إصلاح القضاء والحكومة الجديدة

> المستشار أحمد عمر بامطرف

> رسالة إلى فخامة رئيس الجمهورية، وإلى رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، وإلى رئيس الوزراء المُكلف بتشكيل الحكومة.
إصلاح السلطة القضائية بجميع هيئاتها وأجهزتها -مجلس القضاء الأعلى، المحكمة العليا، المحاكم الاستئنافية والابتدائية، النيابة العامة، التفتيش القضائي- والإدارة القضائية المساعدة في وزارة العدل- مسألةٌ في غاية الأهمية ينبغي أن تكون في أولويات برنامج مهام الحكومة الجديدة التي يجري حالياً التفاوض على  تشكيلها بين القيادة السياسية والمجلس الانتقالي الجنوبي وفقاً لاتفاق الرياض الذي سبق التوصل إليه وإبرامه بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي. وعلى الرغم من أن اتفاق الرياض قد أغفل -ربما سهواً وعن غير قصد- موضوع إصلاح القضاء على الرغم من أهميته القصوى في بنيان الدولة، إلا أن ذلك لا يعني بأيِ حالٍ من الأحوال إهمال هذا الموضوع أو تجاهله أو الانتقاص من ضرورته ودوره الحيوي الهام في الوطن، فإذا صَلُح القضاء صلحتَ أحوال البلاد والعِباد، والقضاء الوطني المستقل القوي العادل النزيه هو الملجأ والملاذ الأخير لِكُلِ مواطن مظلوم ينشُد العدالة ورفع الظلم عن كاهله، لأن القضاء هو الجهة المختصة دستورياً وقانونياً بفض المنازعات أياً كانت أنواعها بين المواطنين أو بين مؤسسات وهيئات الدولة المختلفة، وكذا بين جميع الهيئات والمكونات والأشخاص الطبيعية والاعتبارية في البلاد، ولذلك يجب اللجوء إلى القضاء والاحتكام إليه في حل جميع القضايا والخلافات والمنازعات بمختلف أنواعها بدلاً من الاحتكام إلى السلاح، والقضاء هو الضمانة الأساسية لقيام دولة النظام والقانون لأن العدل هو أساس الحكم، فالدولة إذا اُرِيد لها أن تكون دولة قوية ومتطورة وعادلة ومستقرة وآمنة وقادرة على توفير العيش الكريم والحياة الآمنة والمستقرة لمواطنيها يجب أن تقوم على أساس سيادة القانون، والضامن لتحقيق سيادة القانون هي السلطة القضائية، فهي إحدى السلطات الدستورية الثلاث التي تتكون منها الدولة، وهي تملك من الصلاحيات والاختصاصات الدستورية والقانونية ما يكفي للاضطلاع بمهامها على أكمل وجه، والقضاء المستقل القوي والعادل والنزيه هو الضمانةُ الأكيدة لسيادة القانون التي من شأنها تثبيت دعائم الأمن والأمان ونشر الطمأنينة في حياة المواطنين والقضاء على الظواهر الإجرامية وإحقاق الحقوق وردها إلى أصحابها، وإنهاء الظلم والقضاء على الفساد بكافة أشكالهما وإيقاف انحِراف أي سلطة من السلطتين التنفيذية أو التشريعية بمهامها أو تجاوز اختصاصاتها أو تجبُر إحداهما على الاُخرى. واستقلال القضاء هو من أهم الضمانات الدستورية الضرورية لوجود قضاء عادل وقوي ونزيه، ولا يمكن للقضاء أن يكون مستقلاً إلا إذا قام على دعامتين أساسيتين هما:
الاُولى - استقلال القضاء كمؤسسة.
الثانية - استقلال القضاة كأفراد.
وهذا يتطلب بالضرورة من القيادة السياسية ممثلةً بفخامة رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية الالتزام الكامل والدقيق بالمعايير والأسس الموضوعية كالنزاهة والكفاءة والخِبرة في اختيار وتعيين القضاة في جميع الهيئات القضائية والتخلي عن الاعتبارات الحزبية أو المناطقية أو الولاءات الفئوية أو الشخصية في التعامل مع القضاء كمؤسسة أو مع القضاة كأفراد مُهمتِهِم تطبيق القانون ونشر العدالة في المجتمع. وفي هذا الصدد يقع على عاتق نادي القضاة أيضاً كمنظمةٍ وطنية نقابية قضائية مستقلة، وكذلك جميع القضاة من الوطنيين الشرفاء الأحرار ممن يمتلكون كفاءات عالية وخبرات طويلة وتجارب غنية في العمل القضائي بشكلٍ عام المساهمة بفعالية وشجاعة دون خوف أو مجاملة في كشف وتشخيص مكامن الخلل والقصور والأخطاء والسلبيات في أجهزة القضاء ووضع خطط وبرامج الإصلاح القضائي الشامل، والاستفادة مما هو إيجابي لتطويره وتحديثه والتخلي عن السلبيات والمعوقات.
نسأل الله للجميع الهِداية والتوفيق لِما يُحِبُه ويرضاه وهو حسبُنا ونِعم الوكيل.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى