الرياض2.. فشل في تشخص قضية الجنوب

> توفيق جزوليت

> اتفاقية الرياض الثانية تثبت استمرار فشل السعودية في تناول جوهر القضية الجنوبية.
أبرز بنود الضعف في اتفاق الرياض وآلية تسريع تنفيذه هي أنها لم تتناول القضايا الخلافية الحقيقية ولم يتم بحثها في العمق.

استحقاقات الحل السياسي التي دفعت السعودية مجبرة للقبول بها؛ لحقن الدماء وتوحيد الجهود لمحاربة الحوثي وعودة الخدمات الإنسانية في المحافظات الجنوبية وصرف المرتبات جعلت الإخوان المسلمين يدركون أنهم بعد تنفيذ اتفاق الرياض سيجدون أنفسهم خارج المعادلة ، ثم أن سفر الرئيس عبدربه منصور هادي إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج يعتبره الملاحظون مؤشرا لتحفظه على مجريات تنفيذ اتفاق الرياض بين حكومته والمجلس الانتقالي الجنوبي، بعدما أبدى اعتراضه على مضامينه الأولى قبل أن يخضع لسلسلة من التعديلات.

اتفاق الرياض، وهذا هو المبدأ القديم الجديد الذي اعتاده الجنوبيون في صراعاتهم مع اليمن، إذ فشلت كل الاتفاقات ودخلوا في حروب، وبسبب هذا المبدأ سيفشل اتفاق الرياض، وستفشل كل الاتفاقات، وهو ما يعني أن لا حل سياسي سيتم التوصل إليه.

السعودية ما زالت مستمرة في اختزان الموقف الذي يميل لمراضاة أجنحة سلطات هادي على حساب المجلس الانتقالي و شعب الجنوب، لكن خوفها من انفجار الوضع و خروجه عن سيطرتها هو ما حذا بها إلى طرح آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض المتضمن تعيين محافظ لعدن (موالٍ للانتقالي) و مدير أمن (مقرب من الميسري) و الوعد بتشكيل حكومة مناصفة خلال شهر مع تجميد الانتقالي لمشروع الإدارة الذاتية.
و هذا جوهر الاتفاق، الحفاظ على مصلحة السعودية في عدم خروج الوضع عن السيطرة و إبعاد أي تدخل دولي أو إقليمي.

مرت سنة عندما انفجرت الأوضاع في عدن و استفراد السعودية بملف إدارة الأزمة، و لم تستطع تحقيق الشرط الأساسي لإنهاء الأزمة مع ضمان الأمن على حدودها الجنوبية، وهو قيام سلطة قوية في المناطق المحررة تحظى بقبول شعبي، وتستطيع حسم المعركة مع الحوثيين حربا أو إرغامهم على تسوية سياسية تكفل إزالة التهديد المسلح الذي يشكلونه للمنطقة، و الاتفاق يكشف بوضوح أن السعودية تتبع سياسات قصيرة لترحيل المشاكل، وما تقوم به محاولات للتغطية على تزايد التهديدات الأمنية لها من قبل القوى والتحالفات الإقليمية (إيران - تركيا- قطر)، و سياستها تفتقر إلى أي إطار استراتيجي لمقاربة الحل.


لن تستطيع سلطات هادي إحراز مكاسب عسكرية، لا على قوات الانتقالي و لا على قوات الحوثيين، إضافة إلى مشكلتها المزمنة في انعدام الكفاءة و سيطرة قوى الفساد عليها (حكومة هادي) وتعدد ولاءاتها، و تضارب مصالحها سيجعلها تستميت في عدم قبول أي شراكة مع الانتقالي.

سلبية آلية تسريع الاتفاقية أنها لم تتناول جوهر القضايا الأساسية. سوف تتعرض إلى خطورة تزايد آثر التدخلات الإقليمية في الصراع. سوف تتحمل مزيدا من الضغوط الشعبية؛ مما يهدد بخروج الأوضاع عن السيطرة بالكامل. و لن يكون له أثر ملموس على بناء موقف موحد لهذه الأطراف للضغط على الحوثي.
و إيجابيته الوحيدة على الأطراف في أنه سوف يتيح لها مهلة للاستعداد لجولة جديدة، قد تتغير فيها الظروف، فتجعله يقترب نحو هدفه الرئيس في الصراع.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى