عدن وغياب الدولة

> واقع عدن البائس والمحزن هو نتاج طبيعي لغياب مؤسسات الدولة والنظام والقانون الذي يضبط إيقاع الحياة فيها، ويدير مؤسساتها، ويراقب إيراداتها، ويحاسب كل عابث ومنتهك وفوضوي فيها، واقع يعبر عن فقدان مبدأ العدالة، كعمود أساسي للسلطة والحكم .
واقع تشكلت أمام أعيننا مكوناته وأفكاره وثقافته متسلحا للنعرات، ومصدرها برميل قمامات الماضي، حلقاتها الكراهية للآخر، ضاقت حلقاتها واستفحلت حتى أصابت المعنيين، فتنبهوا لخطورتها، خيرا وإن تأخر .

خير أسدل ستارا على السلبية القاتلة، التي كادت أن تهلك عدن أرضا وإنسانا، لتبرز حالة من الإيجابية ونقد ظواهر البؤس والأسى .
برغم النعرة، هي بداية تباشير وعي نقدي تشكل، سيسهم بالضرورة في حالة نبذ هذه النعرة، كلما تطور وعي الناس، وأدركوا حاجاتهم في مواجهة الظواهر السلبية وخطورة النعرات.

المهم هو كسر روح الإحباط والتذمر والعجز في مواجهة العبث، الذي سيطر على واقع عدن، ومحاولة فرض هذا الواقع بكل مآسيه وبؤسه، وهو يتيح المجال لآلة العبث للتحرك بأريحية، وتنشر حالة التجهيل والتغرير والتبرير والتدليس للألم والأوجاع والمآسي والانتهاكات والاغتيالات والانفلات الأمني والأخلاقي .

على أبناء ومحبي عدن الاستفادة من هذه الصحوة، لإنقاذ عدن، واستعادة روحها وألقها الأخاذ ودورها الريادي، وتنفض عن كاهلها العبث والانتهاكات، وتذل بالقانون العابثين والمنتهكين لسيادتها وحقها بالحياة الطبيعية مدينة جامعة فاتحة ذراعيها للجميع، لا تقبل أن تديرها العصابات والطامعين بها، بل تدار بنظام وقانون يطبع الحياة ويضبط إيقاعها.

عدن التي تفتقد اليوم سبل الحياة الكريمة، تفتقد لقوة القانون ومعايير النظام، تفتقد رجال دولة وحق، تفتقد الأمن والأمان، ومؤسسات الرقابة والمحاسبة، والقضاء والنيابة، والعدل والعدالة، عدن التي تحلم بإنصاف الضحايا، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمعارضين والمخفيين قسرا، ومحاسبة ومحاكمة القتلة والمنتهكين والباسطين والفاسدين واللصوص المتدثرين بسلطة الأمر الواقع .

عدن اليوم لا تعرف أين تذهب إيراداتها، ولا تملك ميزانية، ولن تعرف حجم المصروفات، عدن التي تتسول ميزانية تشغيل المؤسسات، وتتسول رواتب الموظفين الحقيرة التي لا تغني ولا تكفي حاجة الفرد المعيشية، من دول طامعة ومهينة لعدن .
عدن التي يفرض عليها التجهيل، بحجة حقوق المعلم، بمفارقة عجيبة، لا تسمح للمعلم أن يطالب المعنيين بتحصيل إيرادات عدن، وسلطة الأمر الواقع، بمهانة التسول من غير المعنيين ومن لا سلطة لهم بعدن.

هذا حال عدن المقلوب رأسا على عقب، لا سلطة أمر واقع قادرة أن تكون دولة تفي بالاستحقاقات، ولا ترك للدولة أن تكون سلطة عدن، ناهب لإيرادات عدن يتسول ميزانية عدن من غير سلطة عدن.

والنتيجة عدن دون كهرباء ولا ماء ولا خدمات، والأمن حدث ولا عجب، رجاله منتهكي أراضي عدن معالم عدن جزرها وجبالها، أرضها وناسها، حاميها حراميها، وتصرخ عدن، ويزداد صراخها، وتتوسع الاحتجاجات، وتنفرط حلقات سلطة الأمر الواقع التي تقع اليوم في فخ عدن، ومن ينقذ عدن ؟ وهي تنتظر ولن تحتضر هي أقوى وأشد قوة من عصابات العبث وناهبي المال والعابثين والمنتهكين، ستكون عدن مقبرتهم وسترميهم لمزبلة التاريخ، إنها عدن، تاريخها شاهد على ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى