شذرات من سيرة الفقيد د. عبدالعزيز الدالي

> أ. قاسم داود علي

> رحم الله الفقيد عبد العزيز الدالي الذي صدمنا وأحزننا رحيله المفاجئ عصر يوم الجمعة 7/8/2020 بعد عمر ناهز الثالثة والثمانين عاماً، وحياة حافلة بالعطاء والمآثر، حياة عامة وخاصة جسّدت أنبل وأسمى القيم الإنسانية التي أكرمه بها الخالق عز وجل، وظلت متأصلة وراسخة في حياة الفقيد ونشاطه كالدم الذي يتدفق في شرايينه، والهواء الذي يتنفسه.

رحل الفقيد د. الدالي تاركاً للأجيال ولكل من يسعى لبلوغ "النجاح" تجربةً وإرثاً. عاش الفقيد حياته بكل مراحلها وتقلباتها حتى أيامه الأخيرة بسيطاً زاهداً متواضعاً فاعلاً في حقل النشاط العام، محباً للناس، نظيف اليد مرتاح الضمير، صادقاً ووفياً مع نفسه ومع غيره. وبهذه السجايا والصفات والقيم الحميدة خاض الفقيد معترك العمل الوطني والسياسي، وتحمل أرفع المناصب والمسؤوليات السياسية والتنفيذية والدبلوماسية منذُ أكثر من ستة عقود من الزمن، وبها واجه الفقيد كغيره الأوضاع المعاكسة، والظروف القاهرة والاستثنائية.

وفي كل الأحوال، ظل الفقيد شامخاً متمسكاً بالقيم والمُثُل والأهداف العامة التي آمن بها وأسلوب حياة ودور رسمه لنفسه. لم تحرفه أو تبعده عنها لا الانتصارات ولا المناصب ولا المسؤوليات، ولا أيضاً الانكسارات والخروج من السلطة وترك المنصب والعودة للحياة الطبيعية كأي مواطن عادي.

لم يجعل من الأولى هدفاً نهائياً ووحيداً، ولم يعتبر الثانية نهاية الحياة. تعامل الفقيد مع التحولات العامة بكل مظاهرها وتجلياتها وتقلباتها، وبكل شؤونها وشجونها من موقع "الإنسان" الذي يحترم ذاته ومكانته ودوره، وما يمثله من قيم وتطلعات عامة وخاصة، وأسلوب حياة. تعامل مع السياسة والانتماء السياسي باعتدال ومرونة وعقل متفتح ومتسامح، لم تجد نزعات التعصب والخصومة والعداء مكاناً لها في تفكير الفقيد وسلوكه.

ويحسب للفقيد الدالي أنه حرر نفسه من الأصولية الفكرية والسياسية، ومن تقديس الشعارات والمقولات والمشاريع التي أثبتت فشلها وطوباويتها وابتعادها عن الواقع.
يحسب له أنه قام بمراجعات ذاتية رصينة وعميقة لتجربة ومشاريع ورؤى كان جزءاً منها، ولقد كان موقفه المتقدم من القضية الجنوبية وموافقته على القيام بدور المستشار السياسي لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نتيجة لها، وهو الموقف الذي أتمنى أن ينظر له بكل ما له وما يعنيه من رمزية ودلالات.

يحسب للفقيد أنه لم يتكلم قط عن نفسه، ولا عن دوره، ولا عن حقوق مكتسبة وأملاك شرعية تم مصادرتها بعد حرب 1994.
لم يذكر قط ظروفا مر بها، وصعوبات واجهها. لقد فضل العودة لمهنته التي هجرها قبل أكثر من خمسة عقود، ورفع فوق منزله الشخصي لوحة كتب عليها "عيادة د. الدالي لطب وجراحة الأسنان".

رحم الله الفقيد عبدالعزيز الدالي وأسكنه فسيح جناته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى