسألة تفعيل وزارات يسيرها وزراء من الشمال في الجنوب ستكون من المهام الصعبة إن لم تكن مستحيلة، والعكس كذلك بالنسبة للجنوبيين في الشمال، بسبب تراكم المشاعر السلبية وكثرة الصراعات الدموية والضحايا، كما لا يوجد أحد يعرف من يحكم الشمال أو يسيطر عليه الآن، لأن صنعاء بيد الحوثي وتعز تمزقها الصراعات الأخوية، بسبب تفرغ النخبة الشمالية بكل أطيافها للجنوب ومحاربته، مع فارق أن الجنوبيين لا يسعون ولا يطمحون لحكم الشمال، بل الأكثر من ذلك أنهم يريدون فك الارتباط وتسليم الشمال لأهله.