يا معشر العرب.. طبّعوا أوضاعكم أولاً

> نجيب محمد يابلي

> أقام العرب الدنيا ولم يقعدوها، وهم يتحدثون ويصرخون آناء الليل وأطراف النهار في مجرى الحديث عن تطبيع العلاقات بين عدد من الدول وإسرائيل. لست معنياً هنا بالتطبيع أو اللا تطبيع، وإنما أريد أن أدلي بدلوي في أمر جوهري، ألا وهو أوضاع العرب داخل أقطارهم، وهي أوضاع لا أراها إلا في الحضيض.
المطلوب تطبيع الأوضاع قطريا لأن الجامعة العربية لم يتحسن أداؤها، ولم تحقق المصلحة الجمعية؛ لأنهم بؤساء على المستوى القطري. أوضاع الإنسان في البلد العربي تدعو للرثاء، وهم كذلك في الحقوق والواجبات، وكم تجد حالك وأنت في حالة سخط عندما تقف أمام دستور هذا الإنسان أو ذاك في هذا البلد العربي أو ذاك.

ما يدعو للسخط أن النسيج في هذا البلد أو ذاك ليس واحداً؛ لأن السكان يتوزعون في دوائر القبلية أو الطائفة، وهنا لا يكون الانتماء للوطن، وإنما للقبيلة أو الطائفة المخالفة مع روح وجوهر الإسلام؛ لأن الإسلام أممي شكلا ومضمونا، وتجد ذلك في الصحابة الأجلاء صهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي وعزز ذلك نبي الإسلام في حديث شريف نصه "ليس منا من دعاء إلى عصبية أو قاتل على عصبية أو مات على عصبية".

العربي غريب في وطنه إلا من رحم الله، لا يأمن ولا يضمن بقاؤه في بيته آمنا من أي إجراء تعسفي، ويسعفه الحظ في فرصة عمل أو تعيين في وظائف عليا في الداخل أو الخارج إذا أراد تطبيق قيم الإسلام على الأرض في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يقوى على المجاهرة بآيات النفاق الثلاث في المجتمع وهي متفشية طولاً وعرضا في أرجاء البلاد، إذا ركب رأسه وجد نفسه في خبر كان، ولا تستطيع أي قوة أن تصل إلى حقيقة ما حصل للضحية.

الناس في بلادهم معروفون بـ "الأخوة الأعداء" سواء أفرادا أم جماعات، أحزاب، منظمات، جماعات دينية، وملخص ذلك أن أوضاع الإنسان في بلاده غير طبيعية أو بحاجة لتطبيع.

هذا حال هذا البلد أو ذاك، وما يعانيه الإنسان من تهميش وإلغاء، ونفس هذه الأوضاع الشاذة تسري على البلاد العربية، بين هذا البلد وذاك، ولم يصل العرب بعد إلى التكامل الاقتصادي بين البلاد العربية، ولم يصل العرب بعد إلى إقامة مشاريع سياحية واقتصادية مشتركة، وليس بوسع المواطن العربي قضاء إجازة سياحية ينتقل خلالها بسيارته، مثلا، بين عدد من البلاد العربية.

العرب، إلا من رحم الله، لم يعرفوا ولم يحترموا بعضا على مستوى البلد الواحد والبلدان العربية الأخرى، فهم الإخوة الأعداء على مستوى القطر الواحد أو الأقطار العربية
العرب حتى الآن في ذيل القائمة على مستوى الشفافية ودخل الفرد والدخل القومي وعلى مستوى الأبحاث وعلى مستوى المسائلة والشفافية والمحاسبة، وعلى سبيل المثال: القانون يطال أكبر رأس في البلاد داخل إسرائيل، فرئيس الجمهورية كاتساف قضى في السجن ثلاث سنوات بتهمة التحرش بإحدى موظفات الرئاسة.

ورئيس الوزراء أولمرت ما يزال في السجن، ونتنياهو تدور ملفاته في أروقة الجهات المختصة، وبلاد العرب خالية تماما من قوة القانون، ولا يطال الرؤوس العربية الكبيرة.
على العرب أن يطبعوا أوضاعهم أولاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى