الصراع على عدن.. مواجهة التهديد الصيني بمثلّث المحيط الهندي

> «الأيام» سوث 24 :

> قالت مجلة صينية بارزة، إنّ خبراء الشرق الأوسط اكتشفوا تحولًا في التركيز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع توقيع اتفاقية مؤخرًا بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة لتطبيع العلاقات، مشيرة إلى تغيّر التحالفات في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة الصراع على عدن وخليجها والبحر الأحمر.
وبحسب المجلة الصينية الإلكترونية "ثنك تشينا"، فإنّ "القضايا في المستقبل ستدور حول الانقسام بين العرب والإسرائيليين والأمريكيين من جهة وإيران من جهة أخرى".

وأظهر تقرير المجلة الذي كتبه الأكاديمي الصيني البارز، ما هايون، وهو أستاذ مشارك في علم التاريخ بجامعة "فروستبورج" الأمريكية، قلقاً صينياً من هذه التطورّات، ملوّحاً بإمكانية تصعيد الصين للأمور في هذه المنطقة.
يقول التقرير أنّ "تدخّل الصين، خصوصاً مع تطوّر علاقتها الأخيرة مع إيران، فضلاً عن مصالحها في البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي والمحيط الهندي، باستطاعته تصعيد الأمور في المنطقة على خلفية التوترات الأمريكية الصينية".

ويعتبر التقرير "قيام دول الخليج العربية وإسرائيل بتنمية العلاقات مع بعضهما البعض بهدوء منذ التسعينيات بأنّه هو سر مكشوف".
ويضيف "توقيع الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل في 13 أغسطس، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مثير للصدمة. يعتقد خبراء الشرق الأوسط عمومًا أنّ هذه الاتفاقية تشير إلى تحول في التركيز من الصراع الفلسطيني/ العربي الإسرائيلي التقليدي إلى العداء بين الكتلة العربية الإسرائيلية الأمريكية وإيران".

وعلى الرغم "من الجدل الذي أثير حول دقة المعلومات التي صرح بها الموقع العسكري "South Front" الذي يقال إنه مرتبط بموسكو، في 28 أغسطس، من أنّ الإمارات وإسرائيل تبنيان قاعدة مشتركة لجمع المعلومات الاستخبارية في جزيرة سقطرى اليمنية". إلاّ أنه "بالإضافة إلى العداء المفتوح بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى في الخليج العربي، تكشف هذه الأخبار أيضًا عن المخططات للإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى في مواقع استراتيجية مثل خليج عدن والبحر الأحمر وساحل القرن الأفريقي". بحسب المجلة الصينية.

سقطرى جائزة استراتيجية
يقول التقرير الصيني إنّ "سقطرى تعني باللغة السنسكريتية "جنة عدن" أو "الجنة"، ويتكون هذا الأرخبيل من أربع جزر وجزيرتين صغيرتين، ويحرس خليج عدن والبحر الأحمر والقرن الأفريقي والمنطقة الشمالية الغربية من المحيط الهندي".
واتهم التقرير الصيني الإمارات بأنّها تنوي "السيطرة على سقطرى، أعقاب اندلاع الحرب الأهلية في اليمن واستيلاء حركة الحوثي (دعاة الأقلية الشيعية الزيدية) على عدن في عام 2015.

وقال التقرير إنّ "الحكومة المركزية اليمنية انتقدت الإمارات في التعاون مع القوات الانفصالية اليمنية الجنوبية في محاولة للاستيلاء على سقطرى وإقامة ما يسمى بـ "جزر السلام" و "مناطق عدم الحرب"، في يونيو 2020، طرد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات القوات التي تقودها السعودية من الجزيرة، ومن الآن فصاعدًا وُضعت سقطرى في أيدي الإمارات والحكومة المحلية اليمنية الجنوبية المدعومة من الإمارات".

مفتاح التحالف
وتطرق التقرير لما وصفه "محاولات الإمارات للحصول على طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-35 عبر إسرائيل. ووفقًا لوسائل الإعلام الأمريكية، كان جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليهودي، هو من دفع باتجاه بيع الأسلحة الأمريكية. أثارت هذه الخطوة الغريبة الكثير من الجدل بين المنظمات الحكومية الأمريكية وأعضاء الكونجرس الأمريكي. بعد خلاف قصير بين كوشنر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ادعت إسرائيل بشكل غير متوقع أنها لا تعارض مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات".

تقول المجلة الصينية "بصرف النظر عن السيطرة على سقطرى، حصلت الإمارات العربية المتحدة أيضًا على قواعد عسكرية في أرض الصومال من خلال دعم القوات الانفصالية الصومالية (وأقامت أرض الصومال مؤخرًا علاقات مع تايوان). بالإضافة إلى ذلك، من خلال تمويل إريتريا والحكومة العسكرية السودانية، أنشأت الإمارات "سلسلة اللؤلؤ" تمتد من سقطرى وأرض الصومال إلى موانئ إريتريا والسودان. من خلال الاعتماد على هذه المعاقل الاستراتيجية، تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة بناء تجارة بحرية معقدة وقوة عسكرية على طريقة الحرب البيلوبونيسية." (حرب يونانية قديمة نشبت بين الحلف الديلي بقيادة أثينا ضد الاتحاد البيلوبونيزي بقيادة أسبرطة - ويكبيديا).

ولتحقيق ذلك، فإن التعاون العسكري بين الإمارات وإسرائيل أمر حتمي. كما تزعم المجلة "سواء من حيث الخبرة والمعدات التقنية والشبكات والتنظيم، فلا غنى عن التعاون والمساعدة من إسرائيل".

خلق حصن ضد الصين
وبحسب التقرير فإنّ هذه المساعي هدفها خلق "حصن ضد الصين. بالنسبة للإمارات، فإنّ أهم مكسب من التعاون مع إسرائيل هو تعميق العلاقات الإماراتية الأمريكية من خلال الأخيرة، وبالتالي الحصول على دعم سياسي من الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة متطورة وحتى دعم عسكري منهم. يعمل التعاون الدقيق بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل في خليج عدن بنفس تأثير اقتراح المملكة العربية السعودية بشأن "الناتو العربي" في عام 2017، والذي من المفترض أنه يهدف إلى الحد من النفوذ المتزايد لروسيا والصين في الشرق الأوسط (خاصة سوريا)".

وتعتبر المجلة مزاعم التقارير التركية والإيرانية حول قاعدة جمع المعلومات الاستخباراتية المشتركة بين الإمارات وإسرائيل في سقطرى بأنّها "تستهدف إيران وباكستان والصين".

حيث رأت بأنّه "على المدى الطويل، ستساعد المحاور الاستراتيجية التي تربط المحيطين الأطلسي والهندي عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط على ترسيم وتأمين الحدود، مع بناء اتصالات سلسة وفقًا لاستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ التي أطلقتها الولايات المتحدة واليابان في أستراليا والهند، وبدعم من الآسيان وألمانيا وفرنسا. هذه المعاقل الاستراتيجية تشكّل لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب المحيط الهندي، وكذلك القاعدة الأمريكية في دييجو جارسيا، مثلثًا ثابتًا للمحيط الهندي يسيطر على البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي وحتى المنطقة الكبرى غرب المحيط الهندي".

ويضيف الأكاديمي الصيني في تقريره "فقط في ظل خلفية هذه التغييرات الجيوستراتيجية يمكن فهم الاتجاهات المستقبلية في العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة بعمق. هذا من شأنه أيضًا أن يفّسر اتجاهات العلاقات الجديدة بين البلدان الواقعة على الساحل الشمالي للمحيط الهندي، والتي قد تبدو غير طبيعية في البداية، ولكنّها في الواقع طبيعية تمامًا".

تختتم مجلة "ثينك تشينا" تقريرها بالإشارة إلى أنّ "هذا الانتقال الجيوستراتيجي المتمركز في عدن والبحر الأحمر يفسّر إعادة تنظيم بعض العلاقات في المنطقة وخارجها. فقد كثفت الإمارات والسعودية وإسرائيل وتركيا وحتى إيران من تنافسها على ساحل البحر الأحمر. وقامت إريتريا والسودان بتمويل وتوجيه من الإمارات بتحسين العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة بشكل كبير. حتى أرض الصومال تطالب بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

"اختارت الإمارات والسعودية دولة الهند كشريك استراتيجي رئيسي لهما، بدلاً من حليفتهما التقليدية، باكستان. ومن الواضح أنّ حدة الصراع السياسي بين الإمارات والسعودية قد اشتد في منطقتي عدن والبحر الأحمر".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى