إلى الانتقالي مع التحية

> أمر عجيب يحدث. البعض عنده فوبيا من أي نقد يمكن أن يقرأه أو يسمعه، وتجده عند سماعه أو قراءته لأي نقد (في شأن عام ونحن نركز على الشأن العام الذي يهمه ويهمني ويهمنا كجنوبيين) ينتفض وكأن مسا أصابه ويكتب أو يقول ما معناه إن من ينتقد أو يبدي رأيا أو ملاحظة هو ضد المنتقد -وفي حالتنا يدور الحديث تحديدا عن الانتقالي- مع أن الأمور ليست كذلك بالمطلق، فنحن من فوضنا الانتقالي ومن مناصريه منذ لحظة ولادته وما زلنا، رغم تحفظنا عل بعض سياساته. لكن هؤلاء الإخوة متمسكون بالمبدأ القديم: من ينتقدني فهو ضدي. وهو أمر قد تجاوزه الزمن وولى مع لا صوت يعلو فوق الصوت الواحد شخصا كان أو حزبا.

من يعمل يخطئ ومن يخطئ يجب تصويبه.. هذا هو معيارنا في النقد وتحديدا حينما يكون الشأن عاما ويمس شعبا بأكمله، ولا مجال هنا للمصطادين في الماء العكر.

نكرر وسنظل نكرر في هذه المرحلة.. إنه يجب علينا تقييم الأداء السياسي للانتقالي، خلال الفترة المنصرمة منذ تأسيسه، تقييما شجاعا، واستخلاص الإيجابي وتفعيله وتوسيعه والبناء عليه تراكميا، وكذا تقييم الإخفاقات السياسية تحديدا التي صاحبت عمل المجلس، وتصحيح ما يجب تصحيحه. غير أن من يناط به إجراء التقييم لابد وأن يستند للعقل الجمعي الجنوبي ولدينا الكثير من الرجال المؤهلين سياسيا وفكريا وعسكريا وعلميا. لذلك لابد من إجراء التصحيحات الهيكلية المناسبة في بنية وتركيبة المجلس الانتقالي كمنظومة سياسية بعد أن ثبت للجنوبيين أن الأداء والعمل بالطريقة الحالية ليس بالمستوى المرجو ولا يتناسب وصعوبة وخطورة الوضع الذي وصلنا إليه، نتيجة لضعف بنيوي تنظيمي، وضعف نوعي ذاتي يتعلق بنوعية الكادر القيادي الذي هو بحاجة للتطوير النوعي.

لابد من ضخ مزيج من الدماء الجديدة الشابة والمؤهلة، بالإضافة لذوي الإمكانات والقدرات والتجربة السياسية الكافية من المؤمنين بالقضية الجنوبية.
لابد من الانفتاح الحقيقي والمثمر على كل القوى التي في الداخل وأحداث حالة من تقوية الجبهة الداخلية. وأخيرا لابد من الانفتاح على الشعب والتعامل معه بمسؤولية وشفافية فهو سيد القرار ومالكه.. بل إنه من أتى بكم لتمثلوه، وتقودوه نحو هدفه المحدد بدقة في أدبيات المجلس.

حالة الدربكة والفراغ السياسي الموجود أيا كانت أسبابه (ومن أبرزها هجرة الرؤوس القيادية إلى الجزيرة والخليج وعدم تناغم عمل هيئات المجلس) يجب أن تنتهي وفي أسرع وقت ممكن.
نحن بحاجة لتحديد وحسم مواقف سياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، وبحاجة للتعامل الجاد والحاسم مع مجريات العمل السياسي الراهن والمستقبلي بشجاعة حقيقية، ومسؤولة على قاعدة الإيمان بحق الشعب الجنوبي في الحياة والتطور كبقية الشعوب على هذا الكوكب، من خلال استعادة دولته على حدود مايو 1990.

استمرار الوضع كما هو عليه في ظل الانهيار الاقتصادي وبلوغ الغلاء أعلى مراتبه (ولا يزال في تصاعد دائم)، وانكشاف العداء السافر للجنوب وقضيته، والحصار المفروض على الجنوب أرضا وإنسانا، وبروز وفتح أكثر من جبهة والتآمر السافر على القضية الجنوبية من القريب والبعيد والداخل والخارج يجعل من السكوت على ما يحدث جريمة مع سبق الإصرار في حق الشهداء الأبرار الذين بذلوا حياتهم رخيصة، والأحياء والجرحى والمغيبين في السجون، جريمة كبرى في حق الشعب الذي منحكم ثقته.

اصدقوا مع أنفسكم، اصدقوا مع شعبكم، اصدقوا مع شهدائكم، اصدقوا مع آباء الشهداء الذين وهبونا حياتهم من أجل كرامتنا وحريتنا، وستجدون بحق ما يعليكم مكانة ومقاما.. وستجدون رافعة الشعب الجنوبي تضعكم في المقام الذي تتمنوه أو تستحقوه. رافعة الشعب ولا غيرها هي من ستنتصر لكم وتنصركم.. بعد توفيق المولى عز وجل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى