عدنيات يقتحمن سوق العمل بشجاعة واقتدار

> تقرير/ هلا عمر

> يملكن مطاعم وأستديوهات ومراكز رياضة..
مديرة أستوديو ومحل ملابس: مواقع التواصل الاجتماعي الطريقة الأساسية في استقطاب الزبائن
في مدينة عدن مشاريع نسائية مختلفة، منها رياضية وتجميلية ومحلات بيع الملابس والمطاعم التي تديرها فتيات جامعيات لم يستسلمن للظروف، فسعين جاهدات لإيجاد مصدر دخل شريف، وأن تكون لهن أسماء في عالم البزنس ليكونن سيدات أعمال.
الوضع الحالي للبلد دفع الكثير من النساء إلى اقتحام سوق العمل، حيث افتتح الكثير من النساء المشاريع الخاصة بهن ليثبتن هويتهن وقوتهن في افتتاح مشاريعهن، ولكي تكون مدينة عدن مزدهرة بفتياتها اللواتي أصررن على تعزيز مجهودهن، وتخطي الصعوبات خصوصاً في ظل الوضع الراهن، ورغم ما تمر به البلاد من شحة إمكانيات الموارد إلا أن هناك أيادي نسوية شبابية قادمة على نهوض الشارع العدني. "الأيام" تلتقي بعدد من الفتيات والنساء مالكات المشاريع الخاص لتقرأ أفكاراً لنساء استطعن تخليد أسماءهن في سوق المشروعات الصغيرة على طريق الولوج إلى عالم المال والأعمال.

تعاني تلك السيدات العدنيات الكثير من المتاعب، منها انقطاع الكهرباء المستمر، وانعدام المياه، وارتفاع الأسعار، وتدهور العملة، لكن ما زلن صامدات في وجه هذه الصعاب.
تقول شيماء محمد: "حلمت أن أكون سيدة أعمال، وحققت حلمي، وبتحقيق هذا الحلم لم أفرط في دراستي، بل أكملت دراستي الجامعية وتخصصت اللغة الإنجليزية". شيماء تبلغ من العمر 26 سنة، فتاة من صغر سنها تحلم كما تقول أن تكون سيدة أعمال ناجحة، وحالياً لديها مطعم أطلقت عليه (مطعم تاكو) نسبة إلى أشهر طبخة في المطعم، والتاكو طعام مكسيكي. يقع المطعم بمديرية صيرة في مبنى خليج مول. تقول: الفكرة لديها منذ زمن، وكان حلمها أن تفتح مكاناً فيه أكلات جديدة مختلفة عن السوق العام في مدنية عدن، وتوجهت إلى الطعام المكسيكي فهو سهل ولذيذ، وأسعارها مناسبة.

وتضيف: "المطعم مخصص للعائلات، والحمد لله استطعت خلال ثلاث سنوات أن أصنع للمطعم سمعة طيبة، وأن يكون لي زبائن من مختلف الأعمار".
أي عمل فيه صعوبات، وعن هذه الصعوبات تقول شيماء: "الصعوبات التي واجهتها هي الأسعار المرتفعة بشكل خيالي، والتغير المستمر في الأسعار، ووضع البلاد من كهرباء وخدمات شبه معدومة، ولكن أحاول قدر الإمكان أن أتجاوزها".

وعن نوعية الأكلات تقول: "نوعية الأكلات مكسيكية، منها مكرونة بأنواع مختلفة وبرجر بأنواعه وكرسبي وتشيلي فرايز وتكساس وناتشوز وتشوروز ومكسيكانو والأكلة المميزة (تاكو)".

تعطش السوق العدني
تهاني الخضر، امرأة في العقد الثالث من العمر جامعة متخصصة هندسة، وهي مالكة أستوديو تصوير يحمل اسم (ماديرا) خاص بالنساء، ومحل ملابس نسائية  أطلقت عليها اسم (تشوك جوزال) تقع في مديرية خور مكسر، تقول عن تجربتها: "من عمر 17 سنة كانت هوايتي حب التصوير، وأتابع صور المجلات والمشاهير وأفكر كيف تم تصوريها ولم أمتلك حينها كاميرا، فكنت استعير كاميرا إحدى صديقاتي وأصور أهلي وأقربائي، وأستخرج الصور وأحفظها في الكمبيوتر".

تقول تهاني تبلورت فكرة إنشاء محل تصوير خاص بالنساء عام 2015 شهر يوليو، وافتتاح أستوديو في مديرية خور مكسر، ولكن تحت شروط معينة من أفراد أسرتي". وعن هذا الشروط تضيف تهاني: "أن يكون المحل للنساء فقط، وكان التحدي قوياً لاستقطاب الزبائن والعرائس، وكان هناك الكثير من الزبائن (عرائس فقط)، ومع استمرار العمل تم افتتاح قسم للعرسان".

وتتابع: "الوالد دعمني بمبلغ للتأسيس ودعمني بموقع الأستوديو والأهل جميعاً، وبعد الزواج كان زوجي الداعم القوي والشريك الأجمل مادياً ومعنوياً".
تهاني بعد نحاج تجربة الأستوديو قامت بافتتاح محل ملابس خاص بالنساء بالمشاركة مع زوجها، حيث قالت: "فكرت بهذا المشروع بالذات في الفترة الأخيرة بسبب قلة التنوع في البضاعة المتوفرة في السوق، وقلة المشاريع المبتكرة، وبسبب رغبة المجتمع بالتمتع في الخدمات والمشاريع دون احتياجهم للسفر للخارج، وكانت كرغبة مني أنا وزوجي في فتح مشروع جديد مشترك بيني وبينه، وفكرنا في أكثر مجال مطلوب وغير متوفر للعرائس، وبعد المسح الميداني للمحلات في السوق وتحديد مصادر البضاعة وجدنا أن أفضل خيار لفتح مشروع مشترك هو محل ملابس نسائية".

وتضيف: "زوجي خريج ماجستير إدارة أعمال. داعم مادياً ومعنوياً في كل تفاصيل العمل، والمشروع المشترك بيننا يدعم التواصل والشراكة الجميلة".
وأكدت تهاني أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت عامل جلب الزبائن لمشاريعها، وحاولت الابتعاد قدر الإمكان عن الحجز المسبق وعملت على توفير البضاعة والبيع الفوري في المحلات، واستغلت مواقع التواصل الاجتماعي للدعاية والإعلان للتسويق، وهي الطريقة الأساسية في استقطاب الزبائن بجميع المحلات والفروع، ويتضمن فريق كل مشروع عضواً مسؤولاً عن التواصل مع الزبائن عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وحالياً تم افتتاح فرع آخر لمحل (تشوك جوزال) في  الحجاز نتيجة للإقبال الشديد والمطالبة بفتح فروع أخرى، وستفتتح في كل مديرية فرعاً".

تختلف الصعوبات من مشروع لآخر، وتقول تهاني: "ما يعيق عملنا هو شحن البضاعة، حيث نضطر للشحن من الصين ودول الجوار إلى الخليج، ومن الخليج إلى اليمن، ولهذا نعاني تأخير وصول البضاعة لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، إضافة إلى تضرر بعض القطع، لكنه الخيار الوحيد سرعةً، لأننا قد جربنا الشحن البحري ويتأخر أكثر من البري أو الجوي".

ميلا مروان، خريجة الجامعة الأمريكية بالقاهرة من قسم تجميل، وهي إحدى الفتيات اللواتي ابتدأن مشروعهن التجاري في محل للملابس النسائية بعنوان: "ميلا فاشن"، انتهى هذا المشروع مع حرب 2015، ولكن مع إصرارها وحبها للتجارة، وإثبات لنفسها أن لا شيء يقف بين طموحها وشغفها. فقامت بفتح مشروعها الثاني وهو مركز (وجه القمر)، وهو عبارة عن مركز تجميلي ورياضي متكامل للنساء فقط توجد فيه الأدوات الرياضية الحديثة. افتتحت ميلا هذا المشروع بعد عزم وإصرار في مديرية المنصورة خلف محطة الرضا.

تقول ميلا عن الصعوبات التي واجهتها: "أولى الصعوبات كانت لكوني فتاة وأدير مشروعاً، والوضع الحالي في البلاد وعدم توفير الإمكانات لتسهيل عمل أي مشروع، وكذا نظرة بعض الافراد في المجتمع".
وتضيف: إن ما دفعني للنجاح هو أن الشخص الذي يحب عملاً ينجح، وأنا من حبي لعملي كنت واثقة من النجاح وهو مكتوب من رب العالمين".

نجحت ميلا في مشروعها الأول، مما دفعها الى التفكير بمزيد من المشروعات، وكانت الفكرة في التوسع والتغير وعمل شيء مختلف لخوض تجرِبة جديدة ومختلفة فقامت بافتتاح المشروع الثاني وهو مطعم للأكلات المختلفة أطلقت عليه (مطعم فيولا).
تقول ميلا إن السوشل ميديا هي أهم وسيلة وأهم عامل لنجاح العمل وهي أول خطوة لازمة لأي صاحب مشروع أن يفكر فيها، ونحن في زمن السرعة، وأكيد لها فضل كبير في التوسع والانتشار".

وتتابع ميلا: "أفكار مشاريعي من اجتهادي الشخصي، ولكن وجودي وحبي للعمل والداعم الأساسي لي هي أمي فهي أساس كل شىء وهي سبب كل نجاح وفكرة، ولا أنسى دعم أبي المالي وإخوتي المعنوي، طموحي كبير ومن حبي لعملي لا أريد التوقف، أريد أعمل مشاريع جديدة وعندي أفكار كثيرة، وإن شاء الله سيسهل رب العالمين، وأي واحدة مكاني تحب عملها وتحب مدينتها الصغيرة عدن، أملي أن أكون رافعة اسم عدن بعملي واجتهادي".

 وتختم: "تقصير المراكز التجارية والمشاريع الرجالية الخاصة دفعت تلك الفتيات إلى إثبات هويتهن وقوتهن في افتتاح مشاريعهن، ولكي نجد مكاناً خاصاً للملابس النسائية تكون البائعات نساء، ولكي تكون مدينة عدن مزدهرة بفتياتها اللواتي أصررن على تعزيز مجهودهن وتخطي الصعوبات خصوصاً في ظل الوضع الراهن، ورغم ما تمر به البلاد من شحة إمكانيات الموارد، إلا أن هناك أيادي نسوية شبابية قادمة على نهوض الشارع العدني".
 

مطاعم  ومطابخ نسائية ومحلات نسائية
فاتن محمد عبدالباقي امرأة تبلغ من العمر 28 عاماً خريجة هندسة، تقول عن مشروعها: "بدأت بفكرة المشروع بعد تخرجي من الجامعة، وكنت أفكر أن أشتغل بأي مشروع أضمن مستقبلي، لأن بعد تخرجي من كلية الهندسة بعد الحرب كنت يائسة من أني سأحصل على فرصة عمل بتخصصي ورأيت فكرة "الفود ترك" (سيارة نقل صغيرة تحمل مطعم متنقل) كانت منتشرة بالسعودية وأمريكا كنت أرى قناة "ناشونال جيوجرافيك"، وأرى الفود ترك وأحببت أن أقلد هذا المشروع بعدن، لأنه لم يكن موجوداً باليمن".

وقف رأس مال عائقاً، ولكن أمي منحتني شول ذهب، وبعت الشوال وخاتمي الذهب، وكان هدية حفل تخرجي، وعملت كشك خشب مع ست عجلات تقليداً للفود تراك بس بشكل بسيط، وكانت قيمته 150 ألفاً، واشتريت مكونات على قدي، وبدأت أطبخ بكورنيش المعلا، وهذا كان بنهاية 2016 مع بداية 2017، وفي هذه الفترة كانت القاعدة منتشرة، وناس كثير من خارج عدن كانوا يستغربون أن بنت تطبخ بالشارع".

فاتن حصلت لها الكثير من المتاعب
تقول فاتن: "حصلت على الكثير من التهديدات من عيال طائشين على أساس سيغيرون منكراً، لكن استمريت بالعمل، وفجأة أخذوا الكشك لأن بجانبي كان يوجد تاجر يبيع شيشة وانزعج مني لأن زبائني يتضايقون من رائحة الشيشة وتجمع الشباب، وللأسف بنفوذه قدر أن يقفل عليّ الكشك، ومن وقتها ما شفت كشكي بعد كذا، وفتحت خيمة على أساس أكون كل يومين بمنطقة الخيمة حرقت بالافتتاحية، وبعد كدا أجت مؤسسة (جسور)، وعملت لي السيارة اللي أشتغل فيها حالياً، والحمد لله اشتغلت وكانوا يتضايقون مني بعض الأحيان أصحاب المحلات وحاولت أتجنبهم وما أوقف جنبهم، وكمان الأمن كان يخاف ويقول لو حصل تفجير تتحملي المسؤولية المهم، وما كنت مستقرة وأخسر من بعد ذا الشي، ووقفت فترة بسبب خسارتي، واشتغلت من البيت طلبيات دليفري قبل سنة، وبعد كذا قررت أن أرجع للسيارة وأعمل حفل افتتاحية عشان الناس يعرفون موقعي الجديد، ونزّلت بصفحتي والناس وشاركوني فرحتي وعملوا لي الحفل مجاناً، والكل حضروا وغنوا ورقصوا ومثلوا، والحمد لله رغم الصعوبات عدّى الحفل على خير رغم أن إمكانياتي بسيطة وحتى الطلاء عملته بيدي عملت للسيارة وغيرت شكلها عشان أوفر حق العامل، وعملت كل شيء بنفسي وعلى قدي، وبدأت حالياً أشتغل من الصفر بإمكانيات بسيطة والحمد لله مستمرة بعملي بالحديقة الجديدة التي عند عدن مول، وفي الختام كان لا بد أن نلتقي بالسيدة كلثوم ناصر النواصري سيدة الأعمال، ورئيسة مكتب سيدات الأعمال بعدن لتحدثنا عن الصعوبات التي تعيق عمل النساء   والفتيات".

وأضافت: "يعتبر انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية أكبر معيق للعمل، ولهذا لا بد أولاً من السيطرة على سعر العملة مقابل الدولار أو الريال السعودي  وإيجاد آلية سهلة للاستيراد عبر مكاتب مسجلة في وزارة التجارة والصناعة مؤمّنة وموثوقة، وأن الصعوبات التي تواجه التاجرة، وخاصة في هذه المرحلة هي  عدم القدرة على استيراد البضائع نظراً للارتفاع المطرد لأسعار العملات الصعبة، وكذلك هناك إعاقات في معاملات البنوك، وإغلاق المنافذ البرية والجوية، فانعدمت الكثير من المواد المستوردة، وإذا توفرت فإن سعرها يكون مرتفعاً جداً".

وتابعت: "كذلك الأمن والاستقرار مطلوبان لعملية التنمية، والبلد بحاجة ماسة إلى سلام وأمن واستقرار، وعدم تواجد السلاح، وفتح أبواب المحاكم، وفتح المنافذ  البرية والبحرية والجوية، وتوافر شركات طيران مختلفة لأجل خلق أجواء تنافسية تنموية".
فالمرأة اليمنية عامة والعدنية على وجهه الخصوص امرأة قوية تتملك الشجاعة في تسير دفة العائلة حين تهاجمها الظروف الاقتصادية الصعبة المحيطة بها وبأسرتها  التي ربما تغرق قارب العائلة فتسرع المرأة لانتشال قارب الحياة لهذا الأسر، وبعد أن افتقدت هذه المرأة العاملة "السند" أي رجلها (أخاها أو أباها أو زوجهاً)، فربما  توفي البعض منهم نتيجة الحروب التي أكلت الأخضر واليابس والبعض انخرطوا في جبهات القتال، وهو ما شرد الكثير من الأسر.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى