خيبة أمل!

> عبد المنعم الشرمي

> حياناً أشعر بالغربة الداخلية أشرع بالبحث بين أوراقي القديمة المشبعة بعبق الماضي، بحثاً عن جمال ذكرى قديمة، عن شجن لذيذ مختبئ بين الجوانح.

أغرق في لذة اشتمام رائحة الماضي العتيق ككلب بوليسي.

لكن أدرك في الأخير، أن كل شيء له ثمن، حينما اكتشف أني شرعت توا في نبش ركام المواجع، مواجع خلت أن الزمن قد تكفل بدفنها للأبد.

ودون شعور أجد نفسي أدور في حلقة مفرغة من الخواء الداخلي، كتائه ظل طريقه وسط درب صحراوي، لا تسمع فيه سوى صوت صفير رياح موسمية جافة!!

ولا تنفك تستحوذني رغبة خفية، في مواصلة المسير على دروب الذكرى نحو المجهول.

أقف واستحث توالي الفصول أملاً في قدوم فصل ربيعي مشرق ومزهر تتدلى من أطراف أغصانه الغضة براعم أحلام لا زالت في طور التفتح.

لكن عوضاً عن ذلك أشعر بالاختناق والعطش في خضم فصل صيفي غائظ، أحث الخطى نحو سراب نبع حنان بارد أملاً في الارتواء، مستظلاً بفيء ذكرى وارفة.

ولم تمض سوى برهة من زمن، لأجد نفسي أصارع عواصف زمهرير شتاء قارس، في خضم ارتعاشي التفت يمنة ويسرة بحثاً عن الدفء.

فتلوح أمامي أطياف صحاب مضوا دون وداع ذات موجة رحيل مفاجئة.

وأشرع أفتش عن ود قديم في ملامحهم المألوفة و المستترة خلف الأقنعة، أدلف متوغلاً إلى لجة أعماقهم، أغرس أطراف أنامل مشاعري المرتعشة في لجة غور أعماقهم، وأستجدي قبس من دفء، لازال يضج بالألفة أوهكذا خلت مخطئا.

ولا أكل أو أمل من البحث عن أوار شوق قديم لازال متقداً.

فيحول بيني وبين ما أردت، مشاعر باردة كقوالب جليدية، متشظية، ومنتصبة على أرضية ركام ثليجية خشنة وصلدة.

بينما تتلوى مشاعري ألماً وتعاني من الآلام قظمة وحش الجليد الرابض في لجة ذلك الغور الموحش.

أجاهد كي أستعيد توازني واجمع شتات أحاسيسي المقظومة والنازفة، بينما تردد جوانب أعماقهم صدى استغاثاتي، دون أن يرمش لهم جفن، وأنا أتشبث بأمل الخروج من لجة ذلك العمق الذي خلت أنه سيكون ملاذي، كما عهدته في تلك الأيام الخوالي، وأضحى كغور غريب بارد وموحش، ومن ثم أعود أدراجي خائب الأمل، بمشاعر وأحاسيس مقظومة نازفة،، وقلب متشظي.

وأدرك ولو متأخراً أن كل شيء في هذه الحياة خاضع لقانون التغير، الصحاب، المبادئ القيم،

وحتى الحياة ذاتها.

أدركت، أن الثابت الوحيد والمسحوق تحت رحى عجلة التغيير المتسارعة، في خضم هذه المعادلة المتغيرة، هو وفائي ومودتي فقط.

بعد أن أيقنت أن بقايا الذكريات التي تأبى النسيان هي أشد ثباتاً، وأكثر وفاءً، من أصحابها.

يا لغبائي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى